الاقتصادرئيسيمفكرة الأسبوع

باكستان تحصل على دعم دولي بقيمة 9 مليارات دولار لإعادة إعمار ما خلفته الفيضانات المدمرة

حصلت باكستان الإثنين على أكثر من 9 مليارات دولار من المساعدات الدولية التي تحتاجها لإعادة الإعمار بعدما اجتاحتها فيضانات مدمرة العام الماضي ولتمكينها من مواجهة عواقب تغير المناخ، واعتبرت إسلام أباد أن هذه المساعدات رسالة عالمية واضحة بالوقوف إلى جانب كل الدول المتضررة جراء الكوارث الطبيعية. وتعهدت باكستان والأمم المتحدة باللجوء إلى آليات لمراقبة استخدام الأموال لمواجهة مخاطر اختلاسها.
أكثر من 9 مليارات دولار من المساعدات الدولية حصلت عليها باكستان لإعادة إعمار ما خلفته الفيضانات المدمرة التي اجتاحتها العام الماضي.
ويأتي هذا الدعم بعد وعود قطعها المجتمع الدولي خلال مؤتمر شاركت في تنظيمه الأمم المتحدة لجمع نصف مبلغ 16،3 مليار دولار(15،3 مليار يورو) الضروري لإعمار البلاد وللتعامل بشكل أفضل مع عواقب تغير المناخ.
ووعدت فرنسا بمشاريع بقيمة 360 مليون يورو للمساعدة في إعادة الإعمار كما تعهدت بتقديم 10 ملايين إضافية للمساعدات الطارئة.
من جانبها، تعهدت كل من الولايات المتحدة والصين بتقديم مبلغ إضافي مقداره 100 مليون دولار، فيما وعدت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بتقديم 4،2 مليارات دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وفي مواجهة مخاطر اختلاس هذه المبالغ الضخمة، وعدت الأمم المتحدة وباكستان باللجوء إلى آليات لمراقبة استخدام الأموال.
ومن المقرر أن ترافق مجموعة دعم دولية، أعربت فرنسا عن رغبتها في المشاركة فيها، لمراقبة تطبيق هذه المنحة الدولية.
وقال وزير الخارجية الباكستاني بيلاوال بوتو زارداري في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية بعد المؤتمر: «قد نكون أول دولة ترى ثلث مساحتها تحت الماء، وللأسف لن نكون الأخيرة».
وأضاف أن نجاح المؤتمر يظهر أن باكستان «نموذج للمستقبل بطريقة ما».
وتابع وزير الخارجية الباكستاني أنه يرى «فرصة في هذه الأزمة» مشيراً إلى أنه «من الآن فصاعداً، يمكننا الاستثمار في البنى التحتية للمناطق الأكثر حرماناً وتحفيز نموها».
وقالت وزيرة الدولة الباكستانية للشؤون الخارجية حنا رباني خار بعد إعلان المبلغ النهائي: «هذا اليوم أعطانا الكثير من الأمل. والرسالة من العالم واضحة: العالم سيقف الى جانب أولئك الذين تضرروا جراء الكوارث الطبيعية ولن يتركهم لمصيرهم».
وأدت الفيضانات المدمرة إلى جانب أزمة الطاقة العالمية إلى زيادة الضغط على الاقتصاد الباكستاني، مما دفع البلاد إلى وضع مالي صعب جداً.
من جانبه، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لدى افتتاح المؤتمر بـ«استثمارات ضخمة» وإصلاح النظام المالي الدولي لمساعدة باكستان، وهو موضوع أثاره خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) في مصر.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في المؤتمر إن بلاده في «سباق مع الزمن» لتلبية الاحتياجات الضخمة، وأضاف: «نحن نقف أمام نقطة تحول في التاريخ».
وحض في حديث للصحافيين صندوق النقد الدولي على تخفيف الضغط، بقوله: «أحاول باستمرار إقناعهم بمنحنا هدنة».
ودعا البنك الدولي الإثنين إلى «إبقاء الإنفاق ضمن حدود يمكن تحملها».
واعتبر نائب رئيس منطقة جنوب آسيا في البنك الدولي مارتن رايزر أن «التعافي المرن الحقيقي غير ممكن بدون إصلاحات مالية وهيكلية إضافية»، داعياً إلى توجيه المساعدة الاجتماعية على نحو أفضل وإلى خفض الإنفاق الذي «يضعف الخزينة العامة»، وإلى اعتماد «ضرائب تصاعدية وأوسع نطاقاً».

«ضحية الفوضى المناخية»

من الجدير بالذكر، أن باكستان هي خامس دولة في العالم من حيث عدد السكان إذ تضم 216 مليون نسمة، مسؤولة عن أقل من 1 بالمئة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، لكنها إحدى أكثر المناطق عرضة للظواهر المناخية القصوى المتزايدة جراء تغير المناخ.
كما تعد من الدول التي دعمت خلال كوب27 إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار» الذي يهدف إلى دعم بلدان الجنوب في مواجهة عواقب الاحترار المناخي.
وقال غوتيريس الإثنين: «عندما يكون هناك شك بشأن الخسائر والأضرار زوروا باكستان»، مؤكداً أن البلاد «ضحية الفوضى المناخية والنظام المالي العالمي المفلس أخلاقياً».
وأعرب عن أسفه لأن النظام المالي الدولي لا يقدم دعماً كافياً للبلدان المتوسطة الدخل التي تحتاج إلى «الاستثمار في المرونة لمواجهة الكوارث الطبيعية»، من خلال خفض ديونها أو منحها تمويلاً جديداً. ودعا إلى تمويل دولي «خلاق» لمساعدة هذه البلدان «عندما تكون في أمس الحاجة إلى ذلك».
وتؤكد «خطة التعافي وإعادة التأهيل وإعادة الإعمار المرنة» في باكستان، التي قُدمت رسمياً في المؤتمر الإثنين، الحاجة إلى حوالي 16،3 مليار دولار.
وتقدر الحكومة الباكستانية أنها تستطيع تأمين نصف المبلغ من خلال ميزانيتها الخاصة وشراكات في القطاعين العام والخاص، لكنها تحتاج إلى أن يدفع المجتمع الدولي الباقي.
وأوضحت إسلام أباد والأمم المتحدة أن مؤتمر الإثنين، الذي حضره ممثلون عن نحو 40 دولة، وعن البنك الدولي وبنوك للتنمية، يتخطى كونه مؤتمراً تقليدياً للمانحين، لأنه يسعى إلى إقامة شراكة دولية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة الإعمار، ولكنها تهدف أيضاً إلى تحسين قدرة باكستان على التكيف مع تغير المناخ.
وكانت مياه الفيضانات غمرت مساحات شاسعة من الأراضي لأشهر، ما خلف دماراً هائلاً، وما زالت بعض المناطق في الجنوب مغمورة.
وتشير اليونيسف إلى أن حوالي أربعة ملايين طفل ما زالوا يعيشون قرب مياه الفيضانات الملوثة والراكدة.
وما زال ملايين النازحين بعيدين عن منازلهم، وغالباً ما يجد من يتمكنون من العودة، منازلهم مدمرة وحقولهم يغطيها الوحل وأصبحت غير صالحة للزراعة.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وتضاعف عدد الباكستانيين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي ليبلغ 14،6 مليوناً، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة.
ويقدر البنك الدولي أن الفيضانات الكارثية ستلقي بنحو تسعة ملايين باكستاني في براثن الفقر.

فرانس24/أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق