سياسة لبنانيةلبنانيات

لماذا يتخلى النواب عن مهماتهم ويمتنعون عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟

التلويح بعهد جديد يشبه العهد السابق يثير القلق بين المواطنين

يشهد هذا الاسبوع سلسلة نشاطات سياسية بعضها يتعلق بحاجات اصلاحية وشعبية، وبعضها الاخر على علاقة بالفراغ القاتل المهيمن على الحياة اليومية، ويتمثل بالشغور في منصب رئاسة الجمهورية. وقد فشل النواب حتى الساعة في انتخاب رئيس جديد، يتولى النهوض بالبلد، من خلال تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة بالحاح.
يبدأ الاسبوع بعودة اللجان النيابية المشتركة الى الاجتماع لبحث المشاريع الاصلاحية التي يطلبها صندوق النقد الدولي كشرط لمد يد المساعدة، والتي عجزت الحكومة، حتى عندما كانت تتمتع بكامل المواصفات، في تنفيذها، مما اساء الى الوضع الاقتصادي وساهم في تدهوره اكثر، وفي طليعة هذه المشاريع الكابيتال كونترول، الذي لا تزال المنظومة تختلق الذرائع والاعذار للتهرب من اقراره، رغم مرور اكثر من ثلاث سنوات على طرحه، فنام في ادراج المجلس النيابي طوال هذه المدة، ولو اقر في حينه لكان منع تهريب الاموال الى الخارج. وهذا التقاعس والتأجيل والمماطلة تطرح اكثر من علامة استفهام حول السبب الذي يحول دون اقراره. واخر عرقلة كانت الاسبوع الماضي اذ تذرع النواب بعدم حضور حاكم مصرف لبنان، رغم توجيه الدعوة اليه، ولكنها حجة واهية لا تنطلي على احد. لماذا هذا التهرب، وما هي مصلحة المنظومة في عدم اقراره، ولماذا سمحت بتهريب كل هذه الاموال من خلال تقاعسها؟ من هنا يمكن استخلاص الجواب.
على الصعيد السياسي حرك خطاب امين عام حزب الله الاخير، النشاط النيابي، وخصوصاً المعارضة التي اخافها التلويح باحتمال العودة الى رئيس يشبه اميل لحود او ميشال عون، والبلاد تعاني وبقسوة من الانهيار الذي وصلت اليه خلال العهد الماضي، والذي اوصل اللبنانيين الى الجوع والفقر، وعزل لبنان وقطع علاقاته العربية والدولية، حتى اصبحنا في جهنم حقيقية. وعلى هذا الاساس يعقد غداً في احد فنادق العاصمة اجتماع وقد وجهت الدعوة الى اكثر من اربعين نائباً من المستقلين والتغييريين، وبالتنسيق مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، للتداول في انتخابات رئيس جديد للجمهورية وتوحيد الموقف من مرشح واحد، يواجه محاولات المنظومة العمل على استمرار الوضع الحالي المهترىء، ويمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويأتي هذا الاجتماع استعداداً لجلسة الخميس المقبل، التي يتوقع ان تشهد مناقشات حامية، رداً على الاسلوب الذي يعتمده الرئيس بري في التعامل مع النواب الذين يمثلون الشعب مثله، وبالتالي لا يجوز قمعهم والاستخفاف بهم، بل اعطاؤهم كامل الحق بعرض وجهة نظرهم. لهذه الاسباب كلها وفي ظل البحث عن مصالح خاصة، يفشل النواب في انتخاب الرئيس المنتظر.
على صعيد الاصلاحات يبدي رئيس حكومة تصريف الاعمال اهتماماً كبيراً بايصال التيار الكهربائي الى المواطنين، بعد هذا الغياب الطويل والمعيب، بسبب الهدر وسوء الادارة والصفقات التي رتبت نصف الدين العام على الدولة والنتيجة العتمة الشاملة. هذا فضلاً عن ان الكهرباء هي من اولويات الاصلاح المطلوب تحقيقه. الا ان الثقة المفقودة بالدولة تجعل المواطنين يشكّون في تحقيق هذا الانجاز. لقد اغرقوا بالوعود بتيار 24/24 منذ العام 2010 وانتظروا طويلاً حتى وصلوا في النهاية الى العتمة الشاملة. فهل تختلف الوعود هذه المرة عن السابق؟ الرئيس ميقاتي يقول انه اتفق مع الرئيس بري على خطة لتمويل تأمين الكهرباء، لن ندخل في تفاصيلها فالمهم النتيجة. فهل تصدق الوعود هذه المرة.
على الصعيد المعيشي، لقد وصل الوضع الى الدمار الكامل. الدولار تجاوز الاربعين الف ليرة، القدرة الشرائية لم تعد قادرة، مهما قدم لها من دعم، على مواجهة هذه الكوارث في الاسعار، بحيث اصبح لبنان في مرتبة متقدمة جداً لجهة الغلاء الفاحش والتضخم غير المسبوق. كل ذلك ونواب الامة يتلهون بخلافاتهم ليس حول المصلحة العامة، بل بحثاً عن مصالحهم الخاصة وهم يتقاعسون عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
هذه هي الصورة السوداء عن الوضع القائم حالياً، وهي لا تعكس كل الواقع لانها في الحقيقة اشد سواداً من ذلك. فمن ينقذ هذا البلد قبل الضياع الكامل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق