أخبار متفرقة

ماذا يجري في جهاز «أمن الدولة»… ومعه؟!

جهاز أمن الدولة هو واحد من أربعة أجهزة أمنية رئيسية: مخابرات الجيش، الأمن العام، شعبة المعلومات و«أمن الدولة»… أنشىء في العام 1985 وكان من أبرز مهماته حماية الشخصيات. يتبع سياسياً لمجلس الدفاع الأعلى الذي يرأسه رئيس الجمهورية، ويتبع إدارياً لرئاسة الحكومة كون رئيس الحكومة هو نائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع ومتابع لكل القرارات والشؤون التنفيذية. يرأس الجهاز ضابط كبير من رتبة لواء ومن الطائفة الكاثوليكية بحكم العرف الطائفي المطبق وبموجبه تتوزع رئاسات الأجهزة الثلاثة (غير أمن الدولة) على الطوائف الثلاث الكبرى، مع العلم أنه منذ استحداث هذا الجهاز أيام الحرب على يد الرئيس بري وحتى اتفاق الطائف كانت رئاسته مناطة بضابط شيعي (اللواء نبيه فرحات).
منذ منتصف العام الماضي بدأت تظهر بوادر حملة على جهاز أمن الدولة تضمنت تشكيكاً بقدراته وإنتاجيته الأمنية، وحتى بجدوى وجوده واستمراره، وهذه الحملة تغذت من خلاف بين مدير أمن الدولة اللواء جورج قرعة ونائبه العميد محمد الطفيلي، لم تنجح المداخلات والمساعي في معالجته، وإنما ازداد رسوخاً مع الأيام وانعكس على مجمل الجهاز وإمكاناته وعمله… ومنذ شهر تقريباً بدأت المشكلة تأخذ بعداً سياسياً وخرجت من نطاق المؤسسة الى طاولة مجلس الوزراء، بعدما قرر الوزير ميشال فرعون إثارة هذا الموضوع بعد استنفاد كل المحاولات التي شارك فيها البطريرك لحام، كما دخل على الخط العماد عون موفداً النائب ابراهيم كنعان الى عين التينة قبل أن تتدهور العلاقة مع الرئيس بري ولكن من دون نتيجة…
الوزير فرعون أثار هذا الموضوع من خلفية أن جهاز أمن الدولة هو المؤسسة الوحيدة المتبقية للكاثوليك وتواجه خطر تعطيل دورها وإفراغها من مضمونها وصلاحياتها، فيما المؤسسة الثانية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي المحسوب على الطائفة الكاثوليكية، واجه أيضاً محاولات حثيثة لإجهاضه وضرب دوره الاستشاري لا التقريري، ولولا جهود ومبادرات شخصية من رئيسه روجيه نسناس لكان هذا المجلس زال من الوجود وأصبح في خبر كان.
لم يكن فرعون لوحده في إثارة هذا الموضوع. فقد سانده في ذلك الوزير الكتائبي «الكاثوليكي» آلان حكيم، وأيضاً الوزير جبران باسيل. والمفارقة هنا، حسب مصادر وزارية، أن الرئيس سلام لم يحتمل أي ضغوط ومطالبات في هذا الموضوع وتصدى فوراً للوزير حكيم الذي هدد بالانسحاب من الجلسة وللوزير باسيل الذي اتهمه سلام بالمزايدة مسيحياً. ولكن رئيس الحكومة تفادى الاصطدام بالوزير فرعون الذي يعلم أن المشكلة الفعلية ليست مع سلام ولكنها في مكان آخر، ويعلم أيضاً أن سلام يملك السلطة والقرار لبت هذه المسألة الواقعة في نطاق صلاحياته ومسؤولياته ولكنه لا يفعل مجاراة ومسايرة للرئيس بري.
أما المشكلة أو الأزمة التي يمر بها جهاز أمن الدولة فإنها تختصر بحالة حصار للجهاز وتقييد إمكاناته وتقليص دوره، وهذه الحالة تترجم عملياً، حسب المصادر عينها، عبر المظاهر والخطوات الاتية:
– عدم دعوة مدير أمن الدولة الى الاجتماعات الأمنية التي تعقد في السرايا الحكومي، وهذه سابقة لم تحصل بعدما كان الجهاز يشارك في كل اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع.
– تجميد المعاملات المالية العائدة لأمن الدولة من وزارة المالية. هذه المعاملات تحمل توقيع وزير المال ولكنها مجمدة ومحالة الى رأي ديوان المحاسبة لأنها لا تحمل «إشارة» نائب رئيس الجهاز الذي يطلع على المعاملات ويؤشر عليها من دون أن يوقعها.
– وقف النفقات والمخصصات السرية العائدة لجهاز أمن الدولة ورئيسه.
ومع الوصول الى هذه الحال من إجراءات التضييق على مديرية أمن الدولة، بدأ تحرك وزاري لفك الطوق ووقف هذا المنحى السلبي الذي يوصل في حال استمراره إما الى تهميش هذا الجهاز وإضعافه وضرب دوره ومعنوياته، أو الى وضع اليد السياسية عليه… ومن المقرر أن يكون هذا الملف على طاولة أول جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب… ويقول الوزير فرعون في هذا الصدد: «ما يقال بأن الخلاف هو على شخص اللواء قرعة وعدم إتفاق وجهات النظر بينه وبين نائبه أمر غير مقنع. هناك من يريد أن يكون هناك توقيع مزدوج على المعاملات الخاصة بالجهاز من قبل رئيس الجهاز ونائبه، بمعنى آخر تقليص وتغيير صلاحيات رئيس الجهاز، وهذا أمر لا يحصل في الأجهزة الأخرى، وبالتالي هذا أمر غير مقبول لا بالسياسة ولا بالقانون خصوصاً في ظل غياب رئيس الجمهورية، وهذا ما يسبب إنزعاجاً كبيراً عند القيمين على الطائفة ويعتبرون أن الامر استهداف لحقوقها». ويلفت إلى أن الرئيس سلام يعتبر أن بداية الحل في مناقشة صلاحيات المدير العام وآلية إتخاذ القرار، لكن مأخذنا هو أن هذه الآلية والصلاحيات لم تتغيّر من نشوء الجهاز، فلماذا البحث عن تغييرها في هذا التوقيت، ولماذا تغيير الصلاحيات سيطاول جهاز أمن الدولة وحده دون الأجهزة الأخرى؟».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق