سياسة لبنانيةلبنانيات

الانشغال بالتمديد لمدير الامن العام يصرف الاهتمام عن الشغور الرئاسي المدمر

وعد رسمي بانهاء اضراب المصارف قبل نهاية الشهر فهل تصدق الوعود؟

التمديد للشغور الرئاسي ينعكس شللاً على مختلف القطاعات ويترجم باضرابات متواصلة شبه شاملة، بحيث لم يبق قطاع واحد يعمل. فالادارة العامة متوقفة عن العمل ومصالح المواطنين ليس لها من يسأل عنها. وحاول رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ايجاد حل ترقيعي، لان الحلول الجدية لا مكان لها، وسط هذه الفوضى وغياب المسؤولية، فعقد اجتماعاً موسعاً كلف بموجبه وزير المال درس امكانية اعطاء الموظفين بدل انتاج وبدل نقل عادل، على ان يتم لاحقاً البحث في زيادة الاجور. ولكن الادارات الرسمية بقيت معطلة. وبالنسبة الى القطاع التربوي وخصوصاً في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، فالسنة الدراسية على وشك الضياع بعدما انقضت اشهر طويلة والطلاب خارج الصفوف، والاساتذة يرفضون القدوم الى المدارس الى ان تتحقق جميع مطالبهم واخر ما سجل من حلول ترقيعية اعطاء كل واحد خمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضور. ولكن الاضراب بقي مستمراً.
اما التعطيل الاسوأ فناجم عن اضراب المصارف. ثلاثة اسابيع انقضت وابواب المصارف مقفلة بوجه المودعين، اموالهم محجوزة ولا يستطيعون سحب ليرة واحدة منها. مع العلم ان كثيرين لا دخل لهم لانهم عاطلون عن العمل. فهل فكر المعنيون الجالسون على الكراسي المريحة او اصحاب المصارف بهؤلاء؟ وهل سألوا انفسهم كيف يتدبرون امورهم ويؤمنون معيشتهم؟ ان الجميع يبحثون عن مصالحهم بعيداً عن مصلحة الاخرين. فالمصارف لن تنهي اضرابها قبل حل مشكلتها مع القضاء، هذا الخلاف المستشري بدأ يسيء الى سمعة لبنان في الخارج وقد اصبحت اصلاً سوداء من جراء فساد الطبقة السياسية الذي تحدث عنه العالم باسره. كل ذلك يجري امام اعين من بيدهم الحل والربط، الا ان احداً لم يحرك ساكناً. ولما اصبحت العلاقات مع المصارف المراسلة في الخارج مهددة، وتنذر بوقف الاموال ووقف الاستيراد بما في ذلك الدواء والمحروقات والمواد الغذائية وغيرها تحرك رئيس حكومة تصريف الاعمال واتصل بوزير العدل القاضي هنري خوري، ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، بحثاً عن حل يبعد الكارثة عن لبنان. واعلن رئيس الحكومة في حديث تلفزيوني يوم امس ان اضراب المصارف سيجد حلاً قبل نهاية الشهر، فعسى ان تنجح الاتصالات ويتحقق ذلك، مع العلم ان وعود الرسميين لم تكن دائماً منتجة. فهل يصح الوعد هذه المرة وتعود المصارف الى العمل رحمة بالمودعين واللبنانيين عموماً. ورحمة بسمعة لبنان.
على صعيد الشغور الرئاسي لا يزال البلد يسير في النفق المظلم. فالنواب يواصلون التعطيل، وقد تحول الاهتمام اليوم للبحث عن مخرج قانوني يسمح بالتمديد لرؤساء الاجهزة الامنية وخصوصاً اللواء عباس ابراهيم مدير الامن العام الذي يحال على التقاعد في مطلع الشهر المقبل. وهناك حركة من بعض المعنيين لتأمين التمديد الامر الذي دفع احد السياسيين المستقلين الى القول انه لو بذلت نسبة ضئيلة من هذه الجهود، لانهاء الشغور الرئاسي لكان تم انتخاب رئيس، ولكن اصبح واضحاً ان المجلس النيابي، او على الاقل قسماً منه، لا يريدون انتخاب رئيس وربما هم ينتظرون، مبادرة او وساطة او دفعاً معيناً، يفتح الباب امام انهاء هذا الشغور القاتل.
البطريرك الراعي يسعى بقوة لايجاد وسيلة تحمل النواب على العودة الى ممارسة واجباتهم. واوفد لهذه الغاية المطران انطوان ابي نجم الذي زار قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، وجرى التداول في كيفية حل هذه المعضلة التي تقود البلد الى المزيد من الانهيار والتفكك. ثم زار بعدها المرشح الرئاسي النائب ميشال معوض للغاية عينها. ويسعى البطريرك لمعرفة مدى الاستعداد لعقد اجتماع في بكركي يضم النواب المسيحيين الاربعة والستين للتداول في الشأن الرئاسي. وكان البطاركة الذين اجتمعوا في بكركي قبل اسبوعين او ثلاثة قد كلفوا البطريرك الراعي بهذه المهمة. فهل ينجح في جمع النواب المنقسمين، ام ان الخلافات ستبقى تتحكم بالعلاقات المسيحية – المسيحية والتي من شأنها ان تدمر الحقوق الوطنية والطائفية؟ وبانتظار ان تجد كل المساعي التي تبذل لانتخاب رئيس للجمهورية ينهي الشغور القاتل، طريقها الى النجاح، يبقى الترقب سيد الموقف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق