سياسة لبنانيةلبنانيات

جريمة نكراء ترتكبها المنظومة الفاشلة ويلاقيها الدولار للقضاء على اللبنانيين

المصرف المركزي يعود الى المعالجات الترقيعية ويضرب الاتصالات والكهرباء

تلاحقت الاحداث الدراماتيكية على الساحة السياسية والمالية يوم امس، وكان النجم الاول فيها الدولار الاميركي، الذي قفز فوق كل الحواجز وراح يسجل ارتفاعات جنونية غير مسبوقة. وفي دقائق معدودة سجل ارتفاعاً قدره 35 الف ليرة دفعة واحدة، في خطوة اعتبرت جريمة بحق شعب باكمله، يرتكبها المضاربون والمتلاعبون بلقمة عيش الناس، دون ان تحرك المتربعين على كراسي السلطات التشريعية والتنفيذية. لقد اثبتت هذه الاحداث ما هو معروف ومؤكد، ان خيار اللبنانيين لم يكن على المستوى المطلوب في الانتخابات، لذلك ولد مجلس نيابي ليس على مستوى الاحداث، وهو منذ خمسة اشهر يتخبط، ويعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، يكون منطلقاً لتستعيد الدولة حركتها. وكذلك هو حال السلطة التنفيذية، التي تكثر من التصاريح، والنتيجة لا شيء. فلا اتفاق مع صندوق النقد الدولي تحقق ولا تسيير امور الناس يتحقق. ومن المؤكد انه ما لم يتم تغيير هذه الطبقة السياسية برمتها فسيبقى الوضع على حاله من الانهيار. لقد ادت واجبها في دفع البلد الى جهنم ويكفي ذلك وعليها ان ترحل بعيداً عن اي خطوة سياسية لانها ليست اهلاً لها.
وصول الدولار الى المئة وخمسين الف ليرة حرك المصرف المركزي فعمد الى الحلول الترقيعية اياها. ورفع سعر منصة الصيرفة الى 90 الف ليرة ودعا المواطنين الى استبدال ما يحملونه من عملة لبنانية بالدولار مؤكداً ان الدفع يتم بعد ثلاثة ايام. فهبط سعر صرف الدولار الى 105 الاف ليرة ثم عاد وارتفع الى 110 الاف. وهذه الخطوة رغم انها مؤقتة وسرعان ما يستعيد الدولار ارتفاعه فهي سلاح ذو حدين. لان رفع سعر الصيرفة الى 90 الف ليرة يقضي على قطاع الاتصالات المرتبط خطأ بمنصة متحركة بجنون كلي، وقد بدأ العديد من المواطنين يتخلون عن هواتفهم الجوالة، بعدما وصل التشريج الى حوالي المليون ليرة. كذك فانه يجرف معه فاتورة الكهرباء المرتبطة هي الاخرى بالمنصة المتحركة تضاف اليها زيادة 20 بالمئة، ويعجز الكثيرون من سدادها. فهؤلاء لم يشتركوا بالمولد لانهم عاجزون مالياً عن الدفع، فكيف سيسددون فاتورة الكهرباء التي باتت تفوق فاتورة المولد؟ نريد جواباً صريحاً من المعنيين فهل يفعلون ام يستمرون في سياستهم العشوائية البعيدة كل البعد عن المستوى المطلوب وعن مصالح الناس؟
كل هذا دون ان نتحدث عن الجريمة الاشد والادهى التي يرتكبها المتلاعبون بالدولار، وتتظهر في اسعار الدواء والمواد الغذائية والمعيشية في السوبرماركت وقد فاقت بكثير قدرة المواطن على الشراء. فحركت المواطنين اخيراً بعد سبات عميق، فنزلوا الى الشوارع في مناطق عديدة وقطعوا الطرقات ودعوا الى اضرابات واعتصامات وسيواصلون تحركهم اليوم وفي الايام المقبلة، دون امل كبير بالوصول الى نتيجة مع هذه المنظومة الفاشلة، والتي اوصلت لبنان وفق لائحة اممية صدرت امس، الى المرتبة 136 من حيث الانهيار، وبات يتسابق مع افغانستان على بلوغ قعر الهاوية. مع العلم ان افغانستان احتلت المرتبة 137. وقبل سنوات ويوم كان يتربع على كراسي الحكم في لبنان رجال بما تحمله الكلمة من معنى، كان هذا البلد من بين العشر دول الاولى من حيث الرفاهية والازدهار. فاي جريمة ارتكبت هذه المنظومة بحقه ومن يحاسبها؟
والمضحك المبكي ازاء هذا الوضع غير المسبوق، ان اللجان النيابية التي تداعت الى الاجتماع اليوم، خصصت جلستها لمساءلة الحكومة والبنك المركزي عن الوضع الكارثي الذي وصل البلد اليه، وقد طلبت منهما ارسال ممثلين عنهما لحضور الجلسة والرد على اسئلة النواب. هذه الخطوة كان يمكن ان تكون ذات فعالية، لو ان النواب يقومون بواجبهم وينتخبون رئيساً للجمهورية. لذلك عليهم قبل محاسبة الاخرين ان يحاسبوا انفسهم، وان يطالبوا رئيس المجلس النيابي بالدعوة الى جلسة مفتوحة للانتخاب تجرى خلالها دورات عدة الى ان يتم التوافق وينتخب الرئيس. في الحقيقة لا شيء يسير طبيعياً في هذا البلد، لان المتحكمين بالسلطة وبامور الناس ليسوا على المستوى المطلوب. والخطوة الاولى التي يجب ان تتخذ في هذا المجال هي ازاحة هذه الطبقة الفاشلة والا عبثاً نحاول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق