سياسة لبنانيةلبنانيات

انتهى زمن الصراخ والشتم وجاء دور الحقيقة فهل يحسن المواطنون الاختيار؟

اقبلوا بكثافة على صناديق الاقتراع وقولوا لا لمن اذلوكم وايدوا التغيير؟

غداً يتوجه القضاة والموظفون الاداريون الذين سيشرفون على الانتخابات في بيروت والمناطق اللبنانية الى صناديق الاقتراع للادلاء باصواتهم، قبل التوجه الى المراكز التي حددت لهم. وتماشياً مع هذا الاستحقاق دخلت البلاد في صمت انتخابي، على ان تكون فترة الصمت الاخيرة ليل الجمعة – السبت عند منتصف الليل، فيرتاح المواطنون من الصراخ الذي صم الاذان، والتصاريح التي لم تبق كلمة في قاموس القدح والذم والشتائم الا ووردت على ألسنة المرشحين. انها «عدة الشغل»، ولكن تعبهم هذا يذهب هباء. فهم يعتقدون ان الناس بعد كل ما عانت ولا تزال تعاني منهم ستصدق كلامهم الذي تحول الى ما يشبه الغبار الملوث في الهواء، يضر كثيراً ولا ينفع، لأن المواطنين الذين سيّستهم الاحداث والاعمال الصادرة عن هذه المنظومة، يعرفون كل شخص من العاملين في الحقل السياسي، اعماله ومصداقيته وارتباطاته، لذلك فهم لم يصدقوا كلمة واحدة من كل ما قيل، خصوصاً الذين يشير الناس اليهم بالاصابع، وهم يأتون اليوم بثوب الحمل الوديع. ان رفض كل الاقوال التي قيلت في الحملات الانتخابية الساخنة واقع، ولم يعلق حرف واحد منها في الاذان، فليتهم لم يتعبوا انفسهم.
ويتطلع المراقبون بكثير من الانتباه الى جمهور «المستقبل». فهل سيلتزمون بدعوة الرئيس الحريري للمقاطعة، فيعزلون طائفتهم لمدة اربع سنوات عن مجمل الاحداث، خصوصاً انتخابات رئاسة الجمهورية، ام انهم سيدركون اخطار المقاطعة فيلبون نداء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي نبه وحذر من المقاطعة. ولم يكتف بذلك، بل اوعز الى الائمة وخطباء المساجد ان يؤكدوا في خطبهم يوم الجمعة، على ضرورة المشاركة الكثيفة في الانتخابات، فلا يتركوا الساحة السنية للقوى التي عينها على هذه الساحة، وهي تتسابق على محاولة انتزاع حصة منها. ان السلبية لم تثمر يوماً ولم توصل الى الهدف. وليس المفتي دريان وحده صاحب هذه الدعوة، بل سبقه بعض الشخصيات في الطائفة الكريمة وفي طليعتهم الرئيس فؤاد السنيورة والنائب مصطفى علوش وغيرهما.
وكان لافتاً امس دخول قائد الجيش العماد جوزف عون على الخط فقال ان الجيش غير معني سياسياً بالانتخابات، ولا علاقة له باي مرشح او حزب، بل هو على مسافة واحدة من الجميع ومهمته تأمين الامن والاستقرار فالسلم الاهلي خط احمر.
وبمعزل عن الانتخابات وحملاتها النارية، يعقد مجلس الوزراء جلسة غداً الخميس هي الجلسة ما قبل الاخيرة، قبل ان تتحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال. وعلى جدول اعمالها 49 بنداً. الجلسة ستعقد في قصر بعبدا، الا ان المواضيع الاصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، بعيدة عن المناقشات. واهمها الموازنة والكابيتال كونترول وهما موضع تداول ونقاش منذ اسابيع، دون التوصل الى اقرارهما، ذلك انهما كلاهما يفرضان على اللبنانيين عموماً والمودعين خصوصاً رسوماً باهظة بدأت طلائعها تحتل واجهة الاحداث، فضلاً عن شطب عشرات مليارات الدولارات من الودائع، التي ضاعت كلها اصلاً، وبات الحصول على ليرة واحدة من المصارف متعذراً، لقد انشغلت الحكومة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبالانتخابات وادارت ظهرها للمواطنين الذين يرزحون تحت اعباء كبيرة لا قدرة لهم على تحملها. وبدأ ارتفاع الاسعار الخيالي ينهش ما تبقى لهم ما يعيلون به اولادهم. فصفيحة البنزين مثلاً وصل سعرها الى 518 الف ليرة، فهل من يصدق؟ وهل هذا لعرقلة المواطنين من التوجه الى صناديق الاقتراع وقد اصبح مكلفاً جداً؟ مع العلم ان غلاء المحروقات ينعكس على كل السلع الحياتية. حقاً لقد بات العيش في ظل هذا الواقع مستحيلاً. كل ذلك والحكومة غارقة في لا مبالاة بهذا الواقع الاليم، فلم تقدم ولو على خطوة صغيرة تظهر انها مهتمة بهذا الشعب او من بقي منه في البلد، لان المنظومة التي اوصلت لبنان الى هذا الجهنم هجرت مئات الالوف من اللبنانيين ذوي الاختصاص والكفاءات الذين غادروا الوطن وتشتتوا في دول العالم، بحثاً عن حياة كريمة افقدتهم اياها المنظومة.
ان الآمال معلقة كلها اليوم على يوم الاحد المقبل، فبعد ان قال المغتربون كلمتهم، وكانوا صوتاً صارخاً يطالب بالتغيير، وقد قطعوا مسافات طويلة للوصول الى اقلام الاقتراع بسبب سوء توزيع، مسؤولة عنه وزارة الخارجية، كما انهم وقفوا ساعات تحت الشمس واشعتها الحارقة وقد بلغت الحرارة 45 درجة – بعد هذا كله جاء دور المقيمين فهل يحسنون الاختيار ويلقنون هذه المنظومة درساً قد يردعها عن الفساد الذي ملأ الاجواء، ام انهم كما في كل مرة، اما يتقاعسون ويمتنعون عن المشاركة في الاقتراع، واما يربطون مصيرهم بالزعيم الذي كان السبب في جوعهم وفقرهم واذلالهم؟ الحل في ايديكم فاقبلوا بكثافة على صناديق الاقتراع وقولوا نعم عريضة للتغيير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق