سياسة لبنانيةلبنانيات

الدولة معطلة سياسياً وادارياً والخلافات والانقسامات تسد طريق الخلاص

لماذا هذه المماطلة في اقرار خطة التعافي والموازنة والقوانين الاصلاحية؟

الدولة معطلة بجميع مفاصلها السياسية والادارية، على وقع الخلافات والانقسامات والاضرابات وكل ما يمت الى الانتاج بصلة. هذا الانهيار الكامل تقابله ملفات كثيرة ومهمة تتطلب المعالجة، ولكن كيف؟ فالحكومة هي لتصريف الاعمال، وهذه ذريعة لكي لا تجتمع ولا تعمل، مع ان القانون يسمح لها بالتحرك في الظروف الطارئة. وهل من طوارىء اكثر مما نحن عليه اليوم؟ هذا الشلل سببه صرف النظر عن تشكيل حكومة جديدة تتولى العمل الجدي للانقاذ، ولم تعد واردة في ذهن المسؤولين. فهل هناك اتفاق غير معلن على عدم التشكيل. وهل هذا التعطيل يصب في مصلحة البلد؟
اشهر تمر ونحن نسمع عن خطة للتعافي ولكنها لم تبصر النور حتى الساعة. وتعقد اجتماعات نيابية لدرس الموازنة واقرارها ولكن الامور تسير ببطء اعتاد عليه المجلس النيابي. فبدل ان ينجز درس الموازنة في اجتماعات متلاحقة ومفتوحة، لانها شرط من شروط صندوق النقد الدولي، فان اسابيع واشهراً تمر ولم تنته لجنة المال النيابية من الدرس والتمحيص. وقد يستغرق ذلك اشهراً طويلة بعد، فهل هذا هو الاصلاح الذي يعملون له لتوقيع الاتفاق النهائي مع الصندوق، وقد بات معروفاً لدى الجميع ان لا خلاص، بدون هذا الاتفاق لانه المفتاح لابواب كثيرة تنفتح على لبنان، وتساعده على النهوض من انهياره؟
لماذا لا يعقد المجلس النيابي الذي لا يعطله تصريف اعمال، ولا تقف في طريقه عقبات، جلسات متلاحقة حتى اقرار الموازنة والكابيتال كونترول وكان قد اقر قانون السرية المصرفية، الا ان رئيىس الجمهورية لم يوقعه. فلماذا لا يعدل بسرعة ليحظى بالتوقيع؟
وكأن هذا التعطيل السياسي مدعوم بالتعطيل الاداري، فتشهد البلاد سلسلة اضرابات في عدد من القطاعات، تسيء الى المواطنين وتعرقل حياتهم واعمالهم. وخيراً فعلت وزارة التربية التي فتحت ثغرة في جدار الاضراب، واعطت للناجحين في امتحانات الثانوية العامة الفرصة للحصول على شهاداتهم، التي بدونها لا يمكنهم السفر الى الخارج لدخول الجامعات وبناء مستقبلهم. غير ان الاضراب المستغرب والذي لقي استنكاراً واسعاً من مختلف الجهات، فهو اضراب المصارف الذي انتهى امس وقد اساء الى المضربين اكثر مما اساء الى الناس. فعلى ماذا اضربت المصارف؟ لقد فرّطت بودائع المواطنين، وهي امانات عندها (وهنا لا بد من الاشارة الى ان التلاعب بالامانات يستوجب السجن). فمن سمح لها بتبديدها؟ وهل استشارت اصحاب هذه الودائع قبل التصرف بها؟ فكيف تأتي اليوم وتحتج وتطلب عدم محاسبتها لا من قبل القضاء ولا من قبل المودعين؟ فهل من وقاحة بعد اكبر من ذلك؟
نعود الى الملفات الساخنة والتي تتطلب حكومة فاعلة لمعالجتها. واولها ترسيم الحدود البحرية. فمن المتوقع ان يعود الى بيروت في نهاية هذا الاسبوع الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، بعدما امضى اياماً في اسرائيل للعمل على هذا الملف، فهل يعود هذه المرة بالجواب الشافي الذي يحدد حدود لبنان، ويسهل البدء بالتنقيب؟ هذا الملف اذا عولج بطريقة ناجحة يفتح باب الامل امام اللبنانيين، ويصبح الصعود من جهنم مؤكداً. لقد اهمل المسؤولون اللبنانيون اكثر من عشر سنوات الاهتمام بالثروة النفطية في المياه اللبنانية، فكان ان سبقتنا دول المنطقة كلها بما فيها العدو الاسرائيلي الذي بدأ يعقد الصفقات لتوريد الغاز الى اوروبا. وعندما برزت اهمية هذه الثروة اليوم، تحرك المسؤولون. فعسى ان نصل الى نتائج حاسمة في اقرب وقت، لان الوضع الداخلي لا يحتمل التأجيل. والدول الداعمة تطالب بالعمل الجدي وتحقيق الاصلاحات. فلماذا مثلاً لا يتم تشكيل الهيئة الناظمة لوزارة الطاقة، لكي يوافق البنك الدولي على تمويل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن؟ ولماذا لا نزيل التعديات عن الشبكة. ان من يتحمل مسؤؤلية التعطيل هم المسؤولون اللبنانيون وحدهم، فمن الخطأ ان نتهم الاخرين.
الدولة مقصرة في كل الميادين، فاما ان تبدل طريقة نهجها وعملها، وتضع العمل الجدي نصب عينيها، واما ان نبقى غارقين في القهر والعذاب وفي الفقر والجوع. من يحاسب؟ الشعب وحده صاحب الحق في المحاسبة، الا ان المنظومة خدرته وعطلته، ولم يعد يسمع له صوت. وها هو المجلس النيابي الجديد يسير على المنوال عينه ويفشل في توحيد القوى التي علق الناس عليها الامال. فعلى من نتكل بعد كل هذا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق