سياسة لبنانيةلبنانيات

الحكومة الجديدة مطلب ملح الكل يطالب بها والكل يعرقلها ولبنان الخاسر الاكبر

جولة التغييريين على الكتل تؤكد امكانية التفاهم والمطلوب رئيس سيادي حازم

تتصاعد المطالبة وتتوسع كلما مر الوقت، بتشكيل حكومة تنال ثقة مجلس النواب وتخلف حكومة تصريف الاعمال، التي يحاول البعض تطويقها ونزع صفة الشرعية عنها، خلافاً للدستور. غير ان التشكيل بات متعذراً بعد تمسك رئيس الجمهورية بحكومة من ثلاثين وزيراً، بحيث يدخل على الحكومة الحالية ستة وزراء سياسيين، وهذا ما يرفضه ميقاتي، ويقول ان الهدف من هذه الصيغة الحصول على الثلث المعطل، بحيث يبقى فريق السلطة هو المهيمن في حال عدم التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية. اما رئيس الحكومة المكلف فيعرض تبديل وزير او وزيرين على الحكومة الحالية لتصبح كاملة الصلاحيات، او في اسوأ الحالات الابقاء على حكومة تصريف الاعمال كما هي، على ان تمثل امام المجلس النيابي وتنال الثقة. وهذا لا يزال حتى الساعة مرفوضاً من قبل فريق من السياسيين.
الاطراف السياسية كلها تطالب بحكومة جديدة تكون كاملة الصلاحيات، الا ان العراقيل تتواصل وتسد الطريق على هذه الحكومة. والخلافات لا تدور حول مصلحة وطنية يمكن التمسك بها، بل ان الافرقاء يبحثون عن تأمين مصالحهم الشخصية وحصصهم والابقاء على مكاسبهم، وفي كل الاحوال انه الشعب الذي يدفع الثمن كما في كل مرة، فالى متى يستطيع هذا الشعب ان يتحمل؟
والخلافات السياسية تنسحب على كل قضية تبرز الى العلن. فابتداء من اليوم، وعلى مدى ثلاثة ايام، يبدأ المجلس النيابي بمناقشة ودرس الموازنة العامة للعام 2022، والتي اصبحت لزوم ما لا يلزم، بعد ان مرت تسعة اشهر على موعد اقرارها ولم يبق امامها سوى فترة قصيرة. ومع ذلك فان دعوة النواب في 14 ايلول ذكرى استشهاد رئيس الـ 10452 كيلومتراً مربعاً بشير الجميل، اثارت استياء عدد من النواب الذين يعتبرون هذا اليوم هو يوم حداد وطني، ورفضوا حضور الجلسات. لماذا اختار الرئيس بري هذا التوقيت بالذات؟ هل من باب التحديات والمناكفات، ام انه جاء صدفة؟ واذا كان كذلك فلماذا لا يؤجل الى يوم اخر، خصوصاً وان التأخير حاصل وكما ذكرنا مضى على الموعد تسعة اشهر؟ ان العقلية القديمة التي سيطرت على المجلس النيابي على مدى عقود يجب ان تتبدل وتتطور لتماشي التغيير الذي بدأ يتظهر في كل مكان، خصوصاً وان المجلس النيابي الجديد، دخله التغيير من الباب الواسع، فلا يجوز ان نبقى متوقفين في اماكننا والمحيط حولنا يتقدم ويتطور.
وما دام الحديث عن الموازنة نحن نسأل، لمصلحة من وضعت هذه الموازنة التي تحمل صفة «الجلاد» للمواطنين. فهي خالية من اي تقديمات، بل انها تفرض من الضرائب والرسوم غير المباشرة على المواطنين ما ليس لهم قدرة على تحمله. فالى اين تريد هذه المنظومة التي اثبتت فشلها. الوصول بالشعب؟ لقد اعتادت الحكومات المتعاقبة، والتي كانت دائماً من صنع المنظومة، وممثلة لها، الا تهتم بالمواطنين، ولم يسبق ان قدمت لهم شيئاً، لا بل انها نهبت اموالهم وافقرتهم وهجرت ابناءهم، حتى اصبح معظم الشباب اللبناني خارج الوطن، يبحثون عن حياة كريمة ومستقبل زاهر لهم ولعيالهم. وهي لا تزال حتى الساعة تمد ايديها الى جيوبهم الممزقة من خلال وزراء تم اختيارهم على اساس انتمائهم السياسي، دون التطلع الى كفاءتهم وخبرتهم، فتسلموا وزارات خدماتية وعمدوا الى فرض تعرفات ورسوم لا تنطبق على وضع المواطن المادي والمعيشي، ومع ذلك فهم ماضون في سياستهم المدمرة.
اخر ما سجل في نحر المواطنين رفع الدعم عن المحروقات الذي تسبب بكارثة حقيقية. فارتفع سعر الدولار وجرف معه كل الاسعار، وزاد من اختناق الناس حتى باتوا غير قادرين على الوفاء بمطالب هذه الحكومة، التي جاءت تحت اسم «الانقاذ» فاذا بها تدمر كل شي، دون ان تقدم انجازاً واحداً، حتى الوعود التي اغدقتها على اللبنانيين، كانت سراباً، ومن باب التخدير ليس الا. وسط هذه الاجواء القاتمة واصل النواب التغييريون زياراتهم للكتل النيابية فالتقوا امس النواب ميشال معوض واشرف ريفي وفؤاد مخزومي. وكتلة التنمية والتحرير، وكتلة الوفاء للمقاومة وكان حديث صريح وبناء في كل هذه المحطات، والتقت الكثير من الافكار والطروحات عند بعضها، وهذا يشجع على استكمال الحوار وتحقيق الامنيات بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون صاحب قرار حازم، يحافظ على السيادة بالدرجة الاولى ويرعى مصالح المواطنين. قد نكون نحلم، ولكن مصلحة البلد تقتضي العمل على تحقيق هذه الطروحات.
وكانت لافتة امس زيارة وزير الاشغال علي حمية وهو وزير حزب الله، الى الديمان حاملاً معه كعك سليمان للبطريرك الراعي الذي استبقاه على الغداء. ووصفت هذه الزيارة بانها رسالة بحد ذاتها.
ان كل هذه التحركات تؤكد ان اللبنانيين قادرون على الالتقاء والتفاهم، عبر حوار بناء صادق النيات. شرط ان يتوفر له مايسترو نظيف الكف مستقل غير مرتبط باي جهة وان يكون لبنانياً متمسكاً بالسيادة. فاذا توفرت هذه الشروط يصبح من السهل ان يتم التفاهم ويخرج لبنان الى النور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق