أخبار

الاردن: انتخابات برلمانية تقدم العشائر وتؤكد المشروع الرسمي الاصلاحي

بدا واضحاً ان الانتخابات البرلمانية التي جرت في الاردن الاسبوع الفائت لم تضع حداً للجدل الدائر بين الدولة بمؤسساتها المختلفة، ومنظومة العشائر من جهة، والمعارضة من جهة اخرى. فالمعارضة التي تتقدمها جماعة الاخوان المسلمين قاطعت الانتخابات، وتمسكت بمطلب تأجيلها الى حين وضع قانون انتخابي ترى انه يحدث تغييراً جذرياً في العملية السياسية ككل، وينقل البلاد نقلة نوعية في اتجاه بناء اكثر ديمقراطية.

الدولة ترد على موقف الجماعة بانها اسست لكم من الاصلاحات الدستورية والقانونية والنظامية. وانها تؤمن بالاصلاح التدريجي، بدلاً من الاسلوب الانقلابي. وتقدم الدولة ممثلة بجملة مؤسسات رسمية مجموعة الاصلاحات التي تمت والتي جرت بموجبها الانتخابات، ومن ابرزها احداث هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات، مهمتها ادارة العملية بكامل تفاصيلها، بينما تكون مهمة الحكومة تأمين جميع المتطلبات التي تطلبها الهيئة وتتطلبها العملية الانتخابية. ومن المستجدات الاصلاحية قانون انتخابي جديد يحافظ على الصوت الواحد في القوائم الفردية لكنه يستحدث اسلوب القائمة بتخصيص مقاعد اضافية عددها  27 مقعداً حيث يتم الانتخاب على مستوى الوطن ككل.
ومن المستجدات ايضاً احداث محكمة دستورية تكون احدى مهامها النظر في قضايا الانتخابات بما في ذلك البت بصحة العملية الانتخابية للاعضاء.
غير ان المعارضة ومنها جماعة الاخوان المسلمين ترى ان كل ذلك غير كاف، ما دامت عملية الانتخاب محكومة بمبدأ الصوت الواحد، الذي تطالب بتغييره ليكون هناك انتخاب ضمن مبدأ القائمة، مع اعطاء نصف عدد المقاعد للانتخاب على اساس ان الوطن دائرة واحدة.

ماذا يريد الاسلاميون؟
باختصار يصر الاسلاميون على تفصيل قانون انتخاب يضمن لهم الاغلبية من عدد اعضاء البرلمان. ويمكنهم بالتالي من الحكم، واجراء تعديلات دستورية تحد من صلاحيات الملك، الامر الذي ترفضه العشائر، ويرى النظام ان الوقت ما زال مبكراً لاعتماده. وراهنت الجماعة الاسلامية على خيار المقاطعة واعتقدت ان نسبة الاقتراع ستكون متدنية، معتقدة ان تدني مستوى الاقبال من شأنه ان يسحب بساط الشرعية من تحت اقدام البرلمان المقبل.
الا ان «الموالاة» نجحت في الحشد للانتخابات، وبالتالي تأمين نسبة تصل الى 57 بالمائة من المسجلين البالغ عددهم حوالي المليونين وربع المليون ناخب. وهي نسبة يراها الشارع مرتفعة قياساً الى حملات المقاطعة التي تكثفت على مدى الاشهر الفائتة. واشارت تحليلات الخريطة البرلمانية الجديدة الى تقدم واضح لحزب الوسط الاسلامي الذي يضم مجموعة من الشخصيات الاسلامية غير المنتمية الى جماعة الاخوان المسلمين او الذين اختلفوا مع الجماعة واسسوا الحزب الجديد، حيث حصل الحزب على ثلاثة مقاعد ضمن القائمة، و14 مقعداً للدوائر الفردية ليصبح مجموع مقاعده 17 مقعداً برلمانياً، ليكون اكبر الاحزاب عدداً للمقاعد.
وفي الوقت نفسه منيت احزاب تقليدية من بينها حزب التيار الوطني الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب الاسبق عبد الهادي المجالي بهزيمة واضحة بسبب عدم حصول قائمته الا على مقعد واحد، اضافة الى عدد من النواب على حساب الدوائر الفردية.
وقد اثار تقدم «الوسط الاسلامي» حفيظة جماعة الاخوان المسلمين، الذين يعتقدون انه حان الوقت لان يتسلموا الحكم، قياساً بما حدث في مصر ودول اخرى، ولكن باسلوب مختلف بعض الشيء. فهم لا يرغبون في احداث انقلاب، او ابعاد النظام، وانما تشكيل حكومة ومنحها الصلاحيات الكاملة بما في ذلك سحب صلاحيات الملك وتحويلها الى رئيس الحكومة الذي يكون منهم – بحسب قراءاتهم -.
فالنتائج النهائية للانتخابات التي شككت المعارضة بنزاهتها، وبنسبة المشاركة فيها وبجدوى قدرتها على احداث الاصلاح، أظهرت سيطرة النواب المحسوبين على التيارات العشائرية والوسطية، وسط توقعات المراقبين بان امتحان النزاهة سيظل يلاحق البرلمان.
ووفق النتائج التي أعلنتها الهيئة المستقلة للانتخابات فإن نحو ثلث النواب في البرلمان الجديد والبالغ عدد أعضائه 150 نائباً كانوا أعضاء في مجلسي النواب السابقين، وقد أقرت الحكومة وأجهزتها بحدوث تزوير وخروقات كبيرة في انتخاباتهما.

اعلان النتائج
أظهر اعلان النتائج موجة من الأسئلة لدى مراقبين ومرشحين سواء من الذين فازوا بالانتخابات أم ممن خسروها بسبب تأخر اعلان النتائج، وتغيير بعضها بحجة اكتشاف اخطاء في عمليات جمع الاصوات. وبينما استقبل الفائزون النتائج بالابتهاج وتوزيع الحلوى، شهدت مناطق في المملكة أعمال شغب قام بها أنصار مرشحين خسروا. في حين شكك آخرون بأعمال الفرز أو إعادة الفرز، وتأخر إعلان نتائج دوائر كبرى نتيجة إعادة الفرز، وكان لافتاً فوز ثلاثة من النواب الذين أوقفهم القضاء في سجن الجويدة بتهمة شراء الأصوات واستخدام المال السياسي، وتم الافراج عنهم بعد اعلان فوزهم، وسط تقديرات باسقاط عضويتهم من البرلمان في حال ادينوا بتلك الجرائم. ومن أبرز النتائج عدم قدرة الكتل الـ 61 التي تنافس 819 مرشحاً من خلالها على 27 مقعداً في البرلمان على الفوز بعدد كبير من المقاعد، حيث لم تحقق أي كتلة فوزاً بأكثر من ثلاثة مقاعد، وهو الذي حققته قائمة الوسط الإسلامي وهو حزب غير معارض.
وفي مفاجآت القوائم، لم تتمكن القائمة المحسوبة على حركة فتح من الفوز بأي مقعد، إضافة الى قائمة أبناء الحراثين التي ترشح لها عدد من النشطاء اليساريين، وقائمة النهوض الديمقراطي التي رشحت معارضين يساريين أيضاً. كما أظهرت النتائج ارتفاع عدد النواب الأردنيين من أصل فلسطيني بنسبة ضئيلة، حيث ارتفع عددهم بواقع سبعة نواب جدد عن البرلمان السابق. وظلت نسب الاقتراع في الانتخابات موضع جدل بين الهيئة المستقلة للانتخابات التي أكدت أن النسبة بلغت 56،6%، بينما رفضت جماعة الإخوان المسلمين هذه النسبة وقالت إنها لم تتجاوزالـ 25%. وفيما قالت الهيئة إن نسبة الاقتراع في العاصمة عمان ارتفعت بشكل لافت ووصلت إلى 43% بعد أن ظلت في مختلف مواسم الانتخابات لا تتعدى حدود الـ 35%، قال الإخوان إن رصدهم للاقتراع أظهر أن نسبة الاقتراع في المدن الرئيسية في عمان والزرقاء وإربد أظهر أنها لا تتجاوز 19%.
ودافع رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عبد الإله الخطيب في مؤتمر صحافي عن تأخر إعلان النتائج الأولية وأعاد ذلك إلى عمليات التدقيق التي أجرتها الهيئة.
وقال: إن النتائج لن تكون رسمية إلا بعد اعتمادها من مجلس مفوضي الهيئة ونشرها بالجريدة الرسمية، مشيراً إلى أن الهيئة لم تبلغ بأي خروقات أساسية أو تجاوزات أخلت بسلامة العملية الانتخابية ^
 

عمان – «الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق