سياسة لبنانيةلبنانيات

جلسة للجان النيابية مخيبة للامال واشتباكات عنيفة ومؤامرة هي الاقوى في التدمير

من هم المتلاعبون بالدولار… ولماذا اضربت المصارف ولماذا عادت في هذا التوقيت؟

ما يجري على الساحة اللبنانية ليس معقولاً ولا مقبولاً ولا مفهوماً. لماذا هذا الانهيار ومن يخطط له، ومن المسؤول عن تنفيذه؟ كيف يقفز الدولار من مئة الف الى مئة وخمسين الفاً في غضون دقائق، وكيف يتراجع بالسرعة عينها؟ هل هناك مخطط جهنمي يستهدف الوضع المالي والاقتصادي، ام انها لعبة سياسية تحاك في الغرف السوداء لانهاء البلد؟ اسئلة كثيرة تبحث عن اجوبة غير متوفرة. وتداعياتها الكارثية تقع على رؤوس اللبنانيين الذين تركوا لقدرهم، واصبحوا لا حول ولا قوة لهم، ولم يعد امامهم سوى امرين لا ثالث لهما: اما الاستسلام للموت البطيء يزحف اليهم، واما المواجهة في الشارع، باب الخلاص الوحيد المتوفر.
امس عقدت اللجان النيابية اجتماعاً لها للبحث في عدد من المشاريع المدرجة امامها. الا انها قررت بحث الوضع المعيشي الكارثي وتوضيح بعض الامور الغامضة، امثال القفزات الجنونية التي يسجلها الدولار. وحضر عن الحكومة نائب رئيسها سعاده الشامي، ولم يحضر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كعادته، فارسل ممثلاً عنه. وكذلك حضر وزير المال يوسف خليل. وعلى غرار الجلسات الاحدى عشرة التي عقدها المجلس النيابي تحولت جلسة اللجان الى هرج ومرج ومهزلة، وصفها النائب جورج عدوان رئيس لجنة الادارة والعدل، انها مخيبة للامال. ولم يحصل النواب على جواب واحد عن كل الاسئلة التي طرحت، من يتلاعب بالدولار، ومن هم المنفذون؟ وما هي الغاية منه؟ ما هي الخطط لمواجهة هذا التدهور؟ الى اخر السلسلة الا ان احداً من المعنيين لا يملك الاجوبة. فالحكومة اصلاً غائبة عن الساحة، ولا وجود لها، والا لكانت تدخلت وواجهت هذا المخطط الجهنمي، والمصرف المركزي تشبه بها وممثل سلامة في الاجتماع لم يجب ولا عن اي سؤال، وكذلك فعل وزير المال، وهو اصلاً لا دور له سوى البحث عن ابواب جديدة لفرض الضرائب.
والسؤال المهم الذي طرح لماذا اضربت المصارف ولماذا عادت عن اضرابها وفتحت ابوابها، وفي هذا الوقت بالذات، وبتعليمات من اي جهة؟ وماذا جنت من هذا الاضراب سوى ممارسة المزيد من الاذلال للناس، وخصوصاً المودعين؟ اذا كانت هذه المصارف التي بددت اموال المودعين دون استشارتهم او موافقتهم، تحاول الهروب من الحساب، فهي مخطئة بالتأكيد. والمؤامرة الواضحة التي انعكست في خطة التعافي الحكومية، لن تمر، ولن تفيدها. لقد حاولت الحكومة ان تبرىء نفسها وتبرىء معها المصرف المركزي والمصارف ولكن مؤامرتها كانت مكشوفة، وكان رفض قاطع وشامل لتحميل المودعين الخسائر. فالافضل ان يتكاتف الثلاثي المسؤول عن تبديد اموال الناس، والمؤلف من الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف، وان يعمل بمساعدة الخبراء على وضع خطة علمية تعيد الاموال الى اصحابها خلال فترة زمنية محددة ومعقولة. فليس هناك مودع واحد مستعد لان يتخلى عن تعبه وجنى عمره وسيلاحق المسؤولين عن ضياع امواله الى اخر العمر.
وفيما كانت جلسة اللجان منعقدة، وصل اليها دخان القنابل المسيلة للدموع التي كانت تطلقها القوى الامنية على العسكريين المتقاعدين واصحاب الودائع، الذين تجمعوا في ساحة رياض الصلح مطالبين بحقوقهم وبانصافهم بعدما أكلت مؤامرة الدولار رواتبهم، وقد حاولوا اجتياح الشريط الشائك للوصول الى السرايا. وتدخل الجيش للفصل بينهم وبين القوى الامنية، وطلب منها وقف القاء القنابل المسيلة للدموع، لقد طفح الكيل، وانفجر الشارع من جديد، وسيشتد في الايام المقبلة، طالما ان الحكومة غير موجودة والمعالجات غائبة. ولكن المستغرب جداً كيف ان القوى الامنية التي تعاني من الضائقة الاقتصادية والمعيشية مثلها مثل المتظاهرين وربما اكثر، تستخدم العنف ضدهم بهذه القسوة الشديدة. والانصاف يقضي بان تقف الى جانبهم وتساعدهم على نيل حقوقهم علها تحصل هي ايضاً على حقوقها.
البلد لم يعد بلداً، بل مجموعات تتصرف على هواها في غياب تام للمسؤولين اللامسؤولين. ولا تصدقوا ان النواب قادرون على محاسبة الحكومة. فكلاهما خاضعان للمنظومة اياها تتحكم بهما كيفما تشاء. هل سمعتم يوماً ان الثقة النيابية سحبت من حكومة او من وزير؟ بالطبع لا. لانه لا يمكن لاحد ان يحاسب نفسه. فالمجلس النيابي والحكومة خاضعان لمرجعية واحدة. فكفوا عن الاوهام وحاولوا اخذ حقوقكم بوسائلكم المتوفرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق