سياسة لبنانيةلبنانيات

الافق السياسي مسدود والغلاء يدفع الناس الى الانتحار والمصارف تكمل الجريمة بحق المودعين

الافق السياسي مسدود، ولا بوادر ايجابية لانتخاب رئيس للجمهورية، يكون بداية الطريق الطويل لاخراج لبنان من النفق المظلم الذي يغرق فيه، فقد انشغلت الاوساط السياسية والشعبية على حد سواء بالاتفاق الذي تم بين المملكة العربية السعوية وايران، معللة النفس بانه سيحمل الحل الى لبنان. وبدأت التصريحات المرحبة عبر وسائل الاعلام. واكثر المرحبين كانوا السياسيين، باعتبار ان هذا الاتفاق سيلعب الدور المنوط بهم، الا ان فألهم خاب عندما اعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قائلاً «ان لبنان بحاجة الى اتفاق لبناني – لبناني وليس الى اتفاق سعودي – ايراني، وان على السياسيين اللبنانيين ان يعرفوا مصلحة بلدهم ويعملوا لها». فجاء هذا التصريح يضع حداً لكل التأويلات. وبما ان السياسيين اللبنانيين اثبتوا ولا يزالون انهم قاصرون عن القيام بمسؤولياتهم، فان الانقسامات التي تتحكم بالمجلس النيابي ستبقى تسد الطريق امام الحل، وان الشغور الرئاسي سيطول، وبالتالي فان البلد سائر الى مزيد من الانهيار الذي تجاوز كل الحدود، ودمر حياة اللبنانيين، وقد بدأوا يلجأون الى الانتحار لعجزهم عن تحمل الاعباء التي تقذفهم بها هذه الحكومة التي سميت عن حق حكومة الضرائب.
هذه الحكومة، وتحت ذريعة انها لتصريف الاعمال، تلاقي المجلس النيابي في التقاعس عن القيام بالواجب. فالمجلس عاجز حتى الساعة عن انتخاب رئيس، والحكومة عاجزة عن القيام باي بادرة تقود الى الخلاص، ولا حتى الى بصيص نور في هذا المجال. اشهر طويلة مرت على التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي هو مفتاح الحل، والحكومة لا تزال تتخبط، دون ان تهتدي الى ما يجب عليها فعله. فهي يوم كانت تتمتع بكامل المواصفات لم تقدم شيئاً للبنانيين، فكيف بها اليوم، وهي تتذرع بانها لا تملك الصلاحيات الكاملة.. والافضل بالنسبة الى المواطنين والى البلد ككل الا تعمل. فهي ان اتخذت القرارات تأتي قراراتها عشوائية وغير مدروسة فتنعكس سلباً، وتكون النتائج عكس ما اريد منها، وتزيد من مآسي المواطنين. وهذا ما حصل بالنسبة الى الاتصالات والكهرباء. فقد ربطت الزيادات القاتلة التي فرضت على هذين القطاعين بالمنصة المتحركة التي تحلق يومياً مع الدولار حتى باتت الفواتير فوق قدرة المواطن على الدفع. فبالنسبة الى الاتصالات فان الفاتورة التي حددت يومها بمئات الاف الليرات، بدأت تتصاعد حتى وصلت اليوم الى الملايين والحبل على الجرار… وبالمقابل اقدمت وزارة الاتصالات ومعها شركتا الخليوي على الغاء دقائق حكي كانت تعطى للمواطن مقابل هذا الارتفاع الجنوني. فكأنها ارادت ان تشد الخناق على رقبته.
اما الكهرباء وفواتيرها الخيالية فحدث عنها ولا حرج. فقد ربط سعرها بسعر الدولار على المنصة، اضافة الى 20 بالمئة. وبعملية حسابية بسيطة يتبين ان سعر دولار فواتير الكهرباء يفوق سعر الدولار في السوق السوداء. فقفزت الفواتير حتى فاقت فاتورة المولد. وتداعى المواطنون الى عدم الدفع مما دفع احد المسؤولين السابقين في وزارة الطاقة يتوقع ان يغرق لبنان مجدداً في العتمة، اذا لم يبادر اللامسؤولون الى تدارك الوضع. واعادة النظر بالفواتير العشوائية وتحديد سعر ثابت بالليرة اللبنانية، يتماشى مع قدرة المواطن الشرائية. وينتظر ان تتفاقم الامور في الايام المقبلة. هناك عائلات عجزت عن الاشتراك بالمولد فكيف تأتي الحكومة لتفرض عليها فاتورة اعلى من فاتورة المولد. فهل فكرت في هذا؟
اما الغلاء الذي تجاوز كل الحدود والمنطق فشكل الضربة القاضية التي تودي بالمواطن الى الهلاك. خصوصاً الذين يقبضون بالليرة اللبنانية، وهؤلاء ليسوا محصورين بموظفي القطاع العام، بل هناك شريحة واسعة من اللبنانيين تعمل في الشركات الخاصة او عاطلة عن العمل. هذه الفئات يقضي عليها الغلاء. وزاد الامر تعقيداً التسعير بالدولار. فاصبح التلاعب بالاسعار اخطر بكثير. ولذلك ارتفعت الاسعار بعد قرار وزير الاقتصاد اضعافاً مضاعفة، مثلاً تقرأ على سلعة ما ان سعرها كذا دولار وتأتي في اليوم التالي لترى ان السعر اصبح كذا دولار يضاف اليه عشرات السنتات، بحيث سجلت الاسعار بعد التسعير بالدولار زيادة بين 35 و45 بالمئة. فهل هذا ما وعد به وزير الاقتصاد المواطنين؟ فاين الرقابة على الفواتير وهل تجرى مقارنة بين الفاتورة الاساسية والسعر المحدد. ولماذا يرتفع السعر بالدولار، هل تغيرت العملة الخضراء؟ بالطبع لا. ولكن الجشع ازداد وارتفع، في غياب تام للمراقبة والمحاسبة. وسط هذه الاجواء السوداء لا يزال الدولار يحلق، وجاء اعلان جمعية المصارف بالعودة الى الاضراب يفاقم الوضع، حتى دق الدولار باب المئة الف ليرة وهو مستمر في التحليق. فجمعية المصارف لم تكتف بعد ما فعلته. خانت الامانة وبددت اموال المودعين ولا نعرف كيف لانها لم تستشر اصحاب العلاقة فافقرتهم وجوعتهم. وتأتي اليوم لتكمل ما بدأه وتضرب لمنع القضاء من مساءلتها ومحاسبتها.
باختصار ان الاستمرار في تعداد مآسي الناس يحتاج الى مجلدات. لقد بات الحل واضحاً وهو يتلخص بدفع هذه المنظومة الفاشلة الفاسدة الى الرحيل، والمجيء بطبقة نظيفة الكف، علمية تملك الخبرة وتتمتع بالسيادة والتمسك بالمصلحة والوطنية والا فان لبنان الى انهيار بلا قعر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق