الازمات كثيرة وكبيرة ومعالجتها صعبة جداً فهل الحكومة قادرة على المواجهة؟
تشكلت الحكومة وقضي الامر. على اي اسس قامت وكيف ازيلت العقبات بعد سنة وشهر من المماحكات؟ لا نعلم. لقد راجت الشائعات فور اعلان اسماء الوزراء بانها تحمل الثلث المعطل المقنع، واشارت الاصابع الى مكمن الخلل والشك. وكان الرئيس المكلف قد اعلن ان لا ثلث معطلاً لاحد، وان التشكيلة هي فريق عمل متضامن لمواجهة الازمات القاتلة. ومن «يريد ان يعطل لا مكان له بيننا فليخرج». وانبرى احد الوزراء يهاجم الاعلام معتبراً اننا نعيش في دولة الاعلام فيها ليس حراً كما في دول الممانعة.
الحكومة الجديدة تجتمع اليوم عند الساعة الحادية عشرة لالتقاط الصورة التذكارية وعقد اولى جلساتها، يصار خلالها الى تكليف لجنة بصياغة البيان الوزاري، وعلى اساسه تمثل امام المجلس النيابي لنيل الثقة. وهذه الثقة مضمونة اولاً لان كل الكتل النيابية، باستثناء القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، ممثلة فيها. هذا فضلاً عن ان رئيس الجمهورية سيطلب من التيار الوطني الحر التصويت الى جانب الحكومة كما اعلن الرئيس ميقاتي نفسه.
اللبنانيون رحبوا بحذر بولادة الحكومة التي طالما انتظروها، حتى ظنوا انها لن تبصر النور ابداً. ولكنهم يقولون ان العبرة في التنفيذ، فان استطاعت الحد من الازمات التي تطوق البلد تحظى بتأييدهم، والا تكون كغيرها من الحكومات التي سبقتها، وكلها بما فيها هذه الحكومة، هي من صنع المنظومة التي اوصلت البلاد الى الخراب. وهذا لا يدعو كثيراً الى التفاؤل. فالمنظومة لم تقدم شيئاً يوماً كان فيه الخير للمصلحة العامة. فضلاً عن ان تصريحات بعض الوزراء التابعين للسياسيين لا تبشر كثيراً.
المهمات التي تنتظر الحكومة كثيرة ومعقدة، فهل تكون على قدر المسؤولية؟ هل تستطيع ان تضع حداً لطوابير الذل امام محطات المحروقات والافران والصيدليات وغيرها وغيرها؟ لقد كفر المواطن بدولته وبهذه الطبقة السياسية العاجزة عن حل اي مشكلة. الايام المقبلة ستكشف مدى الانسجام والتضامن داخل مجلس الوزراء، وعلى اساسه يمكن استخلاص ما سيكون عليه المستقبل. والمهم ان تتخذ خطوات سريعة تظهر نتائجها فوراً لتهدئة النفوس وبعث بعض الامل، وتحريك المساعدات وفي طليعتها صندوق النقد الدولي.
هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الخارجي، وعلى الرغم من ان الخارج يعرف كل الخفايا التي احاطت بتشكيل الحكومة، والضغوط التي مورست للوصول الى هذه النتيجة، فانه سارع الى الترحيب بعدما كان قد فقد الامل بان تتخلى المنظومة عن مصالحها وتقدم على التشكيل. الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والدول العربية، رحبت بنجاح الرئيس نجيب ميقاتي ودعت كلها الى الاسراع في تنفيذ الاصلاحات لتعود المساعدات الى البلد. وهذا ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فور اعلان التشكيلة.
اعداد البيان الوزاري والذي لم يكن يوماً ملزماً للحكومات التي تضعه سيكشف مدى التضامن بين الوزراء الجدد. فان مر بسرعة ودون مماحكات، يكون اشارة ايجابية لصالح الحكومة، والا فان الخلافات التي تمزق البلد ستبقى هي هي، وستكون الخطوة الحالية اشبه بما كان يدور في الماضي، وهذا مؤشر على ان التغيير بات ملحاً وضرورياً للمجيء باشخاص يكونون على قدر المرحلة ويؤمنون بلبنان قبل اي مصلحة او طرف اخر.
الرئيس نجيب ميقاتي اكد ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها الذي حدد في 9 ايار المقبل، وهي الفرصة الوحيدة المتاحة امام المواطنين للتغيير، بعدما فشلوا في حراك 17 تشرين في تحقيق الاهداف. فهل يحسنون الاختيار هذه المرة، ويأتون بالرجل المناسب في المكان المناسب. ام ان التبعية والاستزلام سيبقيان مسيطرين؟ ثم هل ان المستفيدين من الوضع الحالي لن يدخلوا على الخط لمنع الانتخابات، وهل هم قادرون على التعطيل مع كل الضغوط الخارجية لاجراء الانتخابات؟
المهم ان تنصرف الحكومة الى العمل بسرعة فتضع حداً لطوابير الذل امام محطات الوقود، حتى ولو عن طريق رفع الدعم. فالاسعار لن ترتفع اعلى مما هي عليه اليوم في السوق السوداد. وعليها ان تضرب بيد من حديد على المهربين والمحتكرين والمتلاعبين بحياة الناس، وان تقفل المعابر غير الشرعية وتشدد العقوبات الى الحد الاقصى. فهل هي قادرة على القيام بذلك. ام ان سلطتها محصورة بحدود معينة، ومحظور عليها تجاوزها؟