سياسة لبنانيةلبنانيات

العقد تسد طريق التشكيل وحكومة تصريف الاعمال تؤمن حصص الجميع

بعد يومين يدخل لبنان في المهلة التي حددها الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية وتمتد من اول ايلول الى 31 تشرين الاول. على امل الا يستغرق المجلس النيابي كل هذه المدة للانتخاب، ويترافق ذلك مع فوضى سياسية واقتصادية ومالية ومعيشية عارمة تزيد حياة اللبنانيين قهراً وبؤساً. وتعددت الاراء السياسية وتقاطعت وتناقضت، وهذا وضع درج عليه لبنان. فرئيس الجمهورية حمل على وصفهم بـ «اولاد الحرام» من سياسيين واعلاميين وغيرهم لانهم يقرأون في نوايا الرئيس. والمجلس الاسلامي دافع عن الرئيس ميقاتي وصلاحياته. ويأتي ذلك في وقت يجري الحديث عن اجتماع جديد قد يعقد هذا الاسبوع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وان المؤشرات لا تبشر بامكانية ايجاد الحلول وتجاوز العقد التي تعترض تشكيل حكومة جديدة. هذه الدروب الوعرة التي اعتدنا عليها، في كل مرة يجري الحديث عن تشكيل حكومة، تحضر دائماً لتمنع ايجاد الحلول. وهنا يطرح السؤال: هل صحيح ان النوايا صادقة لتشكيل حكومة جديدة، تخلف حكومة تصريف الاعمال، وتتولى السلطة في حال فشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ام ان النوايا المضمرة تخالف المواقف المعلنة؟ الاطراف كلها ليست متحمسة لتشكيل حكومة. ذلك ان الوقت المتبقي من عمر العهد، لا يسمح باختيار وزراء يمثلون كل القوى السياسية كما هي الحال في حكومة تصريف الاعمال. فالمحاصصة تحتل المركز الاول في اختيار وزراء الحكومة، خصوصاً وان القوى السياسية تدرك ان الفر اغ وارد في رئاسة الجمهورية، وبالتالي فان تولي الحكومة سلطات الرئيس امر وارد. وهذه الحكومة الحالية تمثل الجميع وتؤمن مصالحهم، فماذا يضيرهم لو بقيت متربعة على كراسي الحكم، وهي تؤمن حصصاً متساوية للجميع.
الا ان ما يدعو الى رفض هذا الواقع الاليم ان حكومة تصريف الاعمال متقاعسة، لا تحكم ولا تنتج، فكيف يمكن السير بالبلد الى الامام؟ حتى الساعة فشلت هذه الحكومة في اقرار القوانين التي يصر عليها صندوق النقد الدولي. فبعد حوالي الثلاثين شهراً، يوم بدأ الحديث عن الكابيتال كونترول، لا يزال هذا القانون تتقاذفه القوى السياسية من درج الى اخر، وقد فشلت في اقراره يوم كان له معنى. لانه لو اقر في ذلك الوقت، لوفر على البلد وعلى المودعين الكثير الكثير من العناء، انهم بدل ذلك تركوه ينام في الادراج، فهربت الاموال الى الخارج، وسحبت بعض الودائع، واستفادت جهات محددة على حساب الشعب المغلوب على امره. واليوم بعد ان سويت اوضاع المتهربين من المحاسبة جاءوا يقولون باقرار قانون الكابيتال كونترول: هذه هي السياسة التي اتبعتها المنظومة، فحافظت على مصالحها ودمرت مصالح الناس الذين فقدوا كل امل بحياة كريمة. هذا مع الاشارة الى ان قانون الكابيتال كونترول المقدم من الحكومة، لا يراعي مصالح الناس والمودعين، بل ينقذ المنظومة من اي محاسبة. ثم اين هو قانون اعادة هيكلة المصارف، هذا القانون الذي بدونه لا يمكن تحقيق اي اصلاح. والكل يتذكر ان المنظومة حاولت على الدوام انقاذ نفسها هي التي بددت الاموال، وانفقت بلا حساب من اموال المودعين، حتى قضت عليها وجاءت اليوم تحاول تبرئة المتسببين بالكارثة، اي الدولة والمصارف، وتلقي العبء كله على المودعين. فباي منطق تعتمد هذه السياسة الفاشلة المدمرة؟
بالطبع ان دولة تغيب فيها المحاسبة وينأى المجلس النيابي بنفسه وهو الوحيد المخول بالمحاسبة، فمن يحاسب هذا المجلس؟ بالطبع انه الشعب. ولكنه تخدر وتخلى عن حقوقه، فشجع القوى المتسلطة على الفتك باموال المودعين.
المطبات كثيرة والمسؤولية غائبة، او متقاعسة والشعب يئن من الفقر والجوع ولا من حسيب او رقيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق