سياسة لبنانيةلبنانيات

الاستشارات النيابية الملزمة بعد اسبوع فهل يكون البلد امام حكومة سريعاً ام نغرق في الفراغ؟

غادر الوسيط الاميركي، في قضية الترسيم البحري الحدودي بين لبنان واسرائيل اموس هوكشتاين، حاملاً معه الرد اللبناني على المقترحات التي قدمها في شهر شباط الماضي، الا ان التعليقات والاراء المختلفة، وكلها تنصب مطلقيها خبراء، لم تتوقف. لم يحدد موعداً لعودته الى بيروت. وتردد انه لن يعود هو شخصياً، بل يكلف مساعدين له او السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا بنقل الجواب الاسرائيلي الى رئيس الجمهورية، ذلك ان هوكشتاين منشغل حالياً بتحضير ملفات من اختصاصه، تتعلق بزيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى اسرائيل والسعودية في تموز المقبل. والى ان يصل الرد الاسرائيلي يبقى لبنان في موقف الانتظار. وكان مؤسفاً حقاً ان نرى اسرائيل توقع اتفاقاً مع الاتحاد الاوروبي لتصدير الغاز الى دوله عبر مصر، فيما لبنان لم يبدأ بعد ولا بحفرة واحدة على طريق التنقيب، وذلك بسبب الخلافات والعجز عن اتخاذ القرار. فهدرت المنظومة عشر سنوات، حققت الدول المحيطة بنا كلها مكاسب انعشت اقتصادها، فيما وصل لبنان الى الهاوية لانه لم يعرف كيف يستثمر ثرواته.. كل ذلك والمنظومة لا مبالية وكأنها لم تقترف جريمة بحق الشعب اللبناني، هي اكبر من ان تعوض. فلو كان لبنان سار على الطريق الصحيح لما كنا اليوم في قعر جهنم، ولكان حافظ على ازدهاره الذي عرف به في العقود الماضية، ورغم كل ذلك لا تزال بعض الاصوات تعلو من هنا وهناك معترضة على توقيع اي اتفاق. فمن يحاسب؟
على الصعيد الحكومي حدد القصر الجمهوري في بعبدا يوم الخميس في الثالث والعشرين من حزيران الجاري موعداً للاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية شخصية تتولى تشكيل الحكومة الجديدة. وبذلك يكون قد مضى خمسة اسابيع على انتهاء الانتخابات النيابية، وكان يفترض بالكتل النيابية ان تنظر الى الوضع الكارثي الذي يجتازه البلد، فتضع خلافاتها السياسية، ولو لمرة واحدة من اجل لبنان، وتتفق على الشخصية التي ستكلف وكذلك على التأليف. فعمر هذه الحكومة لن يدوم اكثر من خمسة اشهر على ابعد تقدير، الا اذا كان السياسيون المتناحرون يخططون لعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع ان الدستور يحتم عليهم اختيار الرئيس قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس الحالي. اما وقد وصلنا الى هذه المرحلة فيجب التطلع الى الازمات القاتلة التي تعصف بالبلد وبالشعب الذي وصل الى درجة من الانهيار لم يعد يقوى على تحملها. وبالتالي على المنظومة ومعها النواب التغييريون والسياديون وكل المجلس تسهيل مهمة الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة، لتنصرف سريعاً الى معالجة ما يمكن معالجته.
حتى الساعة ليس في الساحة الا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي يحظى بتأييد حزب الله وحركة امل والطاشناق وربما الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة نواب عكار وغيرهم. اما من الجهة المقابلة، فالاتصالات جارية بين القوات والكتائب والتغييرين والمستقلين، لتسمية مرشح ينافس الرئيس ميقاتي. وقد عاد اسم نواف سلام يتردد خلال الاجتماعات. فعلى من سترسو التسمية، يجب الانتظار ومراقبة نتائج الاتصالات. والمهم في هذا الوقت ان يتم تشكيل الحكومة سريعاً، فلا نذهب الى الفراغ الذي اصبح مألوفاً عند الطبقة السياسية. ولكن المرحلة اليوم لا تتحمل اي فراغ. فالشعب وصل الى حدود الانفجار بعدما حلقت الاسعار بشكل جنوني، لم يكن يتوقعه احد. فقفز سعر صفيحة البنزين الى ما فوق السبعماية الف ليرة، وهو مستمر في التحليق، ولم يعد لوزارة الطاقة من عمل سوى اصدار تسعيرات جديدة وكلها تحمل زيادات خيالية. فليت هذه الوزارة كانت سريعة في تأمين التيار الكهربائي للناس. والكل يعلم ان اسعار المحروقات تؤثر على اسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى وباتت كلها فوق قدرة المواطن على العيش. ويشهد الوضع انطلاقاً غير مسبوق. في غياب سلطة تدير الامور وتسيّرها بما يناسب المواطنين. حتى المدارس الخاصة التي يفترض فيها ان تكون مربية الاجيال وتثقيفهم، تحولت الى شركات تجارية فرضت على اولياء الطلاب دفع الجزء الاكبر من الاقساط بالدولار فريش، دون ان تتطلع الى وضع الناس. وهددت كل من يعترض بطرد اولاده من المدرسة. هذه المعلومات نضعها امام المسؤولين عن المدارس الخاصة وامام البطريرك الراعي، وحتماً لن نضعها امام وزارة التربية لانها غائبة تماماً عن هذا الموضوع. فهل تتشكل حكومة قادرة على ضبط كل هذا التفلت وتعيد الامور الى نصابها بعيداً عن السياسة والاعيبها؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق