سياسة لبنانيةلبنانيات

فشل نيابي وفشل حكومي وفشل شعبي… صورة سوداء ولكنها تعكس الواقع المؤلم

فشل نيابي وفشل حكومي وفشل شعبي… بهذه الكلمات القليلة يمكن توصيف الوضع اللبناني الراهن. فممثلو الشعب فشلوا فشلاً ذريعاً في اداء المهمات الموكلة اليهم. وعلى الرغم من مرور ثلاثة اشهر منذ بدء فترة الانتخاب لم يتوصلوا الى انجاز هذه المهمة، رغم علمهم بخطورة المرحلة التي يمر فيها البلد، وهو احوج ما يكون الى رئيس يعمل على الانقاذ. وعلى الرغم من مرور اكثر من ثلاث سنوات على الكابيتال كونترول، وقد بدأ يفقد مفعوله الموضوع من اجله، لا تزال الخلافات تحول دون اقراره، حتى ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي يترأس جلسات اللجان النيابية، اعلن ان عدداً كبيراً من النواب لا يريدون اقراره. وهنا تبدأ الشكوك تساور المواطنين. لماذا هذا التهرب من اقرار الكابيتال كونترول وما هي العلاقة بين التهرب من اقراره وتهريب الاموال الى الخارج؟
اسئلة كثيرة تطرح حول هذا الموضوع ولا من مجيب، فيزداد الشك عند الناس. وما دمنا نتحدث عن فشل المجلس النيابي نشير الى انه حتى في المهمة الاساسية واليومية الموكلة اليه، لا يقوم بواجبه. فهو مفروض فيه ان يراقب عمل الحكومة ويحاسب وزراءها ويسألهم عن كل شاردة وواردة، ولكنه لم يمارس يوماً هذه المهمة. يدخل النائب الى ساحة النجمة فيحتفل انصاره وينتهي دوره هنا. مبروك، وغداً يلتئم المجلس الكريم في جلسة فولكلورية ثامنة ستكون نسخة طبق الاصل عن سابقاتها. انتخاب بالورقة البيضاء في الدورة الاولى وتعطيل النصاب فور اعلان الارقام. ونعود الى الدوامة عينها. ولا نعتقد ان شيئاً سيتبدل غداً، ربما في الشكل، ولكن في المضمون لا شيء والفراغ باق جاثماً على صدور اللبنانيين دون ان يرف جفن لممثليهم.
اما الفشل الحكومي فحدث عنه ولا حرج. بدأ منذ اليوم الاول لتشكيل هذه الحكومة، وكانت تتمتع بكامل الصلاحيات، وكان يفترض فيها ان تقر القوانين الاصلاحية منذ الايام الاولى لنيلها الثقة، ولو فعلت لكان الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي اليوم ساري المفعول. ولما اشتدت الضغوط عليها اقرت بعض القوانين الفارغة من اي مضمون. فقانون السرية المصرفية الذي ارسلته الى المجلس النيابي كان فضيحة وبدل ان يعدله المجلس اقره كما هو، فرفضه صندوق النقد واعاده رئيس الجمهورية يومها الى المجلس.
وتعاونت الحكومة مع المجلس فزاد الفشل. لقد اقر الموازنة العامة لعام 2022، بعد تأخير اكثر من تسعة اشهر، ولما نشر في الجريدة الرسمية تكشفت ويلاته، وسقط على رؤوس المواطنين سقوط الصاعقة. فالموازنة خالية من اي انجازات او تقديمات، بل انها ترتكز على سيل من الضرائب لا قدرة لاي شعب يعيش وضعاً طبيعياً ان يتحمله، فكيف اذا كان مثل الشعب اللبناني، دمره سياسيوه واوصلوه الى جهنم، وقد تباهوا بذلك. فالحكومة التي يفترض فيها ان تبحث عن مصادر دخل تنقذ المواطنين من الكارثة التي حلت بهم، مدت يدها الى جيوبهم الممزقة وافرغتها من اخر قرش فيها. وهي لم تتوقف بل انها ماضية في سياستها.
رفعت رسم الاشتراك في المياه ثلاثة اضعاف، ولا مياه تصل الى المنازل وحلت محلها الصهاريج. رفعت تعرفة الكهرباء وقدمت للناس العتمة، فلا كهرباء ولا امل في المستقبل القريب. رفعت تعرفة الاتصالات ستة اضعاف ولا انترنت يعمل. واعلن وزير الاتصالات ان هذه الزيادة الكبيرة وغير المنطقية غير كافية، ويريد المزيد، ويترافق ذلك مع هدر وضياع ستة مليارات دولار في اوجيرو. رفعت الدعم عن المحروقات، فحلقت الاسعار حتى اصبحت اغلى مما هي عليه في اوكرانيا. ورغم وعودها بتقديمات مقابل ذلك، لم تقدم شيئاً. وهكذا اسقطت حكومة الانقاذ المواطن اللبناني تحت اعباء ضريبية لا قدرة له على تحملها. وكارثة الكوارث هي الدواء التي فشلت الحكومة في تأمينها للمرضى وهي ان وجدت فباسعار خيالية يعجز الكثيرون عن شرائها. اما الحكومة فحياة المواطنين لا تعنيها. واذا اردنا الاسترسال في تعداد الفشل الحكومي لاحتجنا الى صفحات وصفحات. ولكننا نقول لها ارفعي يديك عن جيوب المواطنين التي افرختها اصلاً.
اما الفشل الشعبي فهو الاقسى، انه المسبب لكل ما نعاني منه اليوم. بعد فشل المجلس في المحاسبة كان يفترض بالشعب ان يحاسب الذين دمروا حياته. لقد ثار وصرخ وهدد ويوم الانتخاب وقف الى جانب المنظومة واعاد انتخابها، فمدد للازمة المستفحلة. فهو لا يعرف ان يختار. حتى بعض النواب الذين دخلوا المجلس تحت تسميات متعددة بدأت تتكشف سياساتهم وهم ليسوا تغييريين ولا مستقلين ولا سياديين استغلوا التسميات المتعددة ووصلوا ثم انقلبوا عليها والا لماذا لا يوحدون صفوفهم ويتخلون عن الورقة الشبيهة بالورقة البيضاء وانهم بعدم تسمية مرشحهم يشاركون فريق 8 اذار في التعطيل.
انها صورة سوداء محزنة ولكنها تمثل الواقع. واظهار الحقيقة مهما كانت مرة افضل بكثير من خداع الناس. فعلى امل ان يتحرك الشعب ويحاسب ويستعيد حقوقه المسلوبة ويوقف هذه المنظومة عند حدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق