سياسة لبنانيةلبنانيات

الانتخابات ارست الخطوة الاولى على طريق التغيير وعلى الفائزين توحيد صفوفهم

اول خطوة الاستفادة من تقرير الامم المتحدة الذي يتهم المنظومة بتخريب لبنان واللجوء الى المحاكم الدولية

… واخيراً، وفي اجواء التشكيك التي رافقت التحضيرات للمعركة الانتخابية والتي كانت تراهن كلها على عدم اجراء الانتخابات وقد جرت محاولات كثيرة لعرقلتها ومنع حصولها، فتحت امس صناديق الاقتراع في مختلف المناطق اللبنانية واقبل اللبنانيون الذين لم يهاجروا بعد، الى الادلاء باصواتهم في اجواء هادئة نسبياً، باستثناء بعض الحوادث والاعتداءات التي مارسها البعض ضد منافسيهم، واستطاع الجيش ان يطوقها ويعيد الهدوء. لقد استطاعت القوى الامنية ان تؤمن مساحة واسعة من الهدوء والاستقرار وامنت سير المعركة حتى النهاية. وعند الساعة السابعة مساء اقفلت صناديق الاقتراع وبدأت عملية فرز الاصوات وينتظر ان تصدر النتائج النهائية في وقت لاحق اليوم او غداً على ابعد تقدير. وان كانت قد ظهرت بعض النتائج ليلاً. وهذه بعض الملاحظات التي لا بد من تسجيلها على هامش هذا الاستحقاق الذي اجمع اللبنانيون على انه مصيري هذه المرة، فاما ان يحدث التغيير، واما ان تبقى الاوضاع على حالها لا بل تسوء اكثر.
الملاحظة الاولى: ىسجلت عملية الاقتراع نسبة قليلة وغير كافية دلت على تقاعس اللبنانيين، وعلى ان الذين امتنعوا عن الاقتراع لا يستحقون التغيير، وانهم لا يريدونه فكأنهم مرتاحون الى الوقوف في طوابير الذل امام محطات الوقود، وامام الافران، وكأنهم ليسوا بحاجة الى ادوية ولا الى دخول المستشفيات، هم مرتاحون الى العتمة وليسوا بحاجة الى الكهرباء ولا الى المياه… باختصار انهم لا يتسحقون حياة افضل. لقد كان المغتربون الذين ذاقوا مرارة الهجرة والابتعاد عن وطنهم واهلهم، الاكثر وعياً وحماساً، فهم ما زالوا يتذكرون انفجار المرفأ وتدمير نصف العاصمة الى جانب الضحايا التي سقطت بين قتيل وجريح وهي بالالاف، والمنظومة تعطل القضاء وتمنعه من الوصول الى الحقيقة. ويمكن القول ان الخطوة الاولى من التغيير بدأت وعلى الفائزين على هذا الاساس بدء المواجهة.
الملاحظة الثانية: علق احد المراقبين على الحوادث المفتعلة في بعض المناطق، فقال ان لبنان بلد ديمقراطي، ويجب ان يقدم اللبنانيون بحرية تامة على اختيار من يرونهم مناسبين، ولجوء البعض الى استخدام العنف والتهويل والتهديد لمنع المواطنين من التقدم الى صناديق الاقتراع، لانهم يعلمون ان الناس ليست معهم ولا تؤيد طروحاتهم، والا لكانوا تركوا العملية تسير بهدوء، لانهم مطمئنون الى النتائج، ومن هنا فان الاقدام على مثل هذه الاعمال هو سقوط شعبياً وهو انكسار. فالتمتع بثقة الشعب دون عنف وتهديد هو فوز محتم. فالثقة الشعبية هي الاساس.
الملاحظة الثالثة: لقد استطاعت القوى الامنية وعلى رأسها الجيش اللبناني، انها على قدر المسؤولية واستطاعت ان تفرض الامن في جميع المناطق من الشمال الى الجنوب، وكانت تسارع في كل مرة الى تطويق الحوادث المفتعلة. فاستحقت ثقة وشكر اللبنانيين وبرهنت قيادة الجيش انها على قدر المسؤولية وعلى قدر الثقة التي يوليها اياها الشعب.
اليوم وبعد ان انتهت المعركة وبانتظار صدور النتائج النهائية خلال ساعات، والى ابعد تقدير غداً، تشير الاجواء العامة الى ان التغييرين حققوا نتائج لا بأس بها، رغم وجود فئة راضية عما تفعله السلطة بها، فاعادت انتخاب مرشيحها، ورغم ان فريقاً اخر، فريق المقاطعين، يعيشون في اجواء بعيدة عن الواقع، وهؤلاء لا يحق لهم لا التذمر ولا الشكوى، فهم لم يكلفوا انفسهم عناء التوجه الى اقلام الاقتراع وقول كلمتهم. يبقى على فريق التغيير ان يسارع منذ هذه اللحظة، وينهي التفتت والانقسامات والتشرذم التي لولاها لكان التغييريون حققوا نتائج مضاعفة. اذاً عليهم الاصطفاف في كتلة واحدة، تضع برنامجاً واضحاً، وتعمل على اساسه لتحقيق التغيير. وعليها ان تستفيد من تقرير الامم المتحدة الذي صدر قبل ايام، وفي توقيت لافت، وحمّل المنظومة والبنك المركزي مسؤولية الانهيار وضياع اموال الناس، فتلجأ الى القضاء اللبناني والى المحاكم الدولية لتستعيد حق اللبنانيين. في العام 2005 نزل اللبنانيون كلهم الى الشارع، واعطوا فريق 14 اذار كل شيء، فلم يحسن ادارة الامور، وبدأ يخسر امام الفريق الذي يهيمن اليوم على السلطة والذي اوصل البلاد الى الخراب، فعسى الا يعيد التغييريون هذا المشهد المؤلم. لقد اثبتت الانتخابات ان فريقاً من اللبنانيين ومعهم فريق من المغتربين يريدون التخلص من هذا الوضع الكارثي، واقبلوا على صناديق الاقتراع، رغم التهديد والترهيب ومحاولات العرقلة التي زادتهم اقتناعاً بضرورة تغيير هذا الواقع. ان الذين انتخبوا التغييرين يحق لهم مطالبتهم بان يفوا بوعودهم وان يوحدوا صفوفهم لتصبح كلمتهم فاعلة. فعلى امل ان يكونوا على قدر الثقة التي منحهم اياها الناخبون، فان العيون عليهم وهي ساهرة على كل خطوة. ويبقى ان ننتظر صدور النتائج النهائية ليصبح الحكم على هذا المجلس واقعياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق