ميقاتي اليوم في باريس فما هي «الغلة» التي سيعود بها؟
رفع الدعم عن المحروقات قبل البطاقة التمويلية خطأ جسيم
ماذا ستحقق زيارة الرئيس نجيب ميقاتي الى باريس اليوم، وما هو موقف فرنسا من الحكومة الجديدة؟ هي عملت على مدى سنة وشهر لتشكيل حكومة، ولو بعيداً عن المواصفات التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لدى زيارته لبنان وانتزاع توقيع من الطبقة السياسية لم يلتزم به احد. فهل هو على استعداد اليوم لنسيان ما جرى والوثوق بالحكومة الجديدة وهي صنيعة الطبقة السياسية وقد تشكلت وفق محاصصة ظاهرة؟
مصادر قصر الاليزيه تقول ان ماكرون سيطلب من الرئيس ميقاتي جدولاً زمنياً بالاصلاحات، فاذا نفذته الحكومة تدفقت الاموال على لبنان وفي حال التقاعس، وهي صفة واضحة للطبقة السياسية، فان شيئاً لن يتبدل، ولن تصل اي مساعدات. فهل ان الرئيس يقبل بوضع هذا الجدول، وهل يضمن انه قادر على تنفيذه، في ظل منظومة مستعدة لفعل اي شيء للمحافظة على موقعها ومكاسبها؟ فاقتلاعها ليس بالامر السهل. ويستدل من كل ذلك ان الاهتمام الفرنسي بلبنان وبالشعب اللبناني يفوق بدرجات اهتمام المسؤولين اللبنانيين هذا اذا كان هناك اهتمام. فلننتظر ونر ما ستسفر عنه هذه الزيارة وهي الاولى الى الخارج يقوم بها الرئيس ميقاتي بعد تشكيل الحكومة.
هذا على الصعيد الخارجي، وقد تتبع هذه الزيارة زيارات الى دول الخليج، لاعادة وصل ما انقطع بين لبنان وهذه الدول، نتيجة حملات ظاهرها محلي واهدافها اقليمية لا دخل للبنان بها، سوى انها تورطه بما لا يريده اللبنانيون. اما على الصعيد المحلي فقد ارتكبت الحكومة في اولى خطوة داخلية خطأ جسيماً، عندما اقدمت على رفع الدعم عن المحروقات، الامر الذي انعكس سلباً على حياة المواطنين وزاد اعباءهم، وهم الذين كانوا ينتظرون خطوة ايجابية ولو صغيرة تخفف عن كاهلهم هذه الاعباء الثقيلة التي فرضتها الطبقة السياسية عليهم. فلو ان الحكومة مثلاً سارعت الى توزيع البطاقة التمويلية على مستحقيها، لا على المحاسيب والانصار والاصوات الانتخابية، قبل رفع الدعم لاراحت الناس ولجعلتهم يتقبلون ارتفاع اسعار المحروقات. فهل ان هذه الحكومة جاءت لتخفف عن المواطنين ام انها جاءت لالحاق القهر والظلم بهم؟
هل تعلم الحكومة ان الوضع الذي اوصلتنا اليه المنظومة رتب على كل عائلة نفقات اضافية لا تقل عن خمسة او ستة ملايين ليرة في الشهر، في طليعتها فاتورة المولد في غياب التام للكهرباء وللمحاسبة، وارتفاع اسعار المحروقات والدواء والسلع والمواد الغذائية وغيرها وغيرها. فهل فكرت من اين سيأتي الناس بهذه الملايين ليتمكنوا من سداد المتوجبات عليهم؟ وهل فكرت في ايجاد فرص عمل للشباب، قبل ان يفرغ لبنان من قدراته وادمغته؟ قد يكون من المبكر الحديث عن انجازات الحكومة وهي في بداية الطريق ولكن هناك حقائق يجب لفت الانتباه اليها، قبل ان يقع المحظور.
يقول الرئيس نجيب ميقاتي انه سيعمد الى رفع رواتب موظفي واجراء القطاع العام، فاياً تكن هذه الزيادة في ظل خزينة منهوبة، خالية خاوية، فانها لن تعادل ولو نسبة ضئيلة من الاعباء التي تثقل كاهل المواطن وقد فرضت عليه نتيجة سياسات خاطئة. قد تكون عند الحكومة النية صافية لتحسين الوضع، ولكن هل ان كل مفاتيح الازمة في يدها لتتحكم بها؟ وهل تضمن ان المعرقلين لن يقفوا في مواجهتها عندما تتهدد مكاسبهم؟
من هنا اسمحوا لنا ان نقول ان الثقة ضعيفة، لا بل مفقودة، فان اردتم استعادتها فعليكم ان تثبتوا بالافعال ما تقولونه او تعدون به، والا فاننا ذاهبون الى مزيد من الانهيار.