سياسة لبنانيةلبنانيات

سلبيات قاتلة لقرار الرفع الجزئي عن دعم المحروقات وسلبيات اكبر للفراغ الحكومي

صدر قرار دعم اسعار المحروقات على اساس سعر الدولار ثمانية الاف ليرة بدل 3900 لمواجهة طوابير الذل امام المحطات. فما هي ايجابيات وسلبيات هذا القرار العشوائي الذي لا يرتكز على خطة مدروسة توصل الى النتائج المتوخاة.
صفوف السيارات ستبقى مشهداً يومياً امام المواطنين، تقطع الطرقات بحثاً عن ليترات قليلة من البنزين. والقرار الذي صدر، وفي افضل الحالات، سيخفف جزئياً الطوابير ولمدة قصيرة ثم تعود الامور الى حالها. لماذا؟ لان البنزين الذي يسلم للمحطات بالقطارة يبقى في كل الاحوال اقل من حاجة السوق. ولذلك ستبقى الازمة قائمة. اما السبب الاهم الذي يحول دون حل المشكلة فهو التهريب المحمي والذي لا يمكن لاحد مواجهته. فالمصلحة السورية لدى البعض اهم من المصلحة اللبنانية، فضلاً عن ان عقاب المهربين هو دون المستوى الرادع. وسيبقى التهريب قائماً طالما ان اسعار المحروقات في لبنان اقل منها في سوريا. لذلك القرار لم ولن يحل المشكلة.
اما سلبيات القرار على الصعيد الاقتصادي فكارثية. لقد اسهم في ارتفاع اسعار السلع بنسبة خيالية، يقف المواطن حيالها مشدوهاً لا يصدق، والذريعة ان اسعار النقل ارتفعت بارتفاع سعر المحروقات. فكيف سيتدبر المواطن المعدم امره؟ هذا ليس مهماً لدى الطبقة السياسية المتحكمة، فهي بعيدة عن الناس ومشاكلهم، ولا تلتفت سوى الى مشاكلها وحصصها ومكاسبها.
ومن سلبيات القرار انه دمر الخزينة وهي اصلاً مدمرة بفعل الصفقات التي قامت بها الطبقة السياسية ففرغت وانهار الاقتصاد. لقد اقر القانون زيادة او منحة على رواتب جميع موظفي القطاع العام، وهي تشكل عبئاً كبيراً شبيهاً بسلسلة الرتب والرواتب التي اقرت عشوائياً وادت الى ما وصلنا اليه. نحن مع انصاف جميع العاملين في القطاعين العام والخاص، بعدما افقرتهم المنظومة واوصلت نسبة كبيرة من اللبنانيين الى الجوع. ولكن اي زيادة يجب ان تكون وفق خطة اقتصادية علمية مدروسة تعيد انعاش الخزينة وتنتشل المواطنين من الفقر.
هذا على صعيد القرار الذي صدر تحت عنوان انهاء طوابير الذل. ولكنه لن يتمكن من تحقيق نتائج ايجابية في هذا المجال. اما على الصعيد السياسي فالوضع على حاله. يشيعون اجواء ايجابية لايهام المواطنين بانهم مهتمون، والنتيجة لا شيء. سنة واكثر مضت ولبنان بلا حكومة تدير شؤؤنه. فهل هذا معقول؟ وباي حق تحرم الطبقة السياسية الشعب اللبناني من حكومة تتدبر امره. اعتذاران والثالث على الطريق ولا من يسأل، ولا من يحاسب؟ فكيف يجوز ذلك؟
لو احتسبنا الفراغ في السلطة التنفيذية، لدى تشكيل الحكومات لوجدنا انه ليس بالايام ولا الاسابيع ولا الاشهر، بل بالسنوات. فمن يعوض على اللبنانيين هذا الغياب التام عن المسؤولية؟ اليس مجلس الوزراء هو المسؤول من شؤون الناس والبلد، فكم كانت الخسارة كبيرة بسبب هذه الفراغات المتعاقبة؟ اين المجلس النيابي؟ هل سمعنا مرة واحدة انه حاسب مسؤولاً عن عمل ما. ان النواب غائبون عن القيام بدورهم ولذلك هم لم يعودوا يمثلون الشعب، بل يمثلون مصالحهم ومصالح الزعماء الذين جاءوا بهم الى هذا المجلس. الانتخابات على الابواب فهل يعرف اللبنانيون ان يختاروا هذه المرة؟ نأمل ذلك.
ان اللبنانيين بحاجة الى حكومة تؤمن لهم الكهرباء والمحروقات والدواء والمستشفيات والحياة الكريمة. فهل من يعمل على ذلك؟ اننا نشك اذ لو كان الامر صحيحاً لما كنا ننتظر منذ اكثر من سنة ولادة هذه الحكومة. الناس تعاني والمسؤولون غائبون. فما هو المصير؟
اليوم يزور بعبدا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة بعد انقطاع دام اياماً عدة وتولى المستشارون المشاورات بشأن الحكومة. فهل يثمر هذا اللقاء؟ الرئيس ميقاتي قال ان التكليف ليس بلا افق، فهل من موقف ينهي هذا التخبط. هذا الاسبوع يجب ان يكون حاسماً فاما التشكيل واما الاعتذار. فالناس لم تعد تحتمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق