سياسة لبنانيةلبنانيات

قرارات مجلس الوزراء الخاصة بالشمال هل تنفذ ام تبقى كغيرها حبراً على ورق؟

تأكيد الثقة المطلقة بالجيش رسمياً وشعبياً وتكليفه متابعة التحقيق

كارثة قارب الموت بقيت في واجهة الاحداث، وبقي الغليان الشعبي يخيم على عاصمة الشمال، وساد الحزن على الضحايا مختلف المناطق اللبنانية. لن نسأل عن اسباب هذه المأساة، لان الجواب عند كل اللبنانيين واضح وصريح. كيف يمكن ان يتصرف شعب تخلى عنه المسؤولون، واداروا ظهرهم له وساروا وراء مصالحهم الخاصة، فانهار الاقتصاد وفرغت الخزينة واصيب المواطنون بالجوع، وضع كارثي لا يحتمل يجعل معظم اللبنانيين، ان لم يكن كلهم، يفكرون بالرحيل، ولو على متن مركب مشلع، لأن الموت غرقاً افضل من موت يسيطر على حياتهم في كل لحظة؟
ويستفيق المسؤولون لساعات ليس اكثر، فيتحركون لمواجهة الوضع، خصوصاً في زمن الانتخابات، ولن يلبثوا ان يغيب الحدث عن ذاكرتهم. انطلاقاً من هذا الواقع، سارع رئيس الحكومة الى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بصورة استثنائية وعاجلة لبحث الكارثة. واتخذ سلسلة مقررات على امل الا تبقي حبراً على ورق. فهناك اكوام من القرارات وكلها نائمة في الادراج، وهي تبحث عمن يزيل الغبار عنها. فقد كلف مجلس الوزراء وزير الشؤون الاجتماعية الاتصال بالمنظمات العالمية والطلب اليها مساعدة اهالي الضحايا. كما قرر المجلس تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء العدل والمالية والداخلية والشؤون الاجتماعية والاقتصاد والتنمية الادارية لاعداد مشروع قانون، يرمي الى انشاء مجلس لتنمية الشمال بالسرعة القصوى، وعرضه على مجلس الوزراء. اللبنانيون لم يحملوا على محمل الجد هذا القرار.
اولاً لانها ليست المرة الاولى التي تتخذ فيها قرارات تتعلق بالتنمية في المناطق وخصوصاً في الشمال، ولم ينفذ منها شيء، وبقي الانهيار يتأكل اللبنانيين الى ان وصلوا الى الجوع. فاين الخطط الاقتصادية والمالية والانمائية التي تنتشل لبنان مما هو غارق فيه؟ اشهر طويلة مرت على تشكيل هذه الحكومة فماذا انجزت؟ ان كل ما قامت به زيادة الرسوم والضرائب بنسب عالية لا تتوافق مع الوضع المعيشي القائم، وهي تحاول تبرئة السارقين والقاء التبعة على المودعين الذين حولتهم التدابير الرسمية الى شحادين، يصرفون الساعات امام المصارف للحصول على دريهمات من اموالهم المحجوزة لينفقوا على عيالهم. نعم انها صورة قاتمة، ولكنها تعكس الحقيقة المجردة.
ثانياً: التجارب مع المجالس والصناديق ماثلة للعيان. فهي لم تقدم للبنانيين سوى الهدر والانفاق غير المجدي. وارهاق الخزينة اكثر. هل فكرت الحكومة كيف تستعيد الاموال المنهوبة التي كتب عنها مجلدات، ولكن الفعل لم يقترن بالقول ولا مرة واحدة؟ لقد اصبح واضحاً ان اي امل بالاصلاح على ايدي هذه المنظومة هو سراب، ومستحيل التحقيق.
فائدة واحدة يمكن استخلاصها من مجلس الوزراء امس، حضور قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير المخابرات وقائد البحرية، الذين شرحوا بالوثائق والاثباتات الدامغة من صور وافلام وغيرها وكلها تدحض وتكذب بعض السنة السوء التي حاولت، من اجل كسب انتخابي رخيص امام هول الكارثة، توريط الجيش وتحميله المسؤولية. والجيش هو اكبر بكثير من هذه المحاولات المكشوفة فكان تكليفه من قبل مجلس الوزراء بمتابعة التحقيق صفعة للمحاولين بالاصطياد بالمياه العكرة، وجدد المجلس التأكيد على ثقته وثقة اللبنانيين بالمؤسسة التي هي الامل الوحيد للخلاص من ظلم هذه المنظومة.
هذا وتلقت الحكومة امس خيبة جديدة، اذ استطاع حراك جمعية المودعين ونقابات المهن الحرة من منع جلسة اللجان النيابية من الانعقاد لمتابعة البحث في مشروع قانون الكابيتال كونترول، لانه كما ورد من الحكومة يبريء المنظومة والحكومات السابقة والمصرف المركزي والمصارف ويلقي العبء كله على المودعين فكأن نكبتهم بضياع جنى عمرهم لا تكفي الحكومة فجاءت تحاول القضاء على ما تبقى من اموال، هذا اذا كان قد بقي شيء.
ايها اللبنانيون موعد الانتخابات يقترب فسارعوا الى خلع هذه المنظومة، «اختاروا الكفاءة والنزاهة والوطنية الصادقة»، وهذا هو الحل الوحيد. وفي ما عدا ذلك سراب وخراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق