سياسة لبنانيةلبنانيات

اين المجلس النيابي من مآسي اللبنانيين ونداءات الخارج ولماذا لا ينتخب رئيساً للبلاد؟

كيف سيواجه رئيس مجلس النواب نبيه بري كلام البطريرك بشاره الراعي وكيف ستكون اجواء جلسة بعد غد الخميس؟ هل تكون الاخيرة قبل الاعياد، افساحاً في المجال امام المزيد من الاتصالات والمشاورات، ام انها ستختلف عن الجلسات السابقة؟ بالطبع لن يتغير شيء طالما ان الانقسامات على حالها والمواقف لم تتبدل داخل فريق السلطة الذي لا يزال مصراً على الاقتراع بالورقة البيضاء وتعطيل الدورة الثانية بالانسحاب من الجلسة وتطيير النصاب. ثم ما هو موقف النواب الذين تنهال الادانات لمواقفهم من مختلف الجهات؟ هل ان الشعب الذي انتخبهم راضٍ عن مواقفهم، بعدم التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية يكون خارج 8 و14 اذار كلياً، بعيداً عن المنظومة التي دمرت البلد، ولا تزال ماضية في سياستها الرافضة لأي تغيير. فهي تريد المحافظة على هيمنتها على كل مفاصل الدولة باي ثمن حتى ولو سار البلد الى الانهيار الاكبر. هل يدرك النواب ان الذين انتخبوهم للدفاع عن مصالحهم، يعانون اشد المعاناة من جراء الاوضاع الاقتصادية والمالية والغلاء الفاحش، وهم يتطلعون الى رئيس قادر ينتشلهم من هذا الجحيم؟ الحقيقة ان السياسة المتبعة من قبل هؤلاء لا تؤشر الى اي تغيير، ولا تدل على ان النواب يبالون بالنداءات المتكررة من الداخل والخارج، بل انهم ينتظرون كلمة سر قد تأتي وعلى الارجح لن تكون لمصلحة البلد، بل لمصلحة من يوحي بها. ولكن هل يستطيع اللبنانيون تحمل عهد كالذي سبق وهم على هذه الحالة المزرية؟
مقابل هذه اللامبالاة من قبل المنظمة، اهتمام دولي بوضع البلد رغم انشغال الخارج بقضايا مصيرية كالحرب الروسية على اوكرانيا، وازمة الغذاء والنفط والغاز وغيرها من المشاكل الدولية. فقد زار بيروت وفد نيابي اميركي جاء يستطلع الوضع المأساوي في لبنان، فجال على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، كما زار وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وكانت له تصريحات هنأ فيها الدولة بنجاح عملية ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل وجهودها بانجاز مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي والتي احيلت الى المجلس النيابي، متمنياً الاسراع في اقرارها، مشدداً على ضرورة انتخاب رئيس، داعياً النواب الى انجاز هذا الامر في اسرع وقت ممكن، مشيراً الى ان هناك تحديات كثيرة سيشهدها العام 2023 عالمياً، ومنها ما يتعلق بالامن الغذائي، وتأمين المساعدات من الولايات المتحدة للدول الصديقة. لذا يتوجب على المشرعين والسياسيين اللبنانيين بذل جهود كثيرة لوضع لبنان على سكة التعافي التي لا تتم بدون محاربة الفساد واقرار القوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي.. هذا التصريح وصف الحالة كما هي والعلاج اللازم لها فهل من يقدم.
والنصائح لا تقتصر على الجانب الاميركي بل انها نابعة من اهتمام اوروبي ايضاً. فوزير الخارجية عبدالله بوحبيب العائد من مؤتمر تحالف الحضارات في فاس ومؤتمر الاتحاد من اجل المتوسط في اسبانيا حيث التقى وزير خارجيتها ولجنة الشؤون الخارجية، وجرى التطرق الى الاوضاع في لبنان. ويقول بوحبيب ان كل الاطراف تطالب باستمرار بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ومصادقة المجلس النيابي على الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي ولمست لديهم تعاطفاً كبيراً مع لبنان في ما يخص موضوع النازحين السوريين اذ باتوا مدركين ان لبنان لم يعد قادراً على تحمل اعباء النزوح اقتصادياً ومالياً وديموغرافياً واجتماعياً وهم يشكلون عامل ضغط على النموذج اللبناني. ولا ننسى ان الرئيس الفرنسي يحمل اليوم القضية اللبنانية ليطرحها في لقائه مع الرئيس الاميركي في واشنطن.
هكذا نرى العالم رغم انشغالاته الكبيرة والكثيرة يولي هذا البلد الصغير اهتمامه ولكن المؤسف ان هذا التحرك الدولي يقابله تقاعس لبناني ولا مبالاة مستغربة. فالمسؤولون اللبنانيون وخصوصاً نواب الامة يديرون الاذن الصماء، فالمصلحة الوطنية في اخر اهتماماتهم والاهم عندهم التطلع الى مصالحهم الخاصة، ولو كان الامر عكس ذلك، لدخلوا المجلس النيابي بعد كل ما يسمعونه ولا يخرجون منه الا وقد انتخبوا رئيساً للبلاد، يكون على مستوى المرحلة ليمحو مآسي ست سنوات مضت دمرت اللبنانيين، وضيعت جنى عمرهم وافقرتهم.
والوضع السياسي المتأزم وتجاهل ضرورة انتخاب رئيس تقابله انهيارات مالية واقتصادية قاتلة. فسعر الدولار قفز فوق الاربعين الف ليرة وهو مستمر في التحليق طالما ان المعالجات غائبة وطالما ان الدولة بلا رئيس وبلا حكومة فعالة، ومع مجلس نيابي غافل عن كل قضايا الناس. هذا الارتفاع في سعر العملة الاجنبية يترافق مع موجة غلاء فاقت كل التصورات، وبات المواطنون عاجزين عن تأمين ضرورات الحياة، فيما المافيات والمتاجرون بلقمة العيش ناشطون في تحقيق الارباح الخيالية دون اي مراعاة لوضع المستهلكين. وعلاوة على ذلك هم يستغلون فترة الاعياد لزيادة الاعباء على المواطنين، اما المسؤولون فهم في واد اخر، لا بل انهم يساعدون التجار على رفع الاسعار، والدليل ما تحمله الموازنة العامة للعام 2022. فما ان اقرت حتى بدأت تتكشف ويلاتها. فهي قائمة على رسوم وضرائب خيالية دون ان يقابلها اي تقديمات. فهم المسؤولين تعبئة الخزينة لتأمين النفقات وربما الصفقات وليس امامهم سوى جيوب المواطنين الممزقة. فهنيئاً لهذا الشعب بهكذا مسؤولين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق