سياسة لبنانيةلبنانيات

رئيس الجمهورية لم يرفض تشكيلة ميقاتي المستعجلة ولكن الاجواء توحي بانها «مش ماشية»

الاعتذار غير وارد عند الرئيس المكلف وسلاحه حكومة تصريف الاعمال

استبق رئيس الحكومة المكلف الجدل السياسي الذي يرافق عادة تشكيل الحكومات، واقدم وفي اقل من 24 ساعة على انتهاء الاستشارات غير الملزمة مع النواب، وشكل حكومة حملها امس الى قصر بعبدا، ليوافق رئيس الجمهورية عليها او يرفضها. وهكذا الملف الابيض الذي يحتوي على التشكيلة يتكرر.
ردة الفعل الاولى ان الرئيس عون لم يرفض التشكيلة، ووعد بدرسها واعطاء الجواب عليها، غير ان الاجواء التي اعقبت هذه الخطوة، وخصوصاً التصريحات التي صدرت عن التيار الوطني الحر، لا توحي بان هذه الحكومة ماشية. وقد يكون الخلاف الذي ساد في الاونة الاخيرة بين الرئيس المكلف وجبران باسيل اثر على التشكيل.
ميقاتي كان يدرك ان تشكيل الحكومة في هذا الوقت والظروف المحيطة به، امر صعب للغاية. فالمطالب كثيرة واليد قصيرة. ثم ان هناك اطرافاً لا تريد ان تبصر حكومة جديدة النور، وهي تتمسك ببقاء حكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد، فاذا تعذر انتخاب رئيىس جديد للجمهورية تتولى هي السلطة الاجرائية. وهذه الاطراف لها حصة وازنة في هذه الحكومة، فتبقى بالتالي ممسكة بالقرار.
الرئيس المكلف كان يدرك كل هذه المعطيات، لذلك لم يعمد الى تشكيل حكومة جديدة بالكامل، بل اعتمد حكومة تصريف الاعمال، مدخلاً عليها تعديلات شملت عدداً من الوزارات، لعل ابرزها وزارة الطاقة التي نقلها من التيار الوطني الحر الى شخص سني، معتبراً ان فياض لم يكن اداؤه على مستوى المرحلة. كذلك استبدل وزير المال يوسف الخليل بياسين جابر، اي انه ابقاها بيد الطائفة الشيعية، متجاوزاً طلب باسيل بالمداورة. كما شملت التعديلات وزارة الاقتصاد ووزارة المهجرين والصناعة. وانتزاع وزارة الطاقة من التيار الحر، يؤكد رفض هذه الحكومة. فهل ان الرئىس ميقاتي تعمد هذا التعديل، ليبقي على حكومة تصريف الاعمال.
بعض الاطراف تقول اذا تعذر تعديل حكومة تصريف الاعمال، فيجب الابقاء عليها، لاستكمال ما بدأت به، وخصوصاً التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وخطة التعافي، وان كان ميقاتي لا يعارض اجراء بعض التعديلات عليها، لا سيما لجهة الخسائر والارقام الاخرى، مؤكداً ان 82 بالمئة من اموال المودعين مضمونة ولا يمكن المس بها وهي بين المئة الف دولار وما دون. ولكن هل ان لجنة المال والموازنة موافقة على هذا الطرح، وهل ان المجلس النيابي بهيئته العامة سيوافق هو الاخر؟ وما هو مصير اموال بقية المودعين؟
الطريق صعبة ومعقدة ومليئة بالالغام، ومن شبه المؤكد ان لا حكومة قبل نهاية العهد، ولكن هل تستطيع البلاد تحمل الانهيار الحاصل اربعة اشهر اخرى والشعب يعاني من اختفاء الرغيف والدواء والكهرباء والمياه، وتحليق الاسعار بحيث باتت فوق قدرته. ان النار تحرقه من جميع الجوانب، فيما يقف السياسيون متفرجين وكأن الامر لا يعنيهم، متناسين ان جهنم هذه هي من صنعهم.
هل يتم البت بالموضوع سريعاً، ام تتكرر الزيارات الى قصر بعبدا، ويتكرر رفض التشكيلات التي تقدم، وهي في نظره لا تستوفي الشروط؟ هل يتكرر السيناريو الذي رافق التشكيل مع الرئيس سعد الحريري الى ان يئس واعتذر؟ وهل ان الاعتذار وارد عند الرئيس ميقاتي؟ يقول بعض الخبراء ان الوضع مختلف جداً. لان الرئيس ميقاتي هو في الوقت عينه رئيس حكومة تصريف اعمال، وهذا سلاح فعّال يمسك به ولا يتأثر باي ضغوط، فان خسر تشكيل حكومة جديدة، فانه باق في الحكم وهو كما سبق وصرح، بان حكومته الحالية ستتولى السلطة في حال تعذر انتخاب رئيىس جديد للجمهورية وتقوم بكامل واجباتها.
بناء على كل ما تقدم يمكن القول ان لا حكومة جديدة في الافق، حتى نهاية العهد، وان حكومة تصريف الاعمال باقية والاستحقاقات المقبلة تتحكم بمصيرها. وسيبقى الشعب يتعرض لحرب ابادة، اولاً من قبل المنظومة التي اوصلته الى هنا، وثانياً من قبل المتاجرين بحياة الناس، من مافيات وتجار ومهربين ومتلاعبين بالاسعار ومزورين الى اخر المعزوفة. فهل بعد ذلك يتأمل اللبناني بالخلاص؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق