سياسة لبنانيةلبنانيات

الشغور والتعطيل يجران الى انقسامات تفوح منها رائحة الفتنة الطائفية

بكركي تجري اتصالات لجمع النواب المسيحيين في لقاء جامع للبحث في انتخاب رئيس للجمهورية

تداعيات الشغور الرئاسي بسبب رفض النواب انتخاب رئيس للجمهورية تتصاعد. فتعطيل المجلس النيابي يرافقه تعطيل القضاء وضرب التحقيق في جريمة انفجار المرفأ، ينعكس على جميع ادارات الدولة. فكل القطاعات متوقفة تشلها الاضرابات المتنقلة وتعطل مصالح الناس، هذا ان كانت قد بقيت لهم مصالح، بعد هذا الانحلال وهذا التفكك للدولة. ولا تتوقف الامور عند هذا الحد، بل انها اصبحت تؤشر الى انقسامات وخلافات خطيرة تفوح منها رائحة الطائفية. فهل يحتمل البلد والشعب اي فتنة من هذا النوع؟
تسربت اخبار في اليومين الماضيين عن تمسك الثنائي الشيعي بالمرشح غير المعلن للرئاسة سليمان فرنجية، وانه يعمل على تجميع 65 صوتاً له، فاذا توفر ذلك عمد الى اجراء انتخابه، بمعزل عن اكبر كتلتين مسيحيتين معارضتين لهذا الطرح، وهما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ومعهما الكتائب اللبنانية. فهل يمكن لهذا الرئيس في حال النجاح بانتخابه ان يحكم، وينهي الازمات المتصاعدة في البلد؟
هذه الانباء سواء كانت صحيحة ام لا، اثارت القلق لدى بعض الاوساط فعقدت قمة روحية في بكركي، حضرها بطاركة الموارنة والارثوذكس والكاثوليك. وفي نهاية المداولات صدر بيان دعا النواب الى القيام بواجباتهم الدستورية وانتخاب رئيس للجمهورية، ينقذ البلاد مما تتخبط فيه. وعلم انه تم الاتفاق على دعوة النواب المسيحيين الـ 64 الى لقاء في بكركي للتداول في انتخاب رئيس للجمهورية، وستجري بعدها اتصالات مع الهيئات الروحية والسياسية الاسلامية لتوحيد الموقف، والعمل على انهاء الشغور القاتل في رئاسة الجمهورية. ولم يحدد موعد لهذا اللقاء بانتظار اجراء المشاورات. في هذا الوقت تتصاعد حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون رغم الحملات المغرضة ضده، والتي رفعت نسبة التأييد له، استناداً الى نجاحه في قيادة الجيش ومناقبيته واحترامه للقوانين والدستور.
في هذا الوقت يواصل الوفد النيابي اللبناني الذي يضم النواب الياس بوصعب، ونعمة افرام وياسين ياسين ومارك ضو تحركه في الولايات المتحدة. وفي لقاء مع مسؤولي البيت الابيض علم ان الولايات المتحدة ليس لديها اسم معين للرئاسة اللبنانية، ولكنها تشدد على اجراء الانتخابات، حفاظاً على البلد. كما يواصل الوفد اتصالاته بعدد من نواب الكونغرس الاميركي، ويتناول البحث الازمات اللبنانية المتواصلة، والتشديد على الاسراع في انتخاب رئيس. كما بحث الوفد مع البنك الدولي في القرض الذي سيقدمه لتمويل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن. وقد عرض النواب لمسؤولي البنك ما تم انجازه حتى الساعة من الشروط التي يطالبون بها لتنفيذ الاتفاق.
في السياق تجري الاستعدادات للاجتماع المنتظر يوم الاثنين المقبل، والذي سيضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر وربما مصر وهذه الدول معنية بالازمة اللبنانية. ولكن ماذا يستطيع الخارج ان يفعل اذا كان المسؤولون اللبنانيون المعنيون مباشرة بالبلد، والذين يتحملون مسؤولية ما يعاني منه، لا يساعدون على ايجاد الحلول. وقد تلقوا امس صفعة دولية كبيرة، اذ صدرت لائحة الفساد العالمية التي ضمت 180 دولة وكان رقم لبنان فيها من حيث نسبة الفساد 150. فبماذا يجيب اركان المنظومة. الا يخجلون من انهم باقون في مواقعهم ولم يرحلوا بعد مخبئين وجوههم السوداء. بعدما صنف لبنان بين الدول المتخلفة.
وسط هذا الوضع المتأزم يواصل رئيس حكومة تصريف الاعمال البحث عن قضايا يسميها ملحة، لتبرير عقد جلسة لمجلس الوزراء تعتبرها شريحة واسعة من اللبنانيين بانها غير دستورية. وتعطيهم حجة في التمسك بموقفهم باعتبار ان القرارات التي تصدر عن هذه الجلسات ليس بقدر ما يصورونها، والكهرباء هي الدليل الساطع، التي يزيد غيابها المتواصل من آلام الناس، وخصوصاً ما يفعله الدولار في حياتهم التي تحولت الى جحيم حقيقي، وقد فشلت كل التدابير الترقيعية في لجمه، وسجل في اخر الاحصاءات حوالي 64 الف ليرة للدولار الواحد، وهو مستمر في الصعود. وبالطبع انعكس ذلك على اسعار السلع في المحلات التجارية التي فاق ارتفاع الاسعار فيها سعر الدولار اضعاف اضعاف. انها اكثر من فوضى. انها عصفورية، المسؤولية غائبة، والمنظومة تتنعم بما جنته ايديها والشعب يعاني الامرين. فمتى يحين وقت الخلاص وقد بات مؤكداً ان لا حل الا برحيل هذه المنظومة كلها يعني كلها.

بيان بكركي

انعقد في بكركي لقاء لرؤساء الطوائف المسيحية وممثليهم في لبنان، بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، تم خلاله التداول، بحسب بيان،  في «الأمور الراهنة، بدءاً من الوضع الإجتماعي -الإقتصادي وصولاً إلى الأزمة السياسية الضاغطة».
وفي ختام اللقاء، صدر عن المجتمعين البيان الاتي:
«1- إننا نعبر عن قلقنا العميق تجاه الأزمة الإجتماعية والإقتصادية التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وعن تضامننا مع شعبنا في ما يعاني من حرمانه أموره الحياتية الأساسية من غذاء وماء وكهرباء ودواء واحتياجات الأطفال الضرورية، من جهة، وإنهيار العملة الوطنية وتراجع مداخيل العائلات، من جهة أخرى، كذلك ارتفاع نسبة البطالة وتدني المستويات المعيشية، بالاضافة الى صعوبات حياتية جمة باتت ترهق كاهل اللبنانيين يومياً، فلا يمكن الاستمرار في  تحمل هذا الوضع الخطير.
لذا نطالب المسؤولين في الدولة بحكم مسؤوليتهم بإيجاد الحلول لهذه المآسي التي لا تتحمل أي إبطاء. فلا يمكن القبول بسوء إدارتهم وإهمالهم والفساد المستشري في كل مكان، الأمر الذي يحمل عائلاتنا، ولا سيما الجيل الناشئ، على الهجرة أو اللجوء إلى الشارع للتعبير عن وجعهم والمطالبة بحقوقهم العادلة.
2- منذ زهاء ثلاثة أشهر لا يزال الكرسي الرئاسي شاغراً عندنا، بسبب فشل المجلس النيابي في إنتخاب رئيسٍ. هذا الواقع غير مقبول أبداً ومخالف لجوهر الدستور اللبناني ومرتكزات السيادة والإستقلال ومسؤولية النواب تجاه الشعب اللبناني. إن إنتخاب رئيس للجمهورية  هو مطلب كل اللبنانيين ويعني الإلتزام بانتظام عمل المؤسسات الدستورية. فلا يحق لأحد أن يجاذف في مصير الوطن. إن أساس الكيان اللبناني ومصدر قوته الفريدة هو الشراكة الوطنية الإسلامية المسيحية، ولنا ملء الثقة بتضامن رؤساء الطوائف الإسلامية معنا.
وبناء على ما تقدم:
– نطالب المجلس النيابي الاسراع في القيام بواجبه الوطني وانتخاب رئيس للجمهورية.
– نأتمن غبطة البطريرك الراعي على الإجتماع مع من يراه مناسباً تحقيقاً للمضمون أعلاه بما في ذلك دعوة النواب المسيحيين إلى اللقاء في بكركي، وحثهم على المبادرة سويا، مع النواب المسلمين، وفي أسرع وقت ممكن، لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق