سياسة لبنانيةلبنانيات

شريعة الغاب تسود في لبنان وعيون الخارج على الاصلاحات

الكهرباء تودع اللبنانيين والاسعار وفواتير المولدات تتفلت من كل القيود

يبدو ان اللبنانيين دخلوا شريعة الغاب. فالكهرباء الى العتمة الشاملة، بعد ان اعلنت شركة كهرباء لبنان عن عجزها عن الانتاج، الامر الذي ادى الى انفصال الشبكة، وقد عملت المؤسسة بجهد حتى تمكنت من اعادة وصلها، ولكنها حذرت من ان الانفصال ممكن قريباً ويستدعي وقتاً طويلاً لاعادة وصله. اصحاب المولدات سارعوا الى استغلال الوضع، واعدوا فواتير تفوق المعقول وقدرة المواطنين على الاستمرار، بعدما رفضوا تسعيرة وزارة الطاقة ووضعوا تسعيرة تناسب اطماعهم في تحقيق ارباح خيالية. وهذا ما دفع بعض المشتركين الى قطع اشتراكاتهم.
اسعار المواد الغذائية والمعيشية هي الاخرى جنت بعد ان تجاهل التجار والمستوردون واصحاب السوبرماركت نداءات وزارة الاقتصاد، في ظل غياب كامل لمصلحة حماية المستهلك. وقد يمكن قبول اعذار هذه المصلحة، اذ كيف يمكنها مراقبة حركة السوق بعدد من المراقبين لا يفوق القدرة على مراقبة حي واحد من المدن، لا وطن باكمله. اما اسعار اللحوم وخصوصاً الدجاج والبيض فحدث ولا حرج. رغم ان خبراء الاقتصاد يقولون ان هذا الارتفاع غير مبرر على الاطلاق. ولكن غياب الدولة على مدى سنوات، مرة بالفراغ الذي سجل اعلى نسبة في تاريخ لبنان، ومرة بغياب الحكومة واهمال البعض لانشغالهم بمصالحهم الخاصة، الى ما هنالك من اسباب واعذار مرفوضة، لانها تجافي الحقيقة، هذا الغياب شجع اصحاب المصالح الخاصة والاطماع التي لا تشبع الى هذا الجنون في الاسعار.
هذا على الصعيد الاقتصادي، اما على صعيد الحكومة والعلاقات الخارجية فيبدو ان العيون مفتوحة اكثر واكثر وهي تراقب عمل هذه الحكومة، التي يبدو حتى الان انها عازمة على التحرك، وتبقى المشكلة في المعرقلين اذا تحركوا. من هنا فان هذا الاسبوع هو اسبوع دبلوماسي بامتياز. وتمشياً مع التحرك الحكومي يزور القاهرة وفد برئاسة وزير الطاقة وليد فياض للبحث في استجرار الغاز المصري لمعامل كهرباء لبنان، وخصوصاً ديرعمار. وسينتقل الى الاردن لاستكمال البحث الذي بدأه رئيس وزراء الاردن الذي زار لبنان الاسبوع الماضي. وتناول البحث ازمة الكهرباء والمساعدة على وصول الغاز المصري الى لبنان والتيار الكهربائي من الاردن عبر سوريا بالطريقة عينها.
وفي السياق واستكمالاً لهذا التحرك وجه الرئيس رجب طيب اردوغان دعوة الى الرئيس نجيب ميقاتي لزيارة تركيا وستتم هذه الزيارة خلال ايام وايضاً ستتناول ازمة الكهرباء والعقد بين لبنان والسفن التركية لتوليد الكهرباء الذي انتهت مفاعيله في نهاية ايلول وقد بدأت السفن تستعد للرحيل. فهل تكون هناك مبادرة مفاجئة في هذا الموضوع؟
ولان الدول المهتمة بلبنان حريصة على نجاح الحكومة الجديدة، وهي تراقب عملها بانتباه، صدرت نداءات من الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وكلها تدعو الى الاسراع في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، باب الخلاص الوحيد، وتطالب بالحاح باجراء الانتخابات في موعدها، لان هذه الجهات الخارجية تراهن على التغيير من خلال هذه الانتخابات، بعدما فقدت الثقة بالطبقة السياسية الراهنة، لانها لا تلتزم بوعودها وتعهداتها. وتذكّر كيف ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زار لبنان مرتين وحصل على تعهدات من المنظومة كلها بتشكيل حكومة اختصاصيين بعيدة عن السياسة، وكيف ان الموقعين على التعهدات، خالفوا الوعد قبل ان يجف حبره، وبقيت البلاد ثلاثة عشر شهراً بلا حكومة. فكيف يمكن للمجتمع الدولي ان يراهن على هذه الطبقة؟
واستكمالاً للتحرك الدولي من اجل لبنان يزور بيروت هذا الاسبوع كل من وزير الخارجية الالمانية، ووزير الخارجية القبرصية. كما يزور بيروت في نهاية الاسبوع وزير خارجية ايران.
وفي السياق وبعد ان اجرى الرئيس الفرنسي ماكرون اتصالاً هاتفياً بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان تناول الوضع في لبنان، ومحاولة اقناع المملكة العربية السعودية بالعودة الى هذا البلد ومد يد المساعدة له، شرح ولي العهد الاسباب التي حملت المملكة على النأي بالنفس عن هذا الملف، بعدما تعرضت للتجريح والحملات المغرضة من بعض الفئات لاغراض ولاهداف اقليمية، واعتراضاً على السياسة التي يتبعها المسؤولون اللبنانيون والتي اوصلت لبنان الى العزلة والانهيار. ويستكمل وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان الذي يزور المملكة حالياً البحث بالملف اللبناني مع ولي العهد السعودي والذي بدأه ماكرون. وعلم ان المملكة على موقفها ما لم يغير المسؤولون سياستهم، ويعودون الى النأي بالنفس الذي يتغنون به ويعملون عكسه.
وهكذا فان الحركة ناشطة دولياً وعربياً وتعكس اهتمام العالم بلبنان، فهل تكون حكومة ميقاتي على قدر المسؤولية فتنقذ ما يمكن انقاذه ويعود وطن الارز الى سابق عهده؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق