سياسة لبنانيةلبنانيات

الشغور الرئاسي طويل والازمات الكارثية الى اشتداد وحياة المواطن الى دمار

التحقيق الاوروبي في الفساد وفي انفجار المرفأ يفتح باب الامل في نفوس المودعين

يبدو ان الشغور في منصب رئاسة الجمهورية سيطول، فالمجلس النيابي عاطل عن العمل، ولا يريد اتباع الاصول الدستورية فيلتئم في جلسة مفتوحة تتكرر فيها الدورات الانتخابية الى ان يتم التوصل الى انتخاب رئيس. احدى عشرة جلسة كانت اشبه بمسرحية هزلية اساءت الى سمعة البلد، وخصوصاً الى الطبقة السياسية التي تمسك بيدها قرار الحل والربط. فهناك فريق من النواب لا يزال متمسكاً بالورقة البيضاء، او بعبارات واسماء لا دخل لها بالاستحقاق، الامر الذي يعمق الشغور على حساب مصلحة الوطن. هذا الوضع السياسي المأزوم يترك تداعيات مدمرة على حياة اللبنانيين. فالازمة المالية الى مزيد من التدهور وتجاوز سعر صرف الدولار الواحدة والخمسين الف ليرة، وهو الى ارتفاع ولا سقف له، والوضع الاقتصادي الى انهيار كامل، والوضع المعيشي للمواطنين، تجاوز كل الخطوط الحمر في التدهور، بحيث اصبحت حياة اللبنانيين مستحيلة. واخطر ما في التردي سلسلة الاضرابات التي طاولت مختلف القطاعات وخصوصاً القطاع التربوي. فاضراب اساتذة المدارس الرسمية يهدد مستقبل مئات الاف الطلاب، بعدما اصبحت سنتهم الدراسية على وشك الضياع. ولا من يسأل ولا من يهتم. بعض النواب التغييريين ارداوا قلب الطاولة بوجه المعطلين، فاعتصموا في المجلس النيابي، وابوا ان يغادروه الى ان يتم انتخاب رئيس. وقد انضم اليهم عدد من النواب المستقلين ومن الكتل المعارضة، على امل ان تحرك هذه الخطوة المسؤولين. وكان البعض يتوقعون ان تتحول هذه الخطوة الى كرة ثلج تكبر وتتمدد الى خارج المجلس، فتنضم الى المعتصمين جماهير المواطنين الذين يدفعون ثمن هذا التعطيل. الا انه حتى الساعة لا وجود لاي تحرك شعبي. ويبدو ان عدوى التقاعس انتقلت الى المواطنين واقتصر دورهم على عد العصي التي تنهال على رؤوسهم.
الرئيس بري اعتبر ان الاعتصام موجه ضده، فرد التحدي بعدم توجيه الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس، ووجه بدلاً عنها دعوة للجان النيابية لدرس قانون يتعلق بالضمان الاجتماعي، وان كانت اوساطه تنفي النية في التحدي، بل انها تبرر هذه الخطوة بعدم وجود دليل على امكانية النجاح في انتاج رئيس، وان الرئيس بري مستعد ان يلغي اجتماع اللجان فوراً اذا توفرت ظروف ايجابية للانتخاب.
على صعيد السلطة التنفيذية، فان الحكومة غائبة تماماً. تقول انها مهتمة بالقضايا التي تهم الناس، لتبرر عقد جلسة لمجلس الوزراء يختلف الخبراء حول شرعيتها الدستورية، ثم يغيب الاهتمام بترجمة ما اتفق عليه. فمثلاً هل حلت ازمة الدواء والاستشفاء، وهل حلت ازمة الكهرباء، والمواطنون لا يزالون قابعين بالعتمة؟ ثم ماذا عن المياه وهناك مناطق في وسط المتن محرومة من قطرة مياه منذ اكثر من شهر وهي تدفع ملايين الليرات للصهاريج التي يبدو انها اقوى من الحكومة، وانها تؤمن ما عجزت عنه مياه بيروت وجبل لبنان. هذه السياسة التي تتبعها الحكومة تعمق الانقسامات بين اللبنانيين، وتزيد الاوضاع تدهوراً وانهياراً. فاينما تلفت المواطن تواجهه سياسة النكايات والتحدي، فيما الاهتمام الجدي غائب عن معالجة الازمات الكارثية التي تقطع ظهر المواطنين.. فحركة تبديل الاسعار المستمرة بالارتفاع بالتوازي مع ارتفاع سعر الدولار، باتت تفوق حركة البيع والشراء، وحركة الزبائن الى انخفاض لافت. فهل من المعقول ان تكون المافيات وبعض الصيارفة غير الشرعيين اقوى من السلطة المتمثلة بالحكومة؟ وما هو دور هذه السلطة في التصدي للمتلاعبين والمتاجرين بحياة الناس؟ ثم ما هو دور البنك المركزي وهل صحيح ان له دوراً في هذا الارتفاع الجنوني؟ ثم ما هي التدابير التي اتخذها بحق بعض المصارف التي نشطت في شراء الدولار على سعر المنصة وجنت ارباحاً طائلة؟ والسؤال الجدي الذي يطرح، هل نحن نعيش في دولة ام في عصفورية؟
على الصعيد القضائي تميز الاسبوع الفائت بالتحقيقات التي اجراها قضاة من فرنسا والمانيا واللوكسمبورغ في قضايا تهريب اموال وتبييض. يشتبه ان لبعض اللبنانيين دوراً فيها. هذه التحقيقات بعثت الامل في نفوس المودعين اللبنانيين لاستعادة جنى عمرهم المنهوب بين المصارف والبنك المركزي والدولة. والاخطر من ذلك ان هذه الجهات الثلاث تتآمر في ما بينها لتبرئة نفسها وتحميل المودعين ظلماً الخسائر فجاءت خطة الحكومة تشطب بشحطة قلم اموال المودعين. فهل تعتقد انها تستطيع ان تنجح بفعلتها هذه؟ بالطبع لا لان المال عوض الروح ولا يوجد مودع مستعد لان يتخلى عن تعبه وجنى عمره.
ويقول مرجع قضائي كبير ان القضاء اللبناني المكبل بالسياسة والذي منع بشكل او باخر من السير بالتحقيق، بسبب الحماية التي يؤمنها النافذون للمرتكبين، ينتظر نتائج التحقيق الاوروبي، وعلى اساسه يصبح لزاماً عليه ان يدعي على المتهمين، بعد ان يحصل على المستندات والوثائق الثبوتية. فنرجو ان يتعجل القضاء الاوروبي في اصدار احكامه لكي يعرف المودعون اين ذهبت اموالهم ومن المسؤول عنها.
اما بالنسبة الى جريمة انفجار المرفأ والتحقيق الذي يجريه قضاة فرنسيون، فيقول المرجع القضائى اللبناني الكبير، ان الحقيقة ستظهر بالتأكيد، حتى ولو تأخرت بعض الشيء. وهذا الكلام يعطي اهالي ضحايا انفجار المرفأ العزم على مواصلة نشاطهم، الى ان يتوصلوا الي معرفة من كان السبب في مقتل ابنائهم واشقائهم واهلهم.
ان التقاعد الداخلي عن العمل على كشف الحقائق المتعلقة بهذه القضايا حركت القضاء الخارجي ويبقى الامل في الوصول الى الهدف المنشود في كشف الحقيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق