سياسة لبنانيةلبنانيات

اهتمام دولي بلبنان يقابله شلل سياسي واداري مدمر

حل الازمات بالنسبة الى الحكومة السطو على جيوب المواطنين الفارغة

يغرق البلد في شلل تام. السياسة معطلة والاتصالات متوقفة بين بعبدا والسرايا الحكومية اي لا نية في تشكيل حكومة جديدة تواجه هذا الكم الهائل من الازمات، وهي كلها من صنع منظومة سياسية اثبتت فشلها على مر السنين. فضيعت بلداً كان درة الشرق، وهي اليوم تمعن في تدميره. ويقابل الشلل السياسي شلل اداري تام وسط اضراب شامل لموظفي القطاع العام، مر عليه شهر ونصف، تعطلت مصالح اللبنانيين جميعاً.
سياسياً لا يبدو ان الامور سائرة نحو الحلحلة، وقد بدأ الرئيس المكلف، بعد عودته من عطلته، يتصرف بصفته رئيس حكومة تصريف اعمال بعيداً عن مهمة التشكيل، وسط صمت مطبق من جميع السياسيين. فكأن هناك اتفاقاً على عدم تشكيل حكومة، رغم النداءات الملحة التي ترد من الدول العربية والدول الغربية، بضرورة الاسراع في تأليف الحكومة وتحقيق الاصلاحات، يقابل ذلك تحرك ناشط من المجلس النيابي لاقرار المشاريع الضرورية للاصلاح، والتي كان يجب اقرارها في عهد المجلس السابق ولكنه تقاعس، فهل يكون المجلس الحالي اكثر نشاطاً؟
وفي غمرة التحرك الدولي لمساعدة لبنان والاهتمام به، تتحرك السفيرتان الاميركية والفرنسية باتجاه المسؤولين وهما تحثانهم على الاسراع في تشكيل حكومة والسير بالاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، الباب الوحيد المتيسر حالياً لانتشال لبنان من الهوة السحيقة الغارق فيها. كذلك تزور بيروت مجموعة العمل الاميركية للبنان. جال اعضاؤها على الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي وخطابهم واحد: «اسرعوا قبل فوات الاوان». الا ان النداءات لا تلقى اذناً صاغية، بدليل ان القطيعة مستمرة بين المعنيين بتشكيل حكومة. وسيجتمع اعضاء المجموعة بهيئات اقتصادية ونواب معارضين للاطلاع على حقيقة الوضع رغم انهم يعرفونه جيداً. كذلك وصل الى بيروت بيار دوكان الذي يتولى التنسيق مع الجانب السعودي لتقديم المساعدات للبنانيين.
العالم كله ينشط، رغم الازمات الدولية الخطيرة، لمساعدة لبنان وملفه حاضر في كل اللقاءات والاجتماعات، وحدهم المسؤولون اللبنانيون لا يبالون، وهم يفتشون عن وزير من هنا واخر من هناك، وعن حصص ومكاسب شخصية، بعيداً عن مصلحة الوطن. فالى متى؟
يقابل الشلل السياسي شلل اداري. فقد عطلت الاضرابات المتلاحقة والمكثفة كل الانشطة، وجاء اضراب موظفي القطاع العام ليقضي على اخر حركة. شهر ونصف من الشلل التام فترة كافية لحرق البلد، والتسبب بخسائر فادحة للمواطنين، وافقاد الخزينة الفارغة اصلاً ملايين الدولارات. وامس تحرك رئيس حكومة تصريف الاعمال، فعقد اجتماعاً حضره عدد من الوزراء المعنيين، جرى خلاله البحث في كيفية انهاء هذا الاضراب المدمر. وبدل اللجوء الى حلول علمية مدروسة، تراعي مصلحة المضربين ومصلحة البلد، لجأ المجتمعون، وكالعادة في كل مرة يحتاجون الى مصدر تمويل، الى جيوب المواطنين، هذه الجيوب التي تمزقت من كثرة ما فتشوا فيها، فصوبوا على رفع الضريبة على الدولار الجمركي. الذي ينعكس ارتفاعاً جنونياً في الاسعار، يدفعها المواطن من جيبه، رغم غرقه في ازمات لا تحصى ولا تعد. وكلها بفعل السياسات الخاطئة التي اعتمدتها المنظومة. اما ماذا قدمت الحكومة. مقابل هذه الضرائب القاتلة؟ لا شيء البتة.
والازمة الاشد ايلاماً هي ازمة الرغيف. فقد حرمت الكثيرين من ربطة خبر تقيهم وعيالهم الجوع. لماذا لان المافيات دخلت على الخط، فنهبت وسرقت وزورت وهربت وجنت الثروات على حساب جوع المواطن. واذا سمعنا تصريحات المسؤولين، نعتقد ان الامور الى حلحلة ليتبين في اليوم التالي انها خالية من اي مضمون، والهدف منها تخدير الناس، فيما المافيات تواصل عملها بكل حرية. لقد اثبتت المنظومة انها ليست اهلاً لتحمل المسؤولية فلتترك مقاعدها وترحل وتفسح في المجال امام اصحاب الكفاءة والنزاهة ليتولوا انهاض البلد من هذا الجحيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق