سياسة لبنانيةلبنانيات

صيغة حكومية شبيهة بحكومة تصريف الاعمال الحالية خلال اسبوع فهل تمر؟

رهان السياسيين بقاء الحكومة الحالية تصرف الاعمال بالحد الادنى حتى نهاية العهد

يتابع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي استشاراته النيابية غير الملزمة، لليوم الثاني على التوالي، يستمزج خلالها استطلاع اراء الكتل النيابية في شكل الحكومة المقبلة. ولحسن الحظ ان هذه الاستشارات ليست ملزمة لانه لو اراد الاخذ بها لاضطر الى تشكيل حكومة من مئة وزير، نظراً للانقسامات المسيطرة على المجلس النيابي. المنظومة تريد حكومة جامعة للكل، ليس من باب الحرص على حقوق الجميع، بل لكي لا تتحمل وحدها مسؤولية الانهيار. فعندما يشارك الكل يصبحون مسؤولين فلا تقع المسؤولية على طرف واحد.
الاراء التي جمعها الرئيس ميقاتي من هذه الاستشارات في اليوم الاول، كانت كثيرة ومتناقضة. وهناك من طالب بحكومة مصغرة، والبعض الاخر طالب بحكومة لا تضم سياسيين على عكس المنظومة التي تصر على وزراء سياسيين. واللافت ان جميع الكتل كانت تتطلع الى شكل الحكومة، والى المشاركة فيها او عدمها، الى غير ذلك ولكنها لم تتطلع الى اراء الناس ومطالبهم وهم يتعرضون الى حرب ابادة من قبل هذه المنظومة ومن باب الانصاف تشير الى ان نواب الكتائب وحدهم ذكروا بمآسي المواطنين.
لماذا يقاطع المقاطعون؟ هل من باب المصلحة العامة ام من اجل غايات واهداف خاصة؟ ولماذا يشارك الراغبون في دخول نعيم السلطة، هل من اجل خدمة البلد واهله، ام من اجل مكاسب ومغانم لا علاقة لها لا بالبلاد ولا باهلها. فكيف سيتصرف الرئيس ميقاتي؟ هل يأخذ باراء الجميع؟ هذا مستحيل حتماً، ولحسن الحظ انها ليست ملزمة. وتقول مصادره انه بعد انتهاء الاستشارات اليوم سيعكف على دراسة الاراء التي سمعها على مدى يومين، ثم يقدم على وضع صيغة حكومية تنسجم مع تطلعاته. فهو مستعجل لتشكيل الحكومة كي يمضي في الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، ومن الدول المانحة، ومن المجتمع المدني كله، ولكنه في الوقت عينه يدرك صعوبة التشكيل وربما استحالته. ورغم ذلك سيقدم حكومة تشبه الى حد كبير حكومة تصريف الاعمال الحالية، خصوصاً وان بعض اركان المنظومة طالبوا بالابقاء على هذه الحكومة، مع بعض التعديلات غير الاساسية. وسيقدمها الى رئيس الجمهورية، في غضون اسبوع على الاكثر. ولكن هل يوقعها الرئيس عون؟ وهل يتكرر السيناريو الذي رافق التشكيل، يوم كلف الرئيس سعد الحريري به؟ وماذا سيكون موقف الدول الداعمة للبنان، وهل تنفض يدها منه بانتظار انتهاء العهد وانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
ان بعض الذين اعلنوا عدم مشاركتهم في الحكومة، يراهنون على ذلك فهم متأكدون من الفشل في التأليف وان حكومة تصريف الاعمال ستبقى تدير الامور بالحد الادنى، وهذا يعني المزيد من الانهيار والتدهور. هل يستطيع البلد ان يتحمل اربعة اشهر وهو يسير بسرعة كبيرة الى الارتطام، وهل ان الشعب الذي يعاني الفقر والجوع والبؤس، في اكثريته الساحقة، قادر على التحمل؟ الا يفكر المسؤولون بخطر الانفجار الكبير الذي يمكن ان يحدث ويطيح كل شيء؟ ها هو الاسبوع الثالث يمر على بدء اضراب موظفي المؤسسات العامة، والدولة مشلولة بجميع مفاصلها، ومصالح المواطنين معطلة، الى جانب معاناتهم من كم كبير من الازمات القاتلة التي لا تحتمل. الدولار يحلق وتلحق به الاسعار كلها، من المحروقات الى المواد الغذائية الى النقل الذي بات يمنع الكثيرين من التوجه الى مراكز عملهم، الى الكهرباء والمياه وفقدان الرغيف الذي يشكل الشرارة التي ستشعل الانفجار. السياسيون المرتاحون الى وضعهم، والذين اوصلوا البلد واهله الى هذا الوضع، غير عابئين بما يجري وهم يتطلعون الى مصالحهم ومكاسبهم. فالمجلس النيابي الذي علقت الامال عليه، باعتبار انه سيغير ولو جزء من هذا الوضع القاتل، بدأ المواطنون يفقدون الامل به. والتغيير الذي تحدثوا عنه ووصل البعض الى الندوة النيابية باسمه، بدأ يتلاشى. فلا تغيير ولا تغييريين بل سياسيون من طينة واحدة، سرعان ما انضموا الى بعضهم البعض بحثاً عن مصالحهم. لذلك يجب الكف عن ذلك التغيير. والحل الوحيد هو بتغيير ما في داخل هذا الشعب المستسلم الذي لا يعرف كيف يختار وكيف يتصرف. فهو بحاجة الى توجيه سليم يعيده الى الطريق القويم. وبانتظار ذلك لا امل باي تغيير ولا باي اصلاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق