منيت روسيا بواحدة من أكبر خسائرها في العتاد منذ بداية غزوها لأوكرانيا عبر إصابة «موسكفا» سفينة قائد أسطولها في البحر الأسود في انفجار ذخائر حسب موسكو وفي ضربات صاروخية حسب كييف.
في واشنطن، وعد الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتقديم مساعدة عسكرية ضخمة جديدة بقيمة 800 مليون دولار، تشمل معدات ثقيلة كانت الولايات المتحدة حتى الآن مترددة في تسليمها إلى كييف خوفاً من تفاقم التوتر مع موسكو واعتبارها طرفاً في الحرب.
من جهتها، هددت موسكو بضرب مراكز قيادة في كييف متهمة أوكرانيا بشن هجمات على أراضيها.
وبينما يستعد الجيش الروسي للسيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية على بحر آزوف وتوسيع هجومه في جنوب أوكرانيا وشرقها، أصيب الطراد القاذف للصواريخ موسكفا «بأضرار جسيمة»، حسبما نقلت وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «ريا نوفوستي» و«تاس» عن وزارة الدفاع الروسية.
وقالت الوزارة «بسبب حريق انفجرت ذخائر على متن السفينة» وتم إجلاء الطاقم بالكامل، موضحة أن التحقيق جار لمعرفة أسباب هذا الحريق.
من جهتها، أكدت السلطات الأوكرانية أن السفينة الحربية «موسكفا» أصيبت بصواريخ. وقال الحاكم الأوكراني لمنطقة أوديسا (جنوب) ماكسيم مارتشينكو إن «صواريخ نبتون التي تحمي البحر الأسود سببت أضراراً جسيمة لهذه السفينة الروسية».
من جهته، قال أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني على يوتيوب إن «مفاجأة جاءت لسفينة قائد الأسطول الروسي للبحر الأسود».
وأضاف أن السفينة «تحترق بكثافة الآن. وفي هذا البحر الهائج، من المستحيل معرفة متى سيتلقون المساعدة»، مؤكداً أن «أفراد الطاقم البالغ عددهم 510 أشخاص» موجودون على متنها. وتابع «لا نفهم ما حدث».
و«موسكفا» موضوعة في الخدمة منذ 1983 في عهد الاتحاد السوفياتي. وقد شاركت في التدخل الروسي في سوريا منذ 2015. وفي الأيام الأولى لغزو أوكرانيا، شاركت في هجوم على جزيرة الثعبان قرب الحدود الرومانية، حيث أسر 19 بحاراً أوكرانياً لمبادلتهم بأسرى روس في وقت لاحق.
مساعدة عسكرية كبيرة
ويبدو أن البيت الأبيض تخلى أخيراً عن التمييز بين تسليم معدات «دفاعية» يسمح به و«هجومية» كان يرفض إرسالها. ووعد بايدن بهذه المساعدة الكبيرة بعدما هددت روسيا بضرب كييف مرة أخرى.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف «نشهد محاولات تخريب وضربات من قبل القوات الأوكرانية على أهداف في أراضي جمهورية روسيا الاتحادية».
وأضاف كوناشنيكوف محذراً «إذا استمرت هذه الأفعال، سيشن الجيش الروسي ضربات على مراكز صنع القرار، بما في ذلك في كييف وهذا ما امتنع الجيش الروسي عن القيام به حتى الآن».
وكانت القوات الروسية انسحبت من منطقة كييف في نهاية آذار (مارس). وقد طوقت العاصمة مدة شهر بلا جدوى وشنت ضربات عليها.
وأعلن كوناشينكوف الأربعاء أيضاً أن القوات الروسية سيطرت على منطقة ميناء ماريوبول التجاري تماماً.
وكانت روسيا أعلنت قبيل ذلك استسلام أكثر من ألف جندي أوكراني في هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية التي تحاصرها قواتها وتقصفها منذ أكثر من أربعين يوماً.
وسيشكل استيلاء القوات الروسية على ماريوبول انتصاراً مهماً لموسكو لأنه سيسمح بتعزيز مكاسبها من الأراضي الساحلية على طول بحر آزوف عبر ربط منطقة دونباس التي يسيطر عليها جزئياً موالون لها، بالقرم التي ضمتها روسيا في 2014.
ويقول خبراء إن سقوط ماريوبول حتمي لكن القوات الأوكرانية تواصل المقاومة وباتت المعارك تتركز في المنطقة الصناعية لهذه المدينة.
متاهة
قال الجيش الأوكراني الأربعاء إن القصف الجوي الروسي لماريوبول مستمر ويستهدف خصوصاً الميناء ومجمع آزوفستال للصناعات المعدنية.
وتنذر هذه المتاهة التي حولها الجنود الأوكرانيون إلى حصن بلجوئهم إلى ممرات تحت الأرض تمتد كيلومترات، بمعركة شرسة.
في المكان شاهد صحافيون من وكالة فرانس برس وصلوا مع القوات الروسية، الدمار في هذه المدينة المحترقة التي يقول الأوكرانيون إنها «دمرت بنسبة 90 في المئة».
ومنذ بداية الأسبوع، تتحدث شائعات غير مؤكدة حتى الآن، عن استخدام الروس أسلحة كيميائية في ماريوبول، بينما تؤكد موسكو إن «خطر الإرهاب الكيميائي» يأتي من الأوكرانيين.
من جهة أخرى، تتواصل عمليات القصف في الجزء الشرقي من أوكرانيا. وقد تسببت بمقتل سبعة أشخاص خلال الساعات الـ24 الماضية في مدينة خاركيف (شمال شرق) التي يحاصرها الروس أيضاً منذ بدء الغزو.
ودعت كييف سكان هذه المناطق إلى الفرار في أسرع وقت ممكن خوفاً من هجوم روسي كبير وشيك للسيطرة بالكامل على دونباس التي تتقاسمها القوات الأوكرانية مع أعدائها الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014.
ويرى محللون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يواجه مقاومة أوكرانية شرسة، يريد تحقيق انتصار في دونباس قبل العرض العسكري الذي يجري في التاسع من أيار (مايو) في الساحة الحمراء في ذكرى انتصار السوفيات على النازيين في 1945.
وفي هذا الإطار، أكد ليونيد باسيتشنيك رئيس إحدى «الجمهوريتين» الانفصاليتين المواليتين لروسيا والمعلنتين من جانب واحد، في هذه المنطقة الشاسعة الغنية بالمناجم، الأربعاء أن قواته تسيطر الآن على «80 إلى 90 في المئة» من لوغانسك التي تعد أولوية لدى الكرملين.
«مسرح جريمة»
صرح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان خلال زيارة لبوتشا قرب كييف الأربعاء أن أوكرانيا أصبحت «مسرح جريمة» حقيقياً.
وقال لصحافيين «إننا هنا لوجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد أن جرائم تدخل ضمن صلاحيات المحكمة ارتكبت. علينا أن نبدد غبار الحرب لنصل إلى الحقيقة» في هذه البلدة التي أصبحت رمزاً لـ فظائع النزاع منذ عثر على جثث مئات القتلى حسب السلطات الأوكرانية، في نهاية آذار (مارس).
ونفت روسيا من جانبها وقوع أي انتهاكات في أوكرانيا.
في كل أنحاء العاصمة كما في كل الأماكن الاخرى، تقول السلطات الأوكرانية إنها تستمر في العثور على جثث في المناطق التي انسحبت منها القوات الروسية نهاية آذار (مارس).
ودان مكتب النائب العام الأوكراني الأربعاء بمقتل سبعة أشخاص برصاص جنود روس في منزل قاموا بتفجيره بعد ذلك لإخفاء الجريمة في قرية في جنوب خيرسون المدينة القريبة من خط المواجهة.
في دنيبرو في الشرق، أشار نائب رئيس البلدية ميخائيل ليسينكو إلى أن جثث أكثر من 1500 جندي روسي موضوعة في مشارح هذه المدينة الصناعية الكبيرة، و«لا أحد يريد أخذها».
ا ف ب