سياسة لبنانيةلبنانيات

«سيد نفسه» عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية فهل يأتي الدعم من الخارج؟

الكابيتال كونترول ضحية المماطلة واللجان النيابية تتقاذفه من اسبوع الى اخر

الجلسة الهزلية لمجلس النواب يوم الخميس المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية هل تكون الاخيرة قبل الاعياد، وفق ما يردد بعض النواب، ام تستمر على هذا المنوال المسرحي الى ان تأتي التعليمات من الخارج، اما عبر وسائل مشفرة، او وساطة مكشوفة. لقد بات واضحاً ان المجلس النيابي عاجز عن القيام بمهماته لوحده هل بعد ذلك ان هذا المجلس هو سيد نفسه؟ جهات نيابية نصحت بعدم وقف الجلسات طوال الشهر المقبل بذريعة الاعياد، لان رئيس المجلس حينها سيتهم بتمديد فترة الفراغ، والحقيقة ان الرئيس بري عاكف على اجراء المشاورات، ويكثف اتصالاته مع الكتل النيابية، على امل ان تنحصر الترشيحات بين شخص او ثلاثة، وعندها تجرى الانتخابات الا ان كل ذلك مرتبط بالتطورات الداخلية والخارجية على حد سواء. فعلى الصعيد الداخلي، لا يزال فريق 8 اذار ممتنعاً عن تسمية مرشحه علناً، رغم انه بات معروفاً من الجميع وهو الوزير السابق سليمان فرنجية، وهذا الفريق عندما يدعو للحوار والتفاوض فهو يعني ان على الطرف الاخر ان يؤيد طرحه وينتخب مرشحه. وهذا ما يرفضه بعض كتل المعارضة المنقسمة والمفككة، وقد عجزت حتى الساعة عن توحيد مواقفها والاتفاق على مرشح واحد يواجه مرشح 8 اذار.
في هذا الوقت تنشط الاتصالات الخارجية، لانتشال لبنان من هذه الهاوية، ولكن لا بوادر انفراج حتى الساعة. فالبطريرك بشاره الراعي حمل الملف اللبناني الى الفاتيكان وسيبحثه مع البابا فرنسيس، الذي يولي القضية كل اهتمام، دون ان يوفق في اقناع المعنيين اللبنانيين بالاتفاق على انقاذ البلد. كذلك فان هذا الملف سيحمله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى واشنطن، التي سيتوجه اليها غداً الثلاثاء لمقابلة الرئيس الاميركي جو بايدن. ومعلوم ان بياناً ثلاثياً فرنسياً – اميركياً – سعودياً كان قد صدر قبل مدة، يدعو الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تتولى تنفيذ الاصلاحات، وتوقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي. الا ان الملفت كان تصريح المرشد الايراني علي خامنئي الذي قال ان وجود ايران في لبنان افشل المشروع الاميركي. وهذا يعكس الصراع الاميركي – الايراني على الساحة اللبنانية. ومن هنا يمكن القول بان الخارج هو لاعب اساسي في انتخاب رئيس، وذلك ما كان ليحصل لو ان النواب اللبنانيين كانوا يملكون قرارهم الوطني، ولا يسمحون لاي طرف خارجي بالتدخل في شؤونهم.
على صعيد اخر تجتمع اللجان النيابية غداً الثلاثاء وبعد غد الاربعاء، لمتابعة البحث في الكابيتال كونترول. وتسيطر على الجلسات في كل اسبوع الانقسامات الظاهرة. فلماذا هذا التردد والتهرب من اقرار هذا القانون، الذي اصبح مفعوله اليوم في حال اقراره ضئيلاً. لقد كان من المفيد والضروري ان يقر القانون في اليوم التالي لبدء الازمة، ليمنع تهريب الاموال الى الخارج، الا ان الحكومة والبنك المركزي والمصارف لا مصلحة لها في اقراره، وقد تضامنت مع بعضها وابقته في الادراج طوال اكثر من ثلاث سنوات. فهذه الاطراف الثلاثة هي المسؤولة عن الافلاس الذي وصلنا اليه، ومع ذلك فهي تتهرب وتسعى الى تبرئة نفسها والقاء العبء على المودعين وهم الضحية الوحيدة في ما هو حاصل. فلماذا مثلاً يمنع القضاء من محاكمة المصارف التي خانت الامانة، وتصرفت بالودائع دون استشارة المودعين، وبددتها، كما ساهمت في تهريب ما بقي منها الى الخارج؟ اليس هذا مستغرباً؟ معلوم في كل دول العالم ان الامانة مقدسة ومن يفرط بها يدخل السجن، فاين نحن من هذا القانون، ولماذا لا يطبق؟ الا يعني كل ذلك ان الاطراف الثلاثة المذكورة اعلاه هي المسؤولة عن تبديد الودائع وهي تمنع الملاحقات، وتحمل المودعين الخسائر لانهم الفئة الاضعف. وهنا تقع المسؤولية عليهم وعلى الشعب ككل وهم منه، فيرضخون لهذا الواقع المدمر لحياتهم دون ان يتحركوا للمطالبة بحقهم وجنى عمرهم. التجمع امام المصارف للحصول على فتات ودائعهم قمة الاذلال ونواب الامة غارقون في الجدال القاتل.
على الصعيد التربوي يتوقف التدريس يوم الثلاثاء والاربعاء في المدراس الرسمية، احتجاجاً على عدم قبض الاساتذة حقوقهم. فعسى ان يتم وضع حد لهذه الاضرابات التي يلحق ضررها بالطلاب دون غيرهم، وقد اضاعوا الكثير من الوقت، خصوصاً وان مستوى التعليم هبط كثيراً في لبنان. الاضراب لن يطاول المدارس الخاصة، التي فرضت على الاهالي مبالغ كبيرة بالدولار«فراش»، مهددة اياهم بطرد اولادهم من المدارس في حال تخلفهم عن القبول بالدفع، دون اي مراعاة لظروف البلد والاوضاع الاقتصادية المتردية وما يعانيه الكثيرون من بطالة ومن غلاء فاحش، في ظل انخفاض دراماتيكي لسعر صرف الليرة اللبنانية التي خسرت 95 بالمئة من قيمتها. فهل هذا ما توصي به التعاليم الدينية والرسالة الانسانية والتربوية؟ انها رسالات لم تعد موجودة الا على الورق اما الممارسة وتحكيم الضمير فقد اصبحا في خبر كان. لقد ابتعدوا كثيراً عن التعاليم الدينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق