سياسة لبنانيةلبنانيات

لبنان انطفأ… منارة الشرق دخلت ظلمة القبور… ولا حكومة بعد

امام المسؤولين هذا الاسبوع فاما يشكلون حكومة انقاذ واما الانفجار الكبير

انطفأ لبنان… بهذه الكلمات يمكن وصف الوضع الذي وصلنا اليه بفعل هذه المنظومة الفاشلة التي عجزت عن تدبير شأن واحد من شؤون المواطنين، فاثارت دهشة واستغراب العالم باسره بعدم مسؤوليتها وعدم كفاءتها لمعالجة مشاكل هي كوارث بكل ما للكلمة من معنى. وهي من صنع يديها.
انطفأت منارة الشرق وتحولت الى ظلمة القبور، اختفى المازوت فتعطلت المستشفيات والمولدات واطفئت الانوار في المنازل وتساوت بالكهرباء، التي لم تعد موجودة اصلاً، منذ اشهر عندما غابت كلياً. وقبل ذلك كانت لا تزال تجرجر منذ انتهاء الحرب الاهلية، رغم ان نصف ديون لبنان انفقت عليها. وبدل ان تبنى المعامل، ويزداد الانتاج بما يكفي لبنان ويزيد، وبربع المبلغ الذي انفق، وصلنا الى العتمة. لماذا؟ اين ذهبت الاموال وفي اي جيوب حطت؟ طبعاً لا جواب لانه لو كانت هناك نية للمحاسبة والتدقيق لاهتزت الطبقة السياسية، ولكن لا نية البتة بذلك. وهكذا فان المسؤولين عن هدر اموال الكهرباء والديون المتراكمة لا ينشغل لهم بال ولا هم خائفون.
توقفت الافران واختفت الرغيف طعام الفقراء الوحيد الباقي لهم وبصعوبة. ووقف المواطنون في صفوف طويلة يستجدون ربطة الخبز التي بيعت في بعض المناطق بسعر السوق السوداء، ما بين 15 و20 الف ليرة الربطة، هذا ان وجدت. اختفى الدواء نهائياً ومن كتب الله له عمراً يبقى والا فالموت المحتم. اقفلت الصيدليات وتستعد المستشفيات للحاق بها، بعد ان فقد المازوت وتوقفت مولداتها. اما المرضى الذين تحت الاوكسجين فينتظرهم مصير اسود، ليس سوى الموت. توقفت الاعمال كلها وارتفعت الاسعار بحيث لم تعد في متناول الاكثرية الساحقة من الشعب اللبناني. لقد احتلت الصفوف الطويلة امام محطات المحروقات، وامام الافران الشوارع والطرقات وقطعتها، واصبح هم المواطن الحصول على رغيف خبز او ليترات من البنزين ليتمكن من اطعام اولاده والذهاب الى عمله، هذا طبعاً ان بقي له عمل وقد اصبح نصف اللبنانيين عاطلين عن العمل.
وجاءت كارثة انفجار خزان المحروقات في عكار، الذي ذهب ضحيته عشرات القتلى واكثر من مئة جريح، ليزيد من بؤس اللبنانيين. ففي ظل هذه المنظومة لن نحصد سوى المجازر والمآسي. والعالم يقف مذهولاً امام قلة مسؤولية هذه الطبقة، وعدم كفاءتها. هو يريد ان يساعد لبنان ويخلصه، ولكنه ينتظر خطوة صغيرة من السلطة اللبنانية ليباشر عملية الانقاذ، غير ان هذه الخطوة لم تأت وربما لن تأتي ابداً، طالما ان هذه المنظومة واضعة يدها على البلد ولا تهمها الا مصالحها.
وسط هذا الوضع الحالك السواد، لم يحرك المسؤولون ساكناً لايجاد الحل، الذي بات في ايديهم وحدهم. وبدل ان يسارعوا الى تسهيل تشكيل حكومة انقاذ بعيدة كلياً عن السياسة والسياسيين، عن المحاصصة والمصالح الشخصية، فانهم لا يزالون يتجادلون حول جنس الملائكة. هذه الحقيبة لاي فئة وتلك لمن، الى اخر السخافات، نعم نقول انها امور سخيفة امام هول ما يجري وما يحل بالبلد وبالشعب.
اشاعت بعض المصادر السياسية في الايام الاخيرة جواً تفاؤلياً وقالت ان العقد حلت وان الحكومة ستبصر النور قريباً. طبعاً اللبنانيون لم يصدقوا حرفاً مما قيل. لقد اعتادوا على ان تنسف التفاصيل او من ليس له مصلحة بالحلول كل ما يمكن ان يتحقق. اذا كان المسؤولون يدركون حقاً هول ما يحل بنا، وهو من صنع ايديهم، عليهم اليوم وفي هذه اللحظة بالذات ودون انتظار الغد، اعلان تشكيل الحكومة من اشخاص يحوزون على ثقة الداخل والخارج، فيعطون صلاحيات استثنائية للبدء سريعاً بالعمل. والبداية يجب ان تكون بالكهرباء اساس كل الويلات، على ان ترفع الايدي المحلية عنها نهائياً، وتسلم الى شركات اجنبية تتولى وبسرعة اعادة التيار الى البلاد. فهل هذا كثير؟ هل كثير على اللبنانيين ان يحصلوا على رغيف خبز انتزعه السياسيون من افواه اطفالهم؟ هل كثير ان يحصلوا على ليترات بنزين للتنقل؟ هل كثير ان يحصلوا على دواء يقيهم الموت المحتم؟ هل كثير ان يجدوا سريراً في المستشفى اذا اصيبوا بطارىء؟
يسألون لماذا لا يثور الشعب وينفجر وقد تجاوزت المنظومة كل الخطوط الحمر؟ نعم هناك تقاعس شعبي مخيف وغير مسموح، ولكن الطبقة السياسية عرفت كيف تبعدهم عن الاحتجاجات، فتسببت لهم بالوقوف في صفوف طويلة بحثاً عن حاجاتهم الضرورية، ولم تترك لهم وقتاً للتعبير عن غضبهم وعن الثورة التي تشتعل في داخلهم.
امام المسؤولين هذا الاسبوع كاقصى حد. فاما ان يشكلوا حكومة ويعلنوها على الملأ وتباشر العمل فوراً، واما الى مزيد من المآسي والكوارث والانهيار الى اعمق اعماق الهوة السحيقة التي اوقعونا فيها، والى الانفجار الكبير، ويكونون حقاً في كوكب آخر لا وجود للشعب فيه.
اليوم تباع المحروقات باسعار جديدة نتجت عن قرار مجلس الدفاع الاعلى باحتساب السعر على اساس 8000 ليرة لبنانية للدولار الواحد. فهل سينهي هذا القرار صفوف السيارات الطويلة امام المحطات؟
من المؤكد ان القرار لم يحل المشكلة وستبقى الصفوف تسد الطرقات الا ان هذا القرار وجه ضربة لعموم اللبنانيين لانه جاء بلا دراسة ولا خطة اصلاحية فهل فكر المسؤولون كيف ستهب الاسعار بحيث لن يعود المواطن قادراً على تحملها. فاتورة المولد وحدها ستمتص معاشه كله فمن اين يأتي بالمال ليسدد كل هذ الزيادات. من اين ستأتي الخزينة بالمال لتسديد المليارات التي استجدت بسبب القرار كزيادة اجور للموظفين؟
شكلوا حكومة هذا الاسبوع قبل فوات الاوان والا فان فالكوارث ستنهال على رؤوس الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق