الشائعات كثيرة والحقيقة ضائعة والشغور الرئاسي الى امد غير محدد
ثلاثي الجريمة بحق الشعب الدولة والبنك المركزي والمصارف يمعنون في الهروب من المسؤولية والدولار مئة الف
ما زال الاتفاق السعودي – الايراني يشغل الاوساط السياسية، وهو مدار تعليقات وتكهنات متناقضة حيناً ومتطابقة احياناً، فيما الحقيقة غائبة عن الجميع وكل ما هو ظاهر منها حتى الان ان الافق مسدود ولا من بوادر حول قرب انتخاب رئيس للجمهورية، يكون الخطوة الاولى على طريق الاصلاح ومساعدة البلد على النهوض. فالاوساط السياسية تنتظر اشارة من هنا او هناك لتبنى عليها، وغالباً ما تكون تحليلاتها بعيدة عن الواقع.
يوم امس واصل السفير السعودي وليد بخاري اتصالاته بالمسؤولين، فزار قبل الظهر عين التينة حيث اجتمع الى الرئيس نبيه بري وخرج دون الادلاء باي تصريح. ولما سئل عما اذا كان هناك ايجابيات، اكتفي بالقول: «اكيد». ومساء انتقل السفير بخاري الى كليمنصو حيث اجتمع الى الوزير وليد جنبلاط ولم يرشح اي شيء عن هذا الاجتماع، مع التذكير بان جنبلاط سبق له وطرح ثلاثة اسماء حيادية للرئاسة، قائد الجيش وصلاح حنين وجهاد ازعور.
الرئيس بري استقبل بعد الظهر نقابتي الصحافة والمحررين وامام الحاضرين تولى رسم صورة زاهية لمرشحه للرئاسة الوزير السابق سليمان فرنجية. مقدماً المغريات واعداً باستراتيجية دفاعية وغيره من الملفات المتعثرة. وحاول البعض الربط بين هذا الموقف لبري وزيارة السفير السعودي له وبنى على هذه الزيارة ليقول ان المملكة تراجعت عن موقفها وقبلت بفرنجية. الا ان مصادر محايدة اكدت ان مواقف المملكة لا تتبدل، وهي سبق واعلنتها امام المعنيين. فهي لا تدخل في الاسماء ولكنها تطالب برئيس لا يكون مرتبطاً بالمحاور، بل يجب ان يكون محايداً سيادياً متمسكاً باولوية المصلحة الوطنية وقادراً على محاورة الجميع، ليعيد وصل ما انقطع من العلاقات بين لبنان والدول العربية والصديقة.
في هذا الوقت يواصل البطريرك الراعي مساعيه لحمل النواب على القيام بواجباتهم وانتخاب رئيس يضع حداً للشغور المستمر منذ خمسة اشهر، في وقت يسير البلد نحو التفكك والانهيار التام. وقد اوفد امس المطران انطوان بونجم الى معراب حيث اجتمع الى الدكتور سمير جعجع للمرة الثالثة على التوالي. فعسى ان يثمر هذا التحرك في القريب العاجل وقبل فوات الاوان.
اين يقف المواطنون من كل هذه التحركات وما يرافقها من شائعات؟
الحقيقة ان الشعب بعيد كل البعد عن كل ما يقوم به السياسيون، لانه بات متأكداً من ان الخير لا يمكن ان يأتي على ايديهم. فهم الذين دمروه واوصلوه الى هذا الجحيم القاتل فكيف يمكنه ان يثق بهم، ويؤمن بان الحلول ستأتي على ايديهم؟
في هذا الوقت يواصل ثلاثي الدولة والمصرف المركزي والمصارف في ارتكاب المجزرة بحق الشعب، ووصل سعر صرف الدولار الى ابواب المئة الف ليرة. فماذا فعل المعنيون للجمه ووضع حد لهذه الجريمة؟
الدولة واقفة تتفرج، ويكتفي وزراؤها برفع خيالي يومياً لاسعار المحروقات، وسعر رغيف الخبز وينتهي دورهم عند هذا الحد. فما همهم طالما ان اموالهم محررة وليست محتجزة في المصارف، وهم يتنعمون بها على هواهم واولادهم يتابعون دراستهم في الخارج، على عكس الشعب الذي يعاني الفقر والجوع. اما البنك المركزي فيكتفي باصدار تعاميم ترقيعية هي اشبه بمداواة السرطان بحبة اسبرين. ولكنه لا ينسى ان يرفع سعر الدولار على المنصة ليرفع معها فواتير الاتصالات والكهرباء الى حدود يعجز 90 بالمئة من اللبنانيين عن تسديدها. وقريباً تظهر للملأ صحة هذه التوقعات. واما المصارف وبعدما خانت الامانة وبددت اموال المودعين بدأت تتنصل من المسؤولية، وهي تضرب وتقفل ابوابها لمنع القضاء من محاسبتها وتطبيق القانون بحقها. وتشاركها في هذه الجريمة الدولة شريكتها في نهب اموال المودعين وافقارهم. وهي باقفالها ابوابها تساهم اكثر فاكثر في رفع سعر العملة الخضراء وفي قتل المواطنين.
نعتذر عن رسم هذا الصورة السوداء ولكنها تمثل الواقع تماماً. فمصارحة الناس ضرورية، وهم على كل حال باتوا يعرفون كل ما يجري ويدلون بالاصابع على المسؤولين. ولكن ذلك لا يكفي بل يتطلب تحركاً فاعلاً ينقذهم من هذا الجحيم، واذا لم يفعلوا فانهم سائرون الى الانتحار وقد بدأت بوادره تظهر بشكل شبه يومي.