البيطار استعاد حريته بعد اغراقه في الدعاوى فهل يحذو المسؤولون حذوه ويطلقون مجلس الوزراء
مرّ قطوع مجلس النواب امس على خير، ولم يتطرق الى قضية قبع المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، ولم يتم البحث باي لجنة، تردد انها ستشكل وتتولى نقل التحقيق مع الوزراء السابقين من البيطار اليها. وصادف ذلك مع قرار اصدرته محكمة التمييز برد دعوى الوزير السابق يوسف فنيانوس لرد البيطار، الذي اصبح محرراً من كل الدعاوى التي اغرقوه فيها لا لسبب الا لعرقلة التحقيق في جريمة انفجار المرفأ، والتي وصفت بجريمة العصر، ولكن القضاء تصدى للالاعيب السياسية ودافع عن نفسه وعن العدل في لبنان، والعدل اساس الملك. فلا وطن بدون قضاء عادل ونزيه وشفاف يعطي لكل صاحب حق حقه.
البيطار سيستأنف عمله، بعيداً عن كل الضغوط السياسية التي تمارس عليه. يقابل ذلك شلل تام في مجلس الوزراء المعطلة جلساته منذ حوالي الشهرين بدون وجه حق. فالمعطلون يعاقبون الناس، جميع الناس بشل عمل الحكومة، ومنعها من اتخاذ الاجراءات والقرارات التي تعالج الازمات المتراكمة فوق رؤوسهم، حتى تكاد تخنقهم. لقد اصبح واضحاً ان مجلس الوزراء لا يستطيع ازاحة المحقق العدلي، لان ذلك ليس من اختصاصه، والدستور ينص على فصل السلطات، والمعطلون يعرفون ذلك، فلماذا اذاً يشلون عمل الحكومة؟ هل يريدون مخالفة الدستور وهذه المنظومة اعتادت على عدم احترام الدستور والقوانين، ولا يهمها الا مصالحها، وبذلك سيبقى مجلس الوزراء معطلاً في ظل تراخ من المسؤولين الذين تخلوا عن مسؤولياتهم. ولم يعودوا قادرين على اتخاذ القرارات.
ولكن ما هي نتائج هذا التعطيل؟
ان اول تأثير للشلل القائم، هو ضرب المبادرة الفرنسية – السعودية، التي من شأنها ان التزمت الحكومة بما تعهدت به، ستحل الازمة الدبلوماسية مع دول الخليج وتعود العلاقات بين لبنان وهذه الدول الى سابق عهدها ويعود المزارعون والصناعيون يتنفسون بعد ان كاد اقفال الحدود مع المملكة العربية السعودية ان يخنقهم. فعسى ان يقف جميع الاطراف وقفة ضمير ويفكون اسر الحكومة، فتستأنف جلساتها وبكثافة لمعالجة هذا الكم الهائل من الازمات التي تواجه المواطنين، وقد بلغ بهم الفقر والجوع حداً لا يصدق.
لقد عاد الى بيروت وفد الصندوق الدولي وهو عازم على مساعدة لبنان للخروج من ازمته الاقتصادية الخانقة. فكيف يمكن التعاطي معه ومجلس الوزراء معطل؟ ان المفاوضات مع الصندوق ستصل الى محطة لا يمكن اكمالها بدون مجلس الوزراء، فتتعطل هي الاخرى. مع العلم ان الوفد بعد جولة قام بها على المسؤولين، اكد العزم على مساعدة لبنان للخروج من محنته. ولكن هذه المساعدة مشروطة بان يساعد لبنان نفسه. فهل يجوز سد هذا الباب وهو الوحيد الذي يعول عليه المسؤولون لاخراج البلد من الهاوية؟ لقد كنا في الماضي نتكل على الدول الشقيقة وخصوصاً الخليجية والدول الصديقة كلما واجهتنا ازمة. ولكن سياسة المنظومة المدمرة ابعدت كل الاشقاء والاصدقاء، فاصبحنا معزولين لا سند لنا ولا معين. ورغم ذلك لا تحاول السلطة استعادة مسؤوليتها التي تخلت عنها، لتعيد الامور الى نصابها. فهل بعد كل ذلك لا نزال نرجو الحل من هذه المنظومة؟ ان الذي دمر لا يمكنه ان يبني، ولذلك فان التغيير اصبح الحل الوحيد لاستعادة لبنان الى الحضن العربي وهو مكانه الطبيعي. فالطريق التي اخذوه اليها غريبة عنه ولا تشبهه مطلقاً.
فكما نجح القضاء في الوقوف بوجه هذه المنظومة يجب ان ينتفض المسؤولون ويستعيدون سلطتهم ويقولون الامر لي . فهل هم فاعلون؟