سياسة لبنانيةلبنانيات

الدولار حطم كل الحواجز المالية والتعطيل مستمر وقد يطاول المفاوضات مع صندوق النقد

احتل الدولار واجهة الاحداث بعد ان قفز قفزات جنونية اوصلته الى حدود الثلاثين الف ليرة، وهو مستمر في التحليق على حساب المواطن الذي فقد كل شيء، ولم يعد عنده ما يسد رمق عائلته. هذا الوضع المتفلت لم يحرك اية مشاعر انسانية لدى المافيا السياسية والمالية والاحتكارية وغيرها، واستمرت بالتلاعب باسعار الدولار، والبلاد على ابواب اعياد، حرمت المافيا الاكثرية الساحقة من اللبنانيين البهجة والفرح. ولكن من اين يأتي الفرح؟ لقد نسي الناس الحياة الهانئة التي كانوا يعيشونها بعد تحكم المنظومة الفاسدة بكل مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية وغيرها.
هذا الوضع المالي المخيف حمل رئيس الحكومة، المعطلة حكومته، الى عقد اجتماع في السراي لدرس الوضع، وايجاد الحلول لوقف تدهور الليرة اللبنانية. التي لم تعد تساوي ثمن الورقة التي تطبع عليها. هذا الاجتماع حضره وزير المالية وحاكم مصرف لبنان. وبعد التداول توصل المجتمعون الى تدابير انية وترقيعية، قد تفضي الى وقف الارتفاع الجنوني للدولار. ومن بين هذه التدابير قيام مصرف لبنان بتزويد المصارف العاملة بحصتها النقدية المتبقية لها لهذا الشهر بالدولار الاميركي، بدلاً من الليرة، على سعر صرف منصة صيرفة. وسيطلب البنك المركزي من المصارف بيع الدولارات على سعر صيرفة كاملة. ومعلوم ان سعر الدولار على منصة صيرفة يتراوح بين 19 و23 الف ليرة. وبذلك يعمد العملاء على شراء الدولار من المصارف. وهناك تدابير اخرى اتخذت خلال اجتماع السراي. فهل هي كافية للجم الدولار ولو موقتاً؟ الايام المقبلة ستظهر ذلك. ويبقى القلق من الاعيب جديدة تتخذها المافيا لتجاوز تدابير مصرف لبنان. فهي لن تستسلم، ومستمرة في قتل الشعب. وقد تعمد الى ابتكار اساليب جديدة للاستمرار في المتاجرة بلقمة الناس.
وهذا الوضع المالي الكارثي يأتي على ابواب الاعياد التي اعتاد اللبنانيون ان يعيشوها، ولو بقليل من الفرح والبهجة، ولكنها هذه السنة تطل عليهم بالبؤس والحرمان. لقد اصبح الدخول الى السوبرماركت محرماً على المواطنين باستثناء قلة قليلة، هي من فئة السياسيين والمحتكرين. حتى الميسورون من المواطنين يعانون الضائقة، لان اموالهم مسروقة في المصارف، غريب امر ما يحصل في غياب الدولة. مواطن يضع امانة في مصرف فيحجبها عنه، مع العلم ان القوانين تنص على اشد العقوبات بالذين يخونون الامانات.
كان من المفترض ان يدعى مجلس الوزراء الى الاجتماع فوراً، لمعالجة مشكلة انهيار الليرة امام الدولار. الا ان المعطلين والمتحكمين يرفضون حضور جلسات مجلس الوزراء، الى ان يتوقف التحقيق في جريمة انفجار المرفأ. لماذا؟ السؤال لم يعد له قيمة، ذلك انهم ادانوا انفسهم بانفسهم وسواء تابع القاضي طارق بيطار تحقيقاته ام لا، فان المواطنين من كبيرهم الى صغيرهم والعالم اجمع، باتوا يعرفون تفاصيل الجريمة من خلال تصرف المعطلين. فحبذا لو يرحمون الناس، ويفكوا اسر مجلس الوزراء. فهناك ازمات لا تحصى ولا تعد، وكلها ملحة وتحتاج الى معالجات سريعة. فهل يتنازل المعطلون ويفسحون المجال امام المعالجات؟
التأزم الحاصل بدأ ينعكس على علاقات المسؤولين. فرئيس الجمهورية يريد عقد جلسة لمجلس الوزراء لمعالجة القضايا والقرارات العالقة، حتى ولو قاطعها وزراء حزب الله وامل، الا ان الرئيس نجيب ميقاتي يتريث في دعوة مجلس الوزراء، قبل تهيئة الاجواء المقبولة، لكي لا يزيد التوترات والانقسامات كما يقول.
في النهاية ان كل النتائج القاتلة المترتبة على تعطيل مجلس الوزراء، تصب كلها على رؤوس المواطنين، والمعطلون غير عابئين لا بالناس ولا بالبلاد، فعسى ان يحكموا العقل والضمير ويعودوا الى المشاركة في معالجة الازمات، وهذا وحده كاف للجم الدولار ووقف صعوده المدوي. لقد حطم الدولار كل الحواجز والتعطيل مستمر وهو على وشك اجتياح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، باب الامل الوحيد لاخراج لبنان من الهوة. المعالجة واضحة فهل يقدم المعنيون؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق