سياسة لبنانيةلبنانيات

مئات اللبنانيين يتظاهرون تنديدا بتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

بعد يومين من تعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، خرج مئات اللبنانيين للتظاهر الأربعاء أمام قصر العدل في العاصمة. ورفع المتظاهرون صور الضحايا ولافتات كتبوا عليها عبارات عدة بينها «لن تقتلونا مرتين» «القضية أكبر من قاضي… القضية الحقيقة» و«الشعب يحمي العدالة» و«لن ننسى». من جانبها أعربت فرنسا «عن أسفها» لتعليق التحقيق مؤكدة أن القضاء اللبناني يجب أن يكون قادراً «على العمل بشفافية تامة بعيداً عن أي تدخل سياسي».
خرج مئات اللبنانيين الأربعاء يتقدمهم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت للتظاهر أمام قصر العدل في العاصمة بعد يومين من تعليق التحقيق في القضية على خلفية تدخلات سياسية وشكاوى قانونية تطالب بتنحية المحقق العدلي.
وتعتبر هذه المرة الثانية التي يُعلق فيها التحقيق في الانفجار الضخم الذي وقع في الرابع من آب (أغسطس) 2020 وأدى إلى مقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزته السلطات إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية. وتبين لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.
ونجحت مجموعة من المتظاهرين ظهر الأربعاء من الدخول إلى الباحة الداخلية لقصر العدل، حيث يقع مكتب المحقق العدلي. وعلقوا لافتة ضخمة تضم صور الضحايا مع تعليق «لن تقتلونا مرتين».
وأمام قصر العدل، رفع الأهالي صور الضحايا ولافتات كتبوا عليها عبارات عدة بينها «القضية أكبر من قاضي… القضية الحقيقة» و«الشعب يحمي العدالة» و«لن ننسى». كما حمل أحدهم صورة مرفقة بمجسم مقصلة ومذيّلة بتعليق «نهاية كل فاسد».
وقالت ريما الزاهد، التي قتل الانفجار شقيقها الموظف في المرفأ «نعاني منذ 13 شهراً من تدخلات السياسيين وأرباب الطوائف في مسار التحقيق.. ووصل بهم الأمر إلى حد اللعب على القانون».
وتابعت «عندما علمت بوقف التحقيق، شعرت أننا نتعرض للخيانة مرة ثانية، ويقتلوننا مرة ثانية (…) كأنهم يقتلوننا ونحن نتنفس».
خلال المظاهرة، قال وليام نون، شقيق أحد ضحايا فوج الإطفاء الذي كان يحاول إخماد حريق سبق الانفجار، لصحافيين «نحن نطالب بالحقيقة.. ممنوع أن يتهدد القاضي داخل العدلية».
ويأتي تعليق التحقيق في بداية أسبوع كان يفترض أن يشهد جلسات استجواب عدة لمسؤولين عسكريين وسياسيين. ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي مذكرات تبليغ أرسلها بيطار لاستجواب النواب الثلاثة انطلاقاً من استناد البرلمان إلى قانون يحصر محاكمة الرؤساء والوزراء في محكمة خاصة يُشكلها من قضاة ونواب.
ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندد منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.

باريس تأسف لتعليق التحقيق

من جانبها أعربت فرنسا «عن أسفها» الأربعاء لتعليق التحقيق، مقدرة أن اللبنانيين لديهم «حق معرفة» ما جرى وأن القضاء اللبناني يجب أن يكون قادراً «على العمل بشفافية تامة بعيداً عن أي تدخل سياسي».
وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية «الأمر يعود إلى السلطات اللبنانية للسماح باستمرار التحقيق بالموارد المالية والبشرية اللازمة، من أجل الإضاءة على ما حدث في 4 آب (أغسطس) 2020، بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني».
وخلال المظاهرة، قالت يسرى أبو صالح، التي فقدت ابنها خلال الانفجار، «نطالب بالعدالة… ومن يتغيب عن المحاكمات هو الخائف».
منذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل المحقق العدلي طارق بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحي في شباط (فبراير) بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
وقبل تنحيته، كان صوان بدوره قد علق التحقيق بعدما تقدم وزيران ادعى عليهما بطلب نقل التحقيق من يده.
وعلق بيطار الإثنين التحقيق بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق يطلب فيها نقل القضية إلى قاض آخر رداً على طلب استجوابه كمدعى عليه في القضية.

«يُمنع تهديد القاضي»

من جانبه وبعد نحو خمسة أشهر من تسلمه الملف، أعلن بيطار في تموز (يوليو) عزمه استجواب دياب كمدعى عليه، ووجه كتابا إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال) وغازي زعيتر (الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة حركة أمل المتحالفة مع حزب الله، ونهاد المشنوق، وكان ينتمي إلى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري. وجاء ذلك «تمهيداً للادعاء عليهم» بتهم «جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل» و«جنحة الإهمال والتقصير» لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم «ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار».
وفي 16 أيلول (سبتمبر)، أصدر بيطار مذكرة توقيف بحق وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بعد امتناعه عن المثول أمامه لاستجوابه. وقد تقدم فنيانوس أيضاً بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية مطالباً بتنحية بيطار.
وغادر دياب الشهر الحالي إلى الولايات المتحدة على الرغم من صدور مذكرة إحضار بحقه وتحديد موعد استجوابه.
تتهم قوى رئيسية على رأسها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وتجمع رؤساء الحكومات السابقين بينهم الحريري، بيطار بـ «تسييس» التحقيق.
ويأتي تعليق التحقيق بعد أيام على تسريب رسالة شفهية نقلها إعلامي على لسان مسؤول في حزب الله كان يتواجد في قصر العدل إلى القاضي بيطار تتضمن امتعاض الحزب من مسار التحقيق وتهديده بإزاحته.

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق