سياسة لبنانيةلبنانيات

ثلاثة ملفات ساخنة هذا الاسبوع ونجاح الترسيم يخرج لبنان من جهنم

الخلافات تسد طريق الحلول وملف الحدود حوّل اللبنانيين كلهم الى خبراء جيولوجيين

يطرح هذا الاسبوع سلسلة قضايا على جانب كبير من الاهمية، لانها تتعلق كلها بمصير البلد وكيفية اخراجه من ازماته القاتلة. ولعل اهمها ثلاثة ملفات.
الملف الاول يتعلق بترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، ويتولى ادارة المفاوضات المسؤول الاميركي اموس هوكشتاين الذي عاد الى بيروت بناء على طلب المسؤولين اللبنانيين، وسيبدأ لقاءاته اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء. وهو عازم على طرح الحل بناء على المحادثات السابقة التي اجراها عندما زار المنطقة. فاما ان يقبل لبنان بطرحه واما الرفض، وعندها يسحب يده من الملف. فهل يدرك المسؤولون اللبنانيون اهمية الفرصة المتاحة، وما يمكن ان توفره من حلول لازماته الكثيرة، ام يبقى الغاز غارقاً في قعر البحر؟ بالطبع لا نريد التفريط بحق لبنان، ولكن يجب الاتفاق على هذا الحق وترك الدولة تعمل.
عشر سنوات مرت على بدء الحديث عن التنقيب، استفادت منها دول المنطقة كلها، فاستخرجت هذه الثروة وامنت حاجاتها المحلية وبدأت بالتصدير الى الخارج، اما لبنان فلا يزال غارقاً بين خطوط وهمية يقبل بها هذا الفريق ويرفضها فريق اخر. فالخلافات التي تعصف بين اركان المنظومة، ليس من اجل مصلحة لبنان، بل من اجل مصالح خاصة داخلية وخارجية، ربما، هي التي تسد طريق الثروة الدفينة وتمنع استخراجها. لتساهم في اخراج لبنان من مآسيه. لقد حولت الخلافات اللبنانيين كلهم الى خبراء جيولوجيين، وراح كل طرف يرسم خطاً لنفسه ويتمسك به. فهل هذا يعني انه من غير المسموح للبنان ان يستفيد من هذه الثروة التي تضع حداً لمآسي اللبنانيين جميعاً، وتضعهم على طريق الحل؟ لمصلحة من تضرب الفرص الواحدة تلو الاخرى؟ والسؤال اليوم هل ان المسؤولين اللبنانيين وبالتحديد الرؤساء الثلاثة بمن يمثلون، متفقون على جواب واحد يدعم موقف لبنان؟ ولماذا غاب الرئيس بري عن لقاء الرئيسين عون وميقاتي اللذين التقيا في قصر بعبدا وبحثا الملف بخرائطه ووثائقه، لوضع رد واحد على مقترحات هوكشتاين؟ وهل ان الرئيس بري موافق على هذا الرد؟ ان كان الجواب ايجابياً فليبشر اللبنانيون بالخير، والا لا غاز ولا مال ولا اصلاح ويصبح من المؤكد ان الحل في ظل الخلافات بعيد المنال، حتى ولا بالانتخابات التي حملت وجوهاً تغييرية الى البرلمان، وانتزعت الاكثرية من المنظومة، الا ان هذه الاخيرة وبخبرتها وتسلطها عادت وهيمنت وامنت الاكثرية لنفسها. وفي هذه الحالة لم يبق امام الشعب اللبناني كله الا ان ينزل الى الشارع، مع تصميم اكيد على عدم الخروج منه الا وقد حقق التغيير الحقيقي وقبع المنظومة بصورة نهائية، وان لم يفعل سيبقى غارقاً في الفقر والجوع، وسائراً الى الهلاك المحتم.
الملف الثاني، وبعدما انتهى المجلس النيابي من انتخاب اللجان واصبح بامكانه المباشرة بالعمل، مع ما ينتظره من مهمات كبيرة، يتطلع اللبنانيون الى قصر بعبدا، لتوجيه الدعوة الى استشارات نيابية ملزمة يتمكن من خلالها تسمية الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة الجديدة. وبات من الملح الا يتم التأخير، فالاوضاع الضاغطة لا تحتمل التأجيل. وكان رئيس الجمهورية قد اعلن في نهاية الاسبوع انه سيدعو الى الاستشارات خلال ايام. فعسى ان توجه الدعوة خلال هذا الاسبوع.
اما الملف الثالث وهو بيد الطبقة السياسية كلها فعليها اذا كانت صادقة في حرصها على مصلحة البلد، دون اي مصلحة اخرى، ان تسارع الى الاتفاق على شخصية كفوءة، لا تكون مرتبطة بالطبقة السياسية التي برهنت الاحداث انها غير قادرة على معالجة الازمة، لا بل انها هي التي ساهمت في هذا الوضع المنهار. فاما الخروج من هذا النفق المظلم، وتقتنع المنظومة بان تضع مصلحة الوطن قبل مصلحتها هي والا انهار كل شيء وسقطت هي معه، ووصل الجميع الى قعر جهنم.
البعض يطالب بحكومة وطنية جامعة، والبعض الاخر بحكومة سياسية مطعمة بتقنيين. ان هذه المطالب تجاوزها الزمن، واثبتت الايام والوقائع فشلها الذريع. لقد شهد لبنان الكثير من الحكومات الوطنية الجامعة التي هي اشبه بمجلس نيابي مصغر. هذا النوع من الحكومات يبقى بالتأكيد خارج المساءلة والمحاسبة، لان النواب المفترض فيهم ان يحاسبوا السلطة التنفيذية موجودون او ممثلون في الحكومة وبالتالي لا يمكن ان يحاسبوا انفسهم.
اما الحكومة السياسية المطعمة بتقنيين فهي الاخرى فاشلة سلفاً. فالسياسيون هم الذين اوصلوا البلد الى الوضع الذي هو عليه اليوم، فكيف يمكن الركون اليهم ويطلب منهم الاصلاح؟ ان صانع الحرب لا يمكن ان يصنع السلام، فليأخذ هذا القول على محمل الجد. ان ازمة لبنان اليوم هي اقتصادية مالية بامتياز، وبالتالي فهي تحتاج الى خبراء في الاقتصاد والمال، يكونون بعيدين عن اي ارتباط سياسي، حتى يتمكنوا من المعالجة دون ان يكونوا خاضعين لضغوطات، او غارقين في المطالب، ويجب ان يكون توزيع الوزراء وفق اختصاصاتهم، فلا تبقى هذه الوزارة من نصيب هذا الفريق، وتلك الوزارة من نصيب الفريق الاخر. لقد اثبتت الوقائع ان المداورة هي ضرورية ولمصلحة البلد، والتمسك بوزارة معينة من قبل فريق ما اثبت فشله الذريع. عندما يتولى فريق ما، وزارة ما على مدى سنوات ويفشل، فهذا يحتم ابعاده عن هذه الوزارة واستبداله باخر. كذلك فان الوزارات ليست ملكية خاصة ولا يجوز لاي طرف التمسك باي وزارة. اذا احترم السياسيون هذه القواعد تنجح الحكومة في مهمتها، والا فالفراغ سيكون سيد الموقف وقد شبع لبنان من سنوات عاشها في الفراغ بسبب التخبط السياسي. اعملوا من اجل مصلحة هذا البلد ليسلم وتسلموا معه والا الى الهلاك المحتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق