سياسة لبنانيةلبنانيات

هل تنجح مهمة الراعي فتطفىء التصعيد ويعود مجلس الوزراء الى الانعقاد؟

هل نجح البطريرك الماروني بشاره الراعي في وضع حد للتصعيد السياسي الملتهب، والذي ينعكس امنياً فيوتر الاجواء ويعيد اللبنانيين الى زمن الحرب التي ظنوا انهم دفنوها، وقد غاب عن بالهم ان الطبقة السياسية الراهنة لا تتورع عن استخدام كل الوسائل، ومهما كان الثمن لتحقيق مآربها.
استدعاء الدكتور سمير جعجع الى التحقيق اثار استغراب الراعي واستهجانه، ليس لان قائد القوات اللبنانية فوق القانون، بل لان استدعاءه فيه الكثير من الغرابة وسأل: اذا قام افراد من حزب بعمل مخالف للقانون هل يستدعى رئيس الحزب؟
انطلاقاً من هذا الواقع الملتبس تحرك البطريرك، فزار عين التينة وكانت له محادثات مطولة صريحة وشفافة مع الرئيس نبيه بري، الذي اعتاد تدوير الزوايا في الازمات. فكان الاجتماع ناجحاً وموفقاً اذ جاءت افكار الطرفين للحل متطابقة. وقالت مصادر مجلس النواب ان الرئيس بري كان مرتاحاً، وايد طروحات الراعي. ومن هناك زار الراعي السرايا واجتمع الى الرئيس نجيب ميقاتي ثم توجه الى بعبدا. وقال البطريرك ان الرؤساء الثلاثة كانوا مرتاحين للطروحات التي اطلقها وايدوها وقال ان حلاً سياسياً دستورياً تم الاتفاق عليه، وسيبدأ تنفيذه اليوم.
وعلم ان الحل يقضي بمثول المتهمين من الوزراء السابقين والنواب الحاليين امام مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء. اما الآلية فتكون بان يشكل مجلس النواب لجنة تحقيق نيابية تحيل المدعى عليهم من السياسيين الى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء. وبالتالي يكمل المحقق العدلي طارق بيطار تحقيقاته مع المتهمين الامنيين والموظفين. وقد استعجله مجلس القضاء الاعلى في اصدار القرار الظني. وهكذا تكون كرامة البيطار قد حفظت واستمر التحقيق.
اما بالنسبة الى مثول جعجع امام المخابرات في وزارة الدفاع فالارجح انه لم يتم بعد تحرك عدد كبير من المواطنين وسدوا الطرقات المؤدية الى معراب مما يوحي باستحالة تنقل جعجع.
الضحية في هذه القضية هو الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته. فعلى امل ان تؤدي الحلول المطروحة حالياً الى استئناف اجتماعات مجلس الوزراء المتوقفة منذ اسبوعين، بعد الاشكال الذي اشعله وزير الثقافة محمد مرتضى وادى الى توقف مجلس الوزراء.
وكأنه كتب على الرئيس ميقاتي ان يضرب من بيته. فقد اشعل وزير الاعلام جورج قرداحي الذي يفترض فيه ان يكون وجه لبنان ويعكس مواقفه النار، فشن حملة على المملكة العربية السعودية في معرض حديثه عن حرب اليمن. فدافع عن الحوثيين، عبر برنامج «برلمان الشعب» على منصة اليوتيوب متطاولاً على السعودية والامارات العربية المتحدة وسرعان ما بدأت نتائج هذا الكلام تظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لقد كرر ما فعله وزير الخارجية السابق شربل وهبه الذي ادرك خطأه سريعاً فاعتذر واستقال. فهل يتخذ قرداحي الموقف عينه ليصلح ما ارتكبه، ويحول دون مقاطعة دول الخليج نهائياً لبنان، بعد ان كادت الاتصالات تنجح في ترميم العلاقات مع الدول الشقيقة، التي طالما وقفت الى جانب لبنان، وكانت له عوناً، وها هي الامارات تعرض المساعدة للتخفيف من انقطاع التيار الكهربائي في لبنان؟
الرئيس ميقاتي استنكر حديث قرداحي والذي ينم عن دوافع شخصية لا علاقة للبنان وللحكومة بها. ورفض هذا الكلام جملة وتفصيلاً. ويتوقع ان يشهد لبنان ازمة ديبلوماسية حادة بسبب هذه التصريحات، لن يطفئها الا موقف من قرداحي. فيخفف العبء عن لبنان وعن الحكومة. (راجع تصريح ميقاتي).
على الصعيد النيابي شهد المجلس جلسة حامية للجان التي عرضت لرد رئيس الجمهورية قانون الانتخابات، وحصلت مشادات بين نواب حركة امل والتيار الوطني الحر استدعت التوقف لمدة ربع ساعة. ثم عاد النواب الى الاجتماع فصوتوا على ابقاء 27 اذار موعداً للانتخابات وعلى حق المغتربين بانتخاب جميع نواب المجلس. وسيحال قرار اللجان الى الهيئة العامة غداً الخميس للتصويت عليه. ولكن خطر تأجيل الانتخابات يبقى وارداً، اذا نفذ التيار الوطني الحر كلامه وقدم طعناً الى المجلس الدستوري.
حمى الله لبنان من التصعيد السياسي الذي ينعكس توتراً امنياً ولا بد من دخول العقال المعركة لاطفاء نارها. فعسى ان يوفق الراعي في مهمته ويعود مجلس الوزراء الى الانعقاد وتنطفىء نار الفتنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق