سياسة لبنانيةلبنانيات

بداية خجولة لتحرك نيابي يواجه الفشل في تشكيل حكومة وانتخاب رئيس للجمهورية

حكومة «هات ولا تأخذ شيئاً» تؤسس لثورة اصبحت على وشك الانفجار

بدل الحديث عن تشكيل حكومة جديدة تمسك بزمام الامور وتواجه هذا الكم من الازمات القاتلة التي تفتك بالمواطنين. وبدل ان يدعو الرئيس بري المجلس النيابي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يضع حداً للسجال المتوتر حول نهاية العهد، بدل الاهتمام بهذين الاستحقاقين المهمين جداً، ينصرف بعض السياسيين، وخصوصاً الاعلام بفبركة القصص حول اليوم الاخير من العهد، وما يمكن ان يتخذه رئيس الجمهورية من قرارات. فالقرار الدستوري الوحيد هو ان يترك الرئيس قصر بعبدا منتصف ليل 31 تشرين الاول، اذ يصبح الرئيس السابق، ويعود الى منزله. واي قرار غير ذلك يكون مخالفاً للدستور الذي اقسم على احترامه.
وسط البرودة التي يتصف بها موقف الرئيس بري، من دعوة مجلس النواب لانتخاب رئيس، تتحرك الكتل النيابية وتجري الاتصالات في ما بينها استعداداً للمعركة، رغم ان اي فريق، لا فريق السلطة ولا المعارضة، لم يجاهر حتى الساعة باسم اي مرشح. امس كسر النواب التغييريون حاجز الانتظار وبدأوا اتصالاتهم بالكتل النيابية الاخرى في المجلس النيابي، عارضين عليها برنامجهم للرئىس المقبل، فعقدوا لهذه الغاية اجتماعاً مع تكتل حزب الطاشناق، الذي رحب بمبادرة التغييريين، وابدى استعداده للعمل على تقريب وجهات النظر بين الكتل المختلفة. وعقب ذلك، اجتماع مع كتلة نواب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل وحضور النواب سليم الصايغ والياس حنكش ونديم الجميل. ووفقاً للتصريحات التي ادلى بها الطرفان، فان وجهات النظر كانت واحدة وسادتها الايجابية والتوافق، وتم الاتفاق على مواصلة الاتصالات للوصول الى الهدف المنشود.
في هذا الوقت يستعد المجلس النيابي للبدء غداً الاربعاء، وعلى مدى ثلاثة ايام، لمناقشة الموازنة العامة، بتأخير حوالي التسعة اشهر. وفهم من التصريحات التي يدلي بها النواب حول هذه الموازنة، انها مرفوضة في بعض بنودها. فهي خالية من اي تقديمات ولكنها من الناحية الاخرى، تتضمن كماً كبيراً من الضرائب غير المباشرة التي يمكن ان تعيد الثورة الى الاشتعال، في ظل عجز شعبي شامل عن تحمل تبعاتها. هذا فضلاً عن ان هذه الموازنة تحمل المواطنين تبعات الانهيار الشامل الذي تسببت به الطبقة السياسية، والتي اوصل البلاد الى ما نحن عليه. وبات على الحكومة التي اطلقت على نفسها حكومة الانقاذ، ان تبدل اسمها ليصبح حكومة تدمير الشعب. ولنا عودة الى هذا الموضوع.
وتمشياً مع هذه السياسة المدمرة، اقدمت الحكومة امس على رفع الدعم كلياً عن المحروقات، فهبت الاسعار بشكل جنوني ليس اسعار المحروقات وحسب، بل ان التجار الذين يتحينون كل الفرص لجني الثروات على حساب الناس، تذرعوا بارتفاع اسعار المحروقات وعمدوا الى تغيير اسعار جميع السلع المتعلقة بحياة الانسان.
هذه الحكومة التي لم تقدم شيئاً للمواطنين، وحرمتهم من الكهرباء والمياه والدواء والقدرة على الاستشفاء وضربت قطاع المواصلات والنقل العام، ورفعت تعرفات الاتصالات وجعلتها شبه مستحيلة، وهي تستعد لرفع تعرفة الكهرباء رغم عدم قدرتها على تأمينها بحيث نصحها البعض بوضع سعر للعتمة ورفعه، وعجزت عن تأمين الدواء، وهددت حياة الكثيرين بالموت المحتم، هذه الحكومة التي لا ينتهي تعداد انجازاتها، فشلت حتى في تقديم البطاقة التمويلية التي وعدت بها المواطنين كغطاء لتمرير بعض قراراتها المجحفة، ثم اقفلت الحديث عن هذه البطاقة التي تبين انها كانت مجرد خدعة. كما فشلت في اقرار البطاقة الصحية، بعد ان اصبح الاستشفاء والحصول على الدواء من المعجزات.
هذه الحكومة تشكلت من وزراء ليس لدى البعض منهم اي خبرة في اصول الحكم، فراحوا يتسابقون ويتنافسون حول من يستطيع ان يفرض رسوماً اكبر على المواطنين، فاسسوا بذلك لثورة داخل النفوس، لن تلبث ان تنفجر لتطيح كل شيء.
هذا هو الوضع الكارثي السائد في الاسابيع الاخيرة من عمر العهد، ومع ذلك لا نرى عزماً اكيداً على الاسراع بانتخاب رئيس جديد، يكون قادراً على مواجهة هذا الوضع المأساوي. ولا عجب في ذلك لان المنظومة التي تسببت بكل هذه المآسي لا تزال ممسكة بالبلد، وهي تعمل على قطع الطريق امام اي تغيير يمكن ان يحصل ويبعدها عن مركز القرار والحكومة هي صنيعة هذه المنظومة ولذلك فهي تتبنى سياسة «هات ولا تأخذ شيئاً». فهنيئاً للبنانيين بهكذا طبقة سياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق