سياسة لبنانيةلبنانيات

نجح هوكشتاين في اقفال ملف الترسيم البحري ودخل لبنان نادي الدول النفطية

العهد اقترب من نهايته والمجلس النيابي لا يزال بعيداً عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية

يوم امس 11 تشرين الاول 2022 يوم تاريخي بالنسبة الى لبنان، لانه فتح الباب امامه لدخول نادي الدول النفطية. نجح الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين في ايصال المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل الى نهايتها السعيدة واتفق على ترسيم الحدود البحرية، مع ما في هذا الملف من صعوبة، لانه بين دولتين عدوتين، ولا مفاوضات مباشرة بينهما.
يوم امس اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد تسلمه مذكرة هوكشتاين، عن التوصل الى اتفاق يطوي ملف الترسيم الشائك، ويسمح للبنان باستخراج ثروته الدفينة في البحر. وفي الوقت عينه اعلن رئيس وزراء اسرائيل التوصل الى هذا الاتفاق. وعلى هذا الاساس سيتم خلال ايام قليلة وربما يكون العشرين من الشهر الجاري كما تردد، التوقيع النهائي على ورقتين منفصلتين بحضور ممثلين عن الامم المتحدة والولايات المتحدة ويصبح العمل في التنقيب مباحاً.
الحدث ليس عادياً. فقد شغل الاوساط اللبنانية والاقليمية ورحبت به دول غربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، التي اتصل رئيسها جو بايدن بالرئيس عون وهنأه على هذا الانجاز، مؤكداً وقوف بلاده الدائم الى جانب لبنان ومساعدته على انهاض اقتصاده. ويأتي هذا الانجاز في وقت تعاني الدول الاوروبية من ازمة وقود بسبب الحرب الاوكرانية ومن هنا كان هذا الاهتمام الدولي.
ترافق اعلان نجاح المفاوضات مع وصول وفد من شركة توتال الفرنسية المولجة بالتنقيب عن النفط في لبنان. وعقد اجتماع لهذه الغاية في السرايا الحكومية برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي طالب وفد الشركة بالمباشرة بالاجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية. وحضر هذا الاجتماع وزير الطاقة وليد فياض الذي طالب بدوره بالاسراع في التنقيب بعد التوقيع النهائي. كما طالب بالالتزام الكلي في الوقت عينه، خصوصاً وان العملية تأخذ وقتاً ويحتاج البدء بالعمل الى تحضير المواضيع الهندسية واللوجستية. وبذلك يصبح لبنان دولة على الخريطة النفطية لمنطقة البحر الابيض المتوسط. ومن المتوقع ان يجتمع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي لاعلان القبول النهائي بمذكرة هوكشتاين، وتتبلور نهائياً الورقة المتعلقة بالترسيم والتي سيتم التوقيع عليها من الجانب اللبناني وترسل نسخة منها الى الامم المتحدة. وهناك ورقة مماثلة يوقعها الجانب الاسرائيلي وترسل ايضاً الى الامم المتحدة. ومعلوم ان الاعمال اللوجستية يلزمها وقت، ولكن العمل سيبدأ فوراً. مع العلم ان توتال تأخذ الامور بجدية واضحة.
رئاسياً يبدو ان الامور لا تزال على حالها، فلا مؤشر على اي اتفاق يمكن ان يفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية. وجلسة الغد الخميس التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لن تختلف كثيراً عن سابقتها. فالمعارضة لا تزال معارضات، والاتصالات المكثفة التي جرت في الايام الاخيرة بين الكتل النيابية لتوحيد الموقف، لم تثمر حتى الساعة. فنواب التغيير لا يزالون متمسكين بطروحاتهم، فيما بعض الكتل المعارضة الاخرى اعلنت عن مرشحها ميشال معوض ولا تزال متمسكة به، لان تغييراً جدياً لم يظهر، وبالتالي الوضع على حاله. اما فريق 8 اذار فلا يزال متمسكاً بالورقة البيضاء، مرشحه الوحيد. واللافت ان الاتصالات بين الفريقين لم تفعّل بعد، ولذلك استمرت المواقف على حالها، دون تغيير فهل ان هناك من يعمل من اجل الفراغ؟ ولكن هل ان الوضع اللبناني الكارثي يحتمل هذا الفراغ، خصوصاً وان الحكومة التي ستتولى سلطات رئيس الجمهورية، بعد انتهاء ولاية عون في 31 الشهر الجاري، هي حكومة تصريف اعمال فيصبح لبنان يعيش فراغاً على فراغ. كل ذلك ورغم النداءات المتكررة من الدول التي تهتم بلبنان، بالاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية فان الاذان صماء وكل فريق متمسك بموقفه. هكذا ادارت المنظومة البلد، وهي لا تزال سائرة على المنوال عينه. فالحكومة الحالية هي حكومتها، رغم انها لا تتمتع بصلاحيات كاملة، فانها تستطيع ان تحفظ مصالح المنظومة وهذا ما يهمها. اما مصلحة الوطن والمواطنين، فلم تكن يوماً من اهتمامها. والا لماذا انقضت حوالي خمسة اشهر على الانتخابات التشريعية، ولم يستطع المعنيون تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، بسبب المطالب التعجيزية والعراقيل التي وضعت في الطريق.
خلاصة ذلك ان على المجلس النيابي ان يسارع الى انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يبق امامه سوى ايام قليلة، والا فنحن سائرون الى الخراب اكثر مما نحن عليه. فالاستمرار في الوضع الراهن انتحار فهل من يسمع؟ وهل يلعب المجلس النيابي دوره ولو مرة واحدة ويحسم هذا الامر؟ كذلك يجب تشكيل حكومة بعيدة عن المنظومة تضم وزراء من ذوي الكفاءة ونظافة الكف فيسارعون الى وقف التدهور الحاصل على جميع الاصعدة ويعيدون لبنان الى الصف العربي والمجتمع الدولي بعدما انحرف عنهما وسار في طرقات لا تشبهه كانت السبب في تدميره. وعلى الحكومة الجديدة تشكيل شركة وطنية للنفط تتولى هذا القطاع برمته بعيداً عن المنظومة، والا فان الاموال والاستثمارات التي يمكن جنيها ستستمر في تمويل الصفقات المشبوهة التي افلست الخزينة وحطت اموالها في الجيوب المنفوخة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق