أبرز الأخبارالعالم

فوز روحاني… ربيع ايراني في الوقت الضائع

في الوقت الذي يسلم متابعون للملف الايراني، ومتخصصون بشؤونه، بنزاهة الانتخابات الرئاسية الايرانية الاخيرة، ويدفعون في هذا الصدد بحقيقة تتمثل بانه من غير المنطق ان يتم التزوير لصالح مرشح من غير اركان النظام ومن رموز المحافظين – في اشارة الى روحاني -، هناك من ينظر الى المسألة من زوايا اخرى.

يرى بعض هؤلاء، ان ما حدث كان تكتيكاً، يحاول النظام المتشدد من خلاله امتصاص نقمة الشارع واندفاعته، وصولاً الى تجاوز مرحلة باتت المرجعيات على قناعة بانها مقبلة وعلى شكل «ربيع ايراني» قد تكون احداثه ومجرياته اشد فتكاً من اي ربيع. فالمرجعيات – بحسب هذه القراءة – باتت تنظر الى ما حولها، وتتوقف – تحديداً – عند ما يجري في بعض الدول العربية، اضافة الى تركيا التي تشهد حراكاً اقرب ما يكون الى وصف «الربيع التركي».
وبين هذه وتلك، هناك من يقرأ التطورات من زاوية انها «ثورة بيضاء» اطلقها الاصلاحيون ووجدت صدى واسعاً على نطاق الشارع الايراني الذي تشير تحليلات الى انه ضاق ذرعاً بالقبضة الحديدية التي تدير المرجعيات من خلالها البلاد.
وبينما تتسع دائرة التحليل، وتمتد الى مجالات عديدة، هناك من يرى ان الامر مختلف في حقيقته، بحكم بقاء دائرة القرار وصنعه على حالها. وما دامت زمام الامور محكومة بين يدي المرجعية العليا اية الله علي خامنئي، الذي يمسك بجميع الصلاحيات من جهة، ويمسك متشددون بجميع المؤسسات المرجعية، وفي مقدمتها مجلس صيانة الدستور.
التحليلات، تأتي رداً على تساؤلات حول ما اذا كانت النتيجة تحمل في ثناياها تغييراً جذرياً في السياسة الايرانية، او تحولاً جذرياً في مزاج الشارع الايراني وفي قناعاته، بما يمكن ان يؤدي الى تغييرات في هيكلية الدولة، وبالتالي هيكلية الحكم. وتستند – تبعاً لذلك – الى معطيات متعددة من ابرزها تمسك الهيئات المرجعية برفض ترشح الاصلاحيين، الامر الذي فهم منه مشروع تدخل في العملية الانتخابية، هدفه الحفاظ على هيمنة التيار المحافظ الذي يتزعمه المرجع الاعلى خامنئي، المؤشرات التي يجري تداولها على مختلف النطاقات، تجد ما يعززها ضمن تقاطعات ومسارات عديدة. لكنها في المحصلة تلتقي عند نق
طة مفادها ان تغييراً فعلياً حدث، وانه اخذ مداه، واسفر عن تلك النتيجة.

تمدد التغيير
اما الاكثر اهمية فيتمثل بتوقعات محورها ان يمتد ذلك التغيير، بحيث تصل تأثيراته الى مؤسسة الحكم الحقيقية، والى مؤسسة المرجعية العليا التي يبدو انها باتت اكثر ميلاً لاحداث التغيير من تلقاء نفسها بدلاً من ان يفرض عليها.
ومع ان التحليلات ذاتها، تميل الى الاعتقاد بان التغيير جاء متاخراً، وانه «في ربع الساعة الاخيرة» من بعض الاحداث التي تنوي طهران مواصلة التورط بها، وفي مقدمتها الملف السوري، هناك من يصف التطور الاخير بانه «ربيع ايراني»، وان القيادة الجديدة ستعمل على استغلال ما هو متاح منذ وقت من اجل تغيير وتليين بعض المواقف المتشددة، في ما يخص الملفات الساخنة، وضمن ما هو متاح من امكانات للتغيير. حتى وان كان تغييراً بسيطاً.

  وهو ما يعني ان التغيير في المواقف قد يكون بسيطاً، لكنه يشكل بدايات لمواقف اكثر ليناً، وممارسات اكثر قرباً من التركيز على المصلحة الايرانية الخالصة، بدلاً من توزيع الجهد على ملفات عديدة. وقد ينعكس ذلك على تطورات الملف النووي الذي اشار استطلاع للرأي أجرته القناة الإخبارية في التلفزيون الإيراني حول كيفية التعاطي مع العقوبات الدولية، فسألت الجمهور عن الطريقة التي يفضلونها لمواجهة العقوبات الأحادية التي فرضها الغرب على إيران، طارحة عليهم ثلاثة خيارات هي: «التخلي عن التخصيب، في مقابل رفع تدريجي للعقوبات، إغلاق مضيق هرمز، أو مواجهة العقوبات للحفاظ على الحقوق النووية الايرانية». وكانت المفاجأة أن 63 في المئة أيدوا وقف التخصيب، بينما أيد 20 في المئة إغلاق مضيق هرمز، وقال 18 في المئة بأن الأفضل هو مواجهة العقوبات.
انه الاستطلاع الذي تدخلت المرجعيات المحافظة من اجل وقف نشره لجهة انه يكشف عن توجهات جديدة ومثيرة للشارع الايراني. وما يهمنا هنا، انها تعزز وجهة النظر التي تتحدث عن «انقلاب ابيض»، او حتى عن ربيع ايراني.

مؤشرات
وفي الوقت الذي تتواصل التساؤلات حول مدى انعكاس انتخاب روحاني على العلاقات مع دول الجوار، يمكن التوقف عند جملة من المؤشرات:
اولاً: اغتباط الشارع الايراني بالنتيجة واعتبارها نجاحاً للمشروع الاصلاحي الذي تبلور عقب الانتخابات الرئاسية الفائتة، حيت تأسست مجموعة مناهضة اطلق عليها اسم «المجموعة الخضراء» ووضعت شريطاً اخضر شعاراً لها. فنزل انصار تلك الحركة الى الشارع في احتفالية كرستها لالقاء الضوء على مبادىء وثوابت يسعون الى تحقيقها، ومن ابرزها اعطاء الاولوية للداخل بدلاً من الانفاق المبالغ فيه على مشاريع خارجية، سواء في العراق او لبنان، او في سوريا، وفي جميع دول العالم.
غير ان المحللين يستبعدون ان يتنازل روحاني عن المشروع الفارسي الذي يرى البعض انه سيكون البديل للمشروع الطائفي الذي تقوم عليه الجمهورية الاسلامية، وبحيث تتمدد الرئاسة الجديدة في هذا المشروع على حساب المسألة الطائفية.
ثانياً: ان روحاني سيركز على تحسين علاقات بلاده مع دول الجوار. ويستشهد المتابعون هنا بالترحيب السعودي بانتخابه، وبالرسائل التي وجهها روحاني بهذا الخصوص، سواء في بداية الانتخاب، وضمن اطار الحملة الانتخابية، او في مرحلة ما بعد الفوز.

فقد ارسل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز برقية تهنئة إلى روحاني، اعتبرها محللون مؤشراً على رغبة بفتح بوابات التحاور بين القيادات السياسية لوقف تأجيج الفتنة الطائفية. وفي مجال التدقيق في نص البرقية لجهة القناعة بانها تتجاوز «البُعد البروتوكولي».
فالعاهل السعودي، الذي قطع إجازته في المغرب للوقوف على آخر التطورات في سوريا، ضمّن برقية التهنئة للرئيس روحاني الموصوف بالاعتدال، باسمه وباسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية «أجمل التهاني والتمنيات بموفور الصحة والسعادة لفخامتكم، والتقدم والازدهار لشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيق».
وأثنى العاهل السعودي على ما كان عبّر عنه الرئيس الإيراني المنتخب في تصريحاته من حرص على التعاون وتحسين العلاقات بين البلدين «الشقيقين». وكان روحاني أكد أنه سيعطي اولوية قصوى لتحسين العلاقات مع دول الجوار على جميع المستويات، وانه يعتزم تحويل الخصومة مع السعودية والتي تفاقمت خلال الفترة الاخيرة الى احترام متبادل.
ورأى مراقبون ان اتخاذ روحاني موقفاً تصالحياً واقل تشدداً والمساعدة في ايجاد حل سياسي للازمة السورية كفيل بتخفيف التوتر المذهبي والطائفي بين السنة والشيعة وهو ما سينعكس بشكل ايجابي على علاقات السنة بالشيعة في عدد من الدول العربية. وعبّر المراقبون عن الأمل في أن تكون تهنئة العاهل السعودي بوابة جديدة للتحاور بين القيادات السياسية لوقف حال تأجيج الفتنة الطائفية التي اثيرت مؤخراً، والبدء بمشروع المصالحة مع دول الخليج العربي بشكل ع
ام.
ويعتقد مراقبون ان انتخاب روحاني سينعكس ايجابياً على صورة ايران في العالم العربي وان ايران ستتبع نه
جاً جديداً مختلفاً في تعاملها مع ملفات المنطقة، خصوصاً وان وصول روحاني الى منصب الرئاسة تزامن مع بلوغ التوتر الطائفي بين السنة والشيعة في المنطقة مستويات غير مسبوقة بسبب الازمة السورية.
  ثالثاً: وفي التفصيل، قد يكون متأخراً تغيير الموقف الايراني من تطورات الملف السوري. فمن جهة، يرى محللون ان قرار دعم نظام الرئيس بشار ليس موقفاً رئاسياً، وانما موقف دولة، شاركت فيه المرجعيات المتعددة. ومنها المرجعية العليا. وبالتالي فمن الصعب ان يفلح الرئيس روحاني سريعاً في تغيير او تعديل ذلك القرار. ومن جهة ثانية قد لا يتيح الوقت الضيق الفرصة امام مؤسسة الرئاسة لتعديل الموقف.  كما ان الموقف من حزب الله يعتبر من المواقف الثابتة للدولة الايرانية. وبالتالي فالتوقعات تصب ضمن اطار التغيير التدريجي، وفي سياق الضغوطات المنتظرة على مؤسسة المرجعيات العليا وصولاً الى التغيير المنشود.

سياسة النفس الطويل
اما التوقعات فتتركز في مجملها على ان يكون التغيير تدريجياً، وضمن اطار «النفس الطويل»، بحيث لا تعود ايران الى تبني المشاريع التي كانت قائمة، والتي تثير حساسية دول الجوار، وغالبية دول العالم، الامر الذي يشعرها بقدر من العزلة.
من هذا كله، وضمن قراءة معمقة لما حدث، يرى محللون ان النتيجة قد تكون طبيعية في ضوء تشتت اصوات المحافظين، واستفادة المرشح المعتدل حسن روحاني من اصوات تيارات متعددة، اصلاحية، ومعتدلة، ومحافظة. الا انها كانت مفاجئة
من زاوية سماح المرجعيات الدينية المحافظة بتمرير تلك النتيجة وعدم التدخل بها، كما حدث في الانتخابات السابقة التي انتهت الى حالة من الفوضى، والاحتجاجات والى عزل وسجن رموز اصلاحية كانت حتى وقت قريب تشكل بعضاً من اركان النظام.
والتدقيق في تفاصيل المشهد الراهن، يخلص الى جملة من المعطيات، وصولاً الى نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ايام، وافرزت الشخصية التي تجمع بين المحافظة والاعتدال، والتي تميل بصورة اكثر وضوحاً نحو الاعتدال حسن روحاني. ففي مقدمة تلك المعطيات رفض المرجعيات ترشيح عدد من الرموز الاصلاحية. ال
امر الذي شكل دلالة قاطعة على استبعاد ذلك التيار عن تفاصيل المشهد السياسي الايراني داخلياً وخارجياً.
وتبعاً لذلك توجه المؤشر نحو التيار المحافظ لقيادة المرحلة. غير ان تلك القناعة تبدلت بفوز روحاني، الذي جوبه بحملات مضادة من قبل المحافظين، لكنه لم يكن بعيداً عن خيارات بعضهم.
لكنه حظي في المحصلة بدعم من قبل الاصلاحيين الذين خاضوا حملته بكل حماسة، واعتبروه مرشحهم في ضوء استبعاد باقي مرشحي التيار. وحظي ايضاً بدعم من قبل التيار الوسطي «المعتدل”» لتكون المعادلة كالآتي: «اصلاحيون + معتدلون + جزء من التيار المحافظ». يقابل ذلك تشتت في اصوات التيار المحافظ، لتكون النتيجة فوز روحاني.
من هنا، ورغم كل القراءات التي تتعاطى مع البعد الشكلي للنتيجة، يبدو ان القراءات تشير بوضوح الى أن المزاج العام في إيران لم يعد ميالاً للمحافظين. فباستثناء بعض الطبقات الفقيرة التي يستقطبها المحافظون بخطاب يمزج بين الديني والاهتمام بشؤونهم، ومعها بعض الأصوليين، يبدو التيار الإصلاحي هو الأكثر قبولاً بين الناس، لا سيما بين الشباب، وفي المدن الكبيرة وفي أوساط الطبقة المتوسطة، على رغم أن سيرته ليست مشجعة إلى حد كبير في تجاربه السابقة.
ويبدو ايضاً ان ما يسيطر على المزاج العام في إيران هو الوضع المعيشي، إلى جانب الحريات العامة في البلاد، وفي الجانبين ثمة سخط لافت على التيار المحافظ، إذ يميل إلى قدر كبير من التضييق على الحريات العامة، فيما أوصلت مغامراته السياسية البلاد إلى حافة الهاوية على صعيد الوضع الاقتصادي في ظل العقوبات من جهة، ومن جهة اخرى، الصرف المجنون على مغامرات الخارج، وآخرها المغامرة السورية التي تستنزف الخزينة الإيرانية فوق ما هي مستنزفة، وحيث لا تقل الخسائر في أبسط التقديرات عن 20 مليار دولار خلال عامين تقريباً.
ورغم ترحيب المرشد الاعلى علي خامنئي، بانتخاب روحاني رئيساً جديداً لايران، والذي كتب على موقعه الرسمي: «اهنىء الشعب والرئيس المنتخب»، وتأكيده انه على الجميع مساعدة الرئيس الجديد وحكومته، ومطالبته الايرانيين بتفادي ما اسماه «السلوك غير الملائم» خصوصاً من جانب الاشخاص الراغبين في اظهار فرحهم او استيائهم، في اشارة الى انصار الرئيس المنتخب ومعارضيه. فقد اعتبرت مصادر متابعة ما حدث «انقلاباً ابيض» لكنها توقفت عند بعض الملاحظات، وفي مقدمتها أن النتائج تبرز وتؤكد إرادة لدى الشعب الإيراني بتغيير في الجوهر وليس في الشكل، وهو ما ستأخذه الدولة بعين الاعتبار، رغم الصعوبات والتحديات التي ستواجه الرئيس الجديد في ظل ميزان القوى الراهن.
ورأت بعض المصادر أن التصويت بهذا الشكل، يعني رفضاً شعبياً مطلقاً للخط الذي ينحو باتجاه المزيد من عسكرة النظام والمجتمع، من خلال رفضه مرشح الدولة، خصوصاً حرس الثورة، محمد باقر قاليباف، الذي حل ثانياً، لكنه لم يجمع سوى ثلث عدد الأصوات مقارنة بما حصل عليه روحاني.

ولاية الفقيه
توقفت المصادر أمام قراءة  تطاول  الولاية المطلقة لولي الفقيه، اعتقاداً بأن الشعب قد رفضها بصورة مباشرة، ومن خلال تصويت ساحق لمصلحة روحاني، خصوصاً أن خامنئي قارب ربع قرن من ولايته.
وتعتبر التحليلات أن تلك النتائج بمثابة نصر لهاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، وهما من ابرز مؤيدي روحاني، وكانا قد جاهرا قبل الانتخابات بضرورة نقاش مسألة دور المرشد والولاية المطلقة التي احاط نفسه بها. ويستدل المراقبون في تأكيدهم على هذا التحليل، بنتيجة التصويت في مدينة قم، حيث حصل روحاني على 400 ألف صوت مقابل 100 الف لقاليباف.
وفي حين تحذر المصادر من أن المعركة لم تنته بعد، لأن خامنئي يحظى بتأييد مجلس الشورى، ولا يتوقع بالتالي حصول تغيير فوري عميق في السياسة العامة لإيران، إلا أنها تعتبر ما حصل عبارة عن بداية تغيير حقيقي، وستكون انعكاساته منظورة وملموسة ليس في الداخل الإيراني فحسب، وإنما على حلفاء إيران في المنطقة، وخصوصاً النظام السوري وحزب الله. وفي هذا السياق يمكن قراءة التصريح الذي أدلى به الرئيس المنتخب حسن روحاني عبر التلفزيون الرسمي، لناحية إشادته بـانتصار الاعتدال على التطرف، وتأكيده ان هذا الانتصار هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم على التطرف.
والسؤال الذي يطرح بالحاح، بعد فوز روحاني يتعلق بتأثير النتيجة على السياسة الخارجية الإيرانية.

وهنا يمكن القول بأن ملف السياسة الخارجية كان ولا يزال بيد المرشد خامنئي، خصوصاً بعد ان طالب روحاني المجتمع الدولي بالاعتراف بحقوق ايران في اشارة الى المفاوضات حول الملف النووي. وفي هذا السياق قال، انه على الساحة الدولية، ومع الفرصة التي انتجتها هذه الملحمة الشعبية، فانني اطالب من يتغنون بالديموقراطية والتفاهم والحوار الحر –  قاصداً الدول الغربية – بان يتحدثوا باحترام الى الشعب الايراني ويعترفوا بحقوق الجمهورية الاسلامية، حتى يتلقوا رداً ملائماً، في اشارة الى المفاوضات النووية المتعثرة مع الدول الكبرى.

رسائل الانتخابات
وبينما تعهد روحاني ببذل كل ما بوسعه لتحقيق الوعود التي قدمها خلال حملته الانتخابية، واعتبر ان الشعب الايراني هو الفائز الحقيقي في الانتخابات. هناك من يرى بأنه من الصعب التكهن بما يمكن أن يحدث خلال السنوات الأربع المقبلة، والتي يمكن القول إن تداعيات الملف السوري ستكون أخطرها على الإطلاق، لكن المؤكد هو أنه إذا لم تعد إيران إلى رشدها وتتخلى عن أحلام التمدد المغرورة، وتتصالح مع محيطها العربي على أسس جوار متوازنة، مع تنازل عن المشروع النووي في بعده العسكري، فإن وضعها سيزداد بؤساً، حتى لو قيل إن المنطقة برمتها ستكون خاسرة في المعركة لصالح العدو الصهيوني، أقله في المدى القريب.
وسواء اكانت العملية الانتخابية مبرمجة، وتقع ضمن اطار التعاطي السياسي مع الواقع، فإن رسالة الانتخابات ستصل الى المرجعية العليا، بكل وضوح، ولا بد له تبعاً لذلك، من إعادة النظر في تلك السياسة التي لا تتوقف عند جلب العقوبات الدولية، بل تتجاوزها إلى تكريس حالة عداء سافر مع المحيطين العربي والإسلامي، بل مع غالبية الأمة من السنّة.
وفي هذا السياق، حاول روحاني أن يوصل بعض الرسائل إلى دول الجوار والمجتمع الدولي بأن سياسته ستختلف عن سياسة أحمدي نجاد المتشددة، فيما كانت تلك الرسائل موجهة أولاً وقبل كل شيء إلى الداخل الإيراني الذي يدرك أية مصائب جلبها تشدد نجاد على إيران، مع أن المرشد كان يظهر تشدداً أكبر منه.

احمد الحسبان

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق