سياسة لبنانيةلبنانيات

فضيحة جديدة ترتكبها المنظومة لعرقلة كشف الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ

هل حصل اتفاق بين مختلف الاطراف السياسية على عدم تشكيل حكومة، فطوي الملف رغم التداعيات القاتلة التي تترتب على بقاء حكومة تصريف الاعمال الوحيدة في الساحة. فكل فريق يريد حكومة على مقياسه، تؤمن له البقاء ممسكاً بالسلطة، في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية. فتسليم سلطات رئيس الجمهورية لحكومة تصريف الاعمال يثير فوضى دستورية يمكن ان تتسبب باساءات كبيرة على البلاد، الا ان المصالح الشخصية والانانيات المتحكمة بالنفوس تتقدم على ما عداها من مصالح.
ويبدو ان بعض القوى مؤمنة بان الفراغ حاصل حتماً. ذلك ان المنظومة التي فرضت في السابق الرئيس الذي تريده تبدو هذه المرة عاجزة عن ذلك. الا انها قادرة على التعطيل، وهذا ما ستفعله لمنع وصول رئيس للجمهورية لا يخضع لاوامرها. مر الاسبوع الاول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس، ولم يحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري ساكناً، رغم وعوده السابقة بأنه سيدعو المجلس الى الانتخاب في اليوم الاول لبدء المهلة. الا ان المصالح الخاصة تتقدم على ما عداها من تصريحات واقاويل.
والمنظومة تكاد لا تتوقف عند حد. فهي تلجأ الى مختلف الوسائل لحماية نفسها ومصالحها. فبعد ان عطلت القضاء على مدى اكثر من سبعة اشهر، ومنعته من كشف من تسبب بجريمة العصر في انفجار المرفأ، التي اودت بحياة 220 ضحية بريئة و6500 جريح، لا تزال تتنقل من وسيلة الى اخرى لابقاء التعطيل. فبعدما وجهت الاوامر الى وزير المال بعدم توقيع التشكيلات القضائية المتعلقة بمحكمة التمييز فتعطل دورها في فك اسر المحقق العدلي طارق بيطار، فقد ارسل وزير العدل، وبالمناسبة هو قاض ويفترض فيه ان يكون ملماً بجميع القوانين، كتاباً الى رئيس مجلس القضاء الاعلى يطلب منه فيه تعيين محقق عدلي رديف للقاضي بيطار، يتولى اطلاق سراح بعض الموقوفين التابعين لجهة معينة. انها بدعة مخالفة لكل القوانين، استنكرها اهالي ضحايا انفجار المرفأ وتحركوا في الشارع لمنع هذه المخالفة المسيئة الى القضاء والى سمعة لبنان ككل. انه قرار في حال السير به، يمكن الطعن فيه، ومنع المنظومة من العمل به. فبدل ان يلجأ المعنيون الى الطلب الى وزير المال توقيع مرسوم التشكيلات القضائية، لجأوا الى حل مخالف لكل القوانين.
استنكار هذا القرار لم يقتصر على اهالي ضحايا انفجار المرفأ، المعنيين مباشرة به، بل اثار موجة رفض وتنديد من قبل بعض النواب والاوساط الدبلوماسية التي تساءلت هل هكذا يكون الاصلاح المطلوب من السلطة تنفيذه، ليستعيد لبنان دوره الذي عرف به؟ وكيف يمكن مد يد المساعدة، الى مسؤولين يلجأون الى كل الوسائل غير القانونية ويسخرون القضاء والقوانين لخدمة مصالحهم؟
ان اول عمل يجب القيام به، الغاء هذا الطرح فوراً والاسراع في اقرار قانون استقلالية القضاء، وانقاذه كلياً من سطوة السلطة السياسية التي تسخره خدمة لاغراضها. ان القاضي بيطار الذي يتعرض لجميع انواع الضغوط والعراقيل، صامد متمسك بالعدل والحق، ولبنان بحاجة الى رجال يتمتعون بهذه الصفات الوطنية، التي لا تنطق الا بالحقيقة. حرروا القضاء فوراً من طغيان السياسة فهو سلطة مستقلة ومتقدمة على غيرها، لان لا قيادة لوطن بدون قضاء نزيه عادل، وجيش قوي يمسك زمام الامور. وفي ما عدا ذلك السير نحو المجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق