سياسة لبنانيةلبنانيات

هل وصل كلام الراعي الى اذان المسؤولين وهل نجح هوكشتاين في اقناعهم بالعمل الجدي؟

تميز يوم امس رغم عطلة عيد القديس مارون بحدثين. كان الاول بجمع اركان الدولة، الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، رغم الخلافات السياسية التي لم تعد خافية على احد. وكان لافتاً ايضاً ترؤس البطريرك الماروني بشاره الراعي القداس، خلافاً لما درج عليه في الماضي، اذ كان يقوم بالمهمة مطران بيروت للطائفة المارونية. فقد اراد البطريرك الراعي ان يخاطب المسؤولين وجهاً لوجه لمصارحتهم بالهواجس التي تخالج المواطنين واولوياتهم، فاختصرها بخمس. الاولى اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها. وقد اراد بذلك ان يواجه ما يتردد في البلاد بان هناك اطرافاً تسعى الى نسف هذه الانتخابات لخوفها من النتائج.
الثانية مواصلة التحقيق في جريمة المرفأ والكف عن عرقلة عمل القاضي طارق بيطار، رحمة بارواح الشهداء. الثالثة تطبيق اتفاق الطائف بجميع بنوده، بما في ذلك القرارات الدولية، الرابعة الكف عن تحويل لبنان الى منصة للصواريخ، ووقف الحملات التي تسيء الى الدول العربية واخيراً الحياد وفيه وحده خلاص لبنان، بعيداً عن الاصطفافات التي لم تعد عليه سوى بالدمار.
كلام البطريرك ليس جديداً. لقد سبق له وكرره في مناسبات كثيرة ولكنه لم يصل الى اذان المسؤولين. ولذلك فانه سيبقى يردده الى ان تتحقق الغاية منه. وتخلل القداس عراضة فاقعة قام بها سبعة من الحرس القديم بالهتاف لرئيس الجمهورية فكان عملهم هذا موضع تندر على شبكات التواصل الاجتماعي.
الحدث الثاني الذي طبع يوم امس هو وصول الوسيط الاميركي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. اموس هوكشتاين. وكانت البداية في لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، قال على اثره الرئيس عون انه سيدرس الطروحات التي قدمها الوسيط الاميركي بجدية. ثم التقى الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي الذي اعلن بعد اللقاء انه سيتباحث مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري بشأن الطروحات التي قدمها هوكشتاين لاتخاذ موقف موحد. كذلك التقى هوكشتاين مدير عام الامن العام عباس ابراهيم وقائد الجيش العماد جوزف عون الذي اعلن ان الجيش يلتزم بما يقرره المسؤولون السياسيون.
وكانت للوسيط الاميركي تصريحات واحاديث صحافية اعلن فيها ان لبنان اضاع فرصة ثمينة في الماضي ولو لم يفعل لكان اليوم يستخرج نفطه وغازه. وقال ان جميع دول المنطقة بدأت قبل عشر سنوات من الصفر مثل قبرص واليونان وتركيا ومصر واسرائيل وهي كلها تستخرج الغاز اليوم، باستثناء لبنان الذي لا يزال يفاوض. وقال انه متفائل بالوصول الى اتفاق لان الجميع باتوا يدركون انه حان الوقت، لان لبنان لا يمكن ان يعتمد على ساعات قليلة من الكهرباء من الاردن، والحصول على الغاز من مصر، بل انه بحاجة الى 24 ساعة كهرباء، ينتجها بواسطة ثروته من الغاز والنفط. واضاف يقول ان لبنان تأخر، ولكن الفرصة لم تفت بعد غير ان ذلك لا يعني انه يمكنه ان يفاوض لعشر سنوات جديدة. يجب التطلع الى ما سيحققه هذا الاتفاق من مكاسب، لا الى ما سيفقده من خلال تقديم التنازلات. ففي التفاوض لا يمكن لاي طرف ان يحصل على مطالبه مئة بالمئة، بل ان على الاطراف المتفاوضة ان تقدم كلها التنازلات للوصول الى اتفاق. وبعد ذلك غادر بيروت تاركاً للمسؤولين اخذ القرار الموحد. فهل يمكنهم ان يتفقوا على موقف واحد يؤدي الى استخراج هذه الثروة الدفينة التي تساعد لبنان على استعادة ازدهاره، وهذا ما قالته السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا. ان البلد بامس الحاجة الى فتح هذا الباب لينعش اقتصاده ويستعيد ازدهاره ويخرج من المأزق القاتل الذي زجته المنظومة فيه. فهل يكتب لنا النجاح ولو لمرة واحدة، فتعوض المنظومة عما سببته للبنان من ويلات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق