سياسة لبنانيةلبنانيات

هدنة في الظاهر تمتد لايام وحرب سياسية ملتهبة تدمر ما تبقى من البلد

القضاء الاوروبي يباشر عمله جدياً الاسبوع المقبل… وقضاة فرنسيون يحققون في انفجار المرفأ

البلاد في هدنة ظاهرية فرضها الحداد الرسمي بسبب وفاة رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، والذي سيشيع جثمانه اليوم في مسقط رأسه شمسطار. الا ان التناحر السياسي مستمر ولن يتوقف ابداً، طالما تحول الى مواقف كيدية وحملات تشهيرية بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر. هذه الحرب الدائرة بين الطرفين تأخذ من الدستور والقوانين الميثاقية والحقوق الطائفية شعاراً يبررها، ولكنها في الحقيقة لا تمت الى كل هذه الحجج بصلة، بل هي نتيجة صراع على السلطة، فمن يمسك بها يهيمن على كل شيء. هذه المواقف الملتهبة تساهم في تدمير كل ما تبقى.
المجلس النيابي الذي كان مقرراً ان يعقد جلسة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، كما جاء في نص الدعوة، استراح هذا الاسبوع، وهو اصلاً مستنكف عن القيام بمهماته الاساسية، وابرزها انتخاب رئيس، لان الجلسة ارجئت الى الخميس المقبل 19 كانون الثاني الجاري. وكان بالامكان تقريب الموعد باعتبار ان الاوضاع المتردية لا تحتمل التأجيل والمماطلة، ولكن المعنيين يعلمون ان الجلسة لن تكون سوى حلقة من مسرحية فولكلورية، شهد اللبنانيون فصولها على مدى عشر حلقات. لذلك فان موعد الجلسة ليس مهماً، الا اذا احترم الدستور وعقدت جلسات متكررة لا يقفل محضرها الا بعد انتخاب رئيس، وهذا يعني الاستمرار في تكرار الاقتراع حتى الوصول الى اختيار رئيس. وهذا ما لا يريد رئيس المجلس السير به دون اي سبب او مبرر. فالرئىس بري مصر على يوم الخميس من كل اسبوع. وهكذا جاء اعلان الحداد فرصة للهروب الى الامام، ولكن الى متى؟ وهل ان البلاد لا تزال قادرة على تحمل المزيد، وهي تعيش الشغور في رئاسة الجمهورية منذ شهرين ولا من يهتم؟
اما على الصعيد الحكومي فكان من المتوقع ان يدعو رئيس حكومة تصريف الاعمال الى جلسة لمجلس الوزراء من شأنها اذا عقدت ان تزيد النار اشتعالاً بينه وبين التيار الوطني الحر. الا ان الظرف الاجتماعي الطارىء، ارجأ انعقادها الى مطلع الاسبوع المقبل. ولكي يقطع ميقاتي الطريق على الذرائع التي يمكن ان يلجأ اليها معارضوه، فهو يتبع كل الخطوات القانونية والدستورية. فمثلاً طلب من امانة مجلس الوزراء توزيع مشروع جدول اعمال الجلسة على الوزراء طالباً رأيهم، وقد اختار بنوده بدقة لكي لا تعطي المعارضين ذريعة. فالجدول يتألف من ستة بنود ملحة، منها اثنان للكهرباء. الاول لاقرار سلفة خزينة تدفع للبواخر المتوقفة عند الشاطىء، ويدفع اللبنانيون من جيوبهم 18 الف دولار يومياً لكل باخرة غرامة تأخير. وقد وصل المبلغ الى 800 الف دولار وهو مستمر في الارتفاع. والثاني لتنفيذ الاتفاق مع العراق والقاضي بامداد لبنان بالمحروقات لزوم كهرباء لبنان. وكان ميقاتي قد وافق على توقيع سلفة خزينة للكهرباء بصورة استثنائىة ثم تراجع عن توقيعه. اما البنود الاخرى فتتعلق بمطمر الناعمة واساتذة المدارس وترقية ضباط الجيش.
واعلن ميقاتي انه ماضٍ في عقد الجلسة ولن يسأل من يحضرها ومن يغيب عنها، وليتحمل كل وزير مسؤولياته. هذا الموقف زاد الحرب الدائرة اشتعالاً. فهل يمكن الا يوقع وزير الطاقة مثلاً السلفة بعد اقرارها في مجلس الوزراء، ويترك سيف الغرامات مصلتاً فوق رؤوس اللبنانيين، لان الغرامات تدفع من جيوبهم فضلاً عن حرمانهم من التيار وابقائهم في العتمة او تحت رحمة اصحاب المولدات. في هذا الوقت يواصل وفد القضاة الاوروبي تحضيراته لمباشرة العمل بصورة جدية مطلع الاسبوع المقبل في قضايا فساد وتبييض اموال. وعلم ان قاضيين فرنسيين وخبيراً جنائياً سيصلون الى بيروت في الثالث والعشرين من كانون الثاني الجاري للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت باعتبار ان فرنسيين كانوا بين ضحايا الانفجار.
صحيح ان لبنان يعيش هدنة تمتد اسبوعاً، الا ان الاشتباك السياسي مستمر ويكاد لا يهدأ وهو ينذر بمضاعفات تنعكس على الوضع الاقتصادي وقد بدأت طلائعه تظهر من خلال ارتفاع كبير ومستمر في سعر صرف الدولار. فمتى يرحم هؤلاء السياسيون غير المسؤولين البلد، ويعملون كلهم من اجل مصلحته لا مصالحهم الخاصة، واول ما يتوجب عليهم فعله المبادرة اليوم قبل الغد الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وبعيدة عن المناكفات السياسية والحزبية والعمل يداً واحدة لانتشال البلد قبل قوات الاوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق