سياسة لبنانيةلبنانيات

تفجير المرفأ دمر نصف العاصمة فلا تدعوه يدمر لبنان كله

من هو المرجع القضائي الصالح للبت في هذا الخلاف وانقاذ القضاء اساس الاصلاح؟

اذا كان القضاء بخير فالبلد كله يكون في خير. هذه المقولة اثبتت صحتها الاحداث في كل دول العالم. فالقضاء هو العمود الفقري لبناء الدولة وتنظيم سير الامور فيها. ولكن القضاء في لبنان اليوم ليس في خير. فقد نشبت ازمة عنيفة بين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات على خلفية ملف التحقيق في جريمة انفجار المرفأ، وتطورت الى حد خطير، بات يؤشر الى صعوبة الحل.
القاضي البيطار وبعد تجميد عمله كمحقق عدلي على مدى سنة وثلاثة اشهر، بسبب عشرات دعوى الرد التي اقيمت ضده، ودعاوى مخاصمة الدولة التي شلت عمل قضاة التمييز والهدف ابقاء العرقلة قائمة، ومنع التحقيق من ان يأخذ مجراه الطبيعي، استند الى دراسة قانونية وعاد الى مكتبه في قصر العدل واستأنف عمله، فاصدر خمسة قرارات باخلاء سبيل بعض الموقوفين، وادعى بالمقابل على ثمانية اشخاص جدد بينهم قضاة وعسكريون ولم يرق الامر لمدعي عام التمييز وهو ضمن المدعى عليهم ورأى فيه مخالفة قانونية، فارسل كتاباً الى القاضي بيطار قال له فيه ان يده مكفوفة ولا يمكنه متابعة السير بالملف. وقال انه لم يتبلغ اي قرار من البيطار، وانه علم بالامر من خلال وسائل الاعلام، وبالتالي فهو يعتبر ان هذه القرارات الصادرة عن المحقق العدلي غير موجودة. الا ان البيطار تابع عمله وفق قناعاته بان دعاوى الرد لا تطاوله، وهذا ثابت قانوناً، وحدد مواعيد التحقيق مع المدعى عليهم من 6 شباط الى 22 منه. وتقول مصادر مطلعة ان القاضي بيطار وفي حال لم يحضر المدعى عليهم سيعمد الى اصدار القرار الظني وقد اصبح شبه مكتمل. فمن يحكم بهذه القضية ومن يستطيع ان يعيد الامور الى نصابها وتجاوز هذه الازمة الخطيرة؟
مرجع قضائي كبير قال في حديث اذاعي ان دعاوى الرد لا يمكن ان تطاول المحقق العدلي، وبالتالي لا يمكن وقفه عن متابعة مهمته. وانه غير خاضع لاي مرجع قضائي او اداري باستثناء المجلس العدلي. فهو مرتبط به مباشرة ويملك من الصلاحيات ما يوازي صلاحيات مدعي عام التمييز. كذلك فان قراراته نافذة حتماً ولا يستطيع اي طرف ايقافها. واذا كانت بعض القرارات خاطئة فان المجلس العدلي الذي يضع يده على الملف بعد صدور القرار الظني، هو الذي يتولى شطبها واسقاطها. وتابع المرجع يقول باختصار لا يمكن لاي طرف الطعن بقرارات المحقق العدلي الذي يُعين باقتراح من وزير العدل وبموافقة مجلس القضاء الاعلى ومجلس الوزراء.
مدعي عام التمييز طلب من القوى الامنية عدم ابلاغ اي مدعى عليه، الا اذا كانت البلاغات صادرة عن النيابة العامة. ولكن البيطار حدد مواعيد التحقيق مع النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر والرئيس حسان دياب، وابلغهم لصقاً على باب مكتبه. وهكذا فان الامور وصلت الى نقطة اللارجوع. فكيف يمكن حل هذه الازمة المدمرة للبنان وللقضاء؟ خصوصاً وان عيون دول كبرى تراقب بانتباه سير التحقيق في هذه الجريمة التي لا مثيل لها في العالم، ومنذ ايام دخل على الخط القضاء الفرنسي بحجة ان بين الضحايا فرنسيين. فعلى امل ان تحل هذه القضية باقل الخسائر الممكنة اذ يكفي لبنان ما يحل به من ويلات.
والازمة القضائية سرعان ما انتقلت الى المجلس النيابي، حيث كانت لجنة الادارة والعدل تناقش مشروع قانون استقلالية القضاء هذا القانون الذي تتهرب المنظومة منذ سنوات طويلة وترفض اقراره لتبقى لها اليد الطولى في السيطرة على هذه السلطة. وقبل بدء النقاش، شن نواب حزب الله وامل حملة شعواء على البيطار، وانهالوا عليه بشتى النعوت حتى ان احدهم وصفه بـ «المريض». فهب نواب التغيير والمعارضة في الرد على هذه الحملة والدفاع عن البيطار، واستمر الاشتباك الكلامي اكثر من ساعتين، انصرف بعدها النواب دون التطرق الى استقلالية القضاء. فماذا تخبىء لنا الايام المقبلة؟ لو يعلم الناشطون لمنع اكمال التحقيق، ان الكبير والصغير والشعب اللبناني كله باتوا يعرفون تفاصيل هذه الجريمة، من خلال الكباشات الدائرة والتصاريح التي تنطلق من هنا وهناك، وتكشف اسرار ما جرى، فماذا يفيد بعد اخفاء الحقيقة؟ ان كل سر تجاوز الاثنين شاع فكيف اذا اصبح هذا السر متداولاً بين الناس. فليترك القضاء يقوم بمهمته ويعلن ما توصل اليه ويطوى هذا الملف. لقد دمر الانفجار نصف العاصمة وقتل المئات واصاب الالاف، لا يزال بعضهم يعاني حتى الساعة، فلا تدعوه يدمر الوطن كله. ولا تخربوا القضاء لان العدل اساس الملك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق