سياسة لبنانيةلبنانيات

هل اصبح تشكيل الحكومات في لبنان حلماً بعيد المنال؟

العقد القديمة المتجددة هل تقود الى الاعتذار الثالث؟

اليوم يبدأ فعلياً اسبوع حاسم على صعيد الاحداث الكبرى، ذكرى 4 آب، تشكيل الحكومة، وعودة التحرك الى الشارع. فبعد غد تحل الذكرى الاولى لجريمة العصر بانفجار المرفأ الذي اودى بحياة ما يزيد على المئتي قتيل وستة الالف وخمسماية جريح، وتدمير الاف المنازل وتشريد اهلها، وصنفها المجتمع الدولي بانها اكبر ثالث تفجير في العالم. الاستعدادات للاحتفال بالذكرى المؤلمة كثيرة، وتترافق مع قرار اهالي الضحايا وثوار 17 تشرين بالعودة الى الشارع، بعدما فشلت المنظومة السياسية في نظر اللبنانيين والمجتمع العربي والدولي في اخراج لبنان من جهنم التي اوقعوه فيها. وخير دليل على ذلك قرار الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة والذي اتخذ بالاجماع، فرض عقوبات على من يعرقل المسار الديمقراطي في لبنان. فالحكومة لا تشكل، والقضاء ليس قادراً على اكمال مهمته مع تدخل المنظومة السياسية، التي هي حاضرة ابداً لمنع تنفيذ القوانين، اذا لم تتلاءم مع مصالحها. فهل تتجدد ثورة 17 تشرين وتبقى في الشارع هذه المرة الى ان يحدث التغيير؟
يقول البعض ان التحرك الذي شهدته البلاد منذ 17 تشرين وحتى اليوم، قوبل بالقمع والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي واحياناً بالرصاص الحي، فكيف يمكن ان يستمر؟ الجواب بسيط ان الوصول الى الاهداف الكبيرة يتطلب تضحيات اكبر، ولو نظرنا الى ما جرى في بعض الدول العربية والشرق اوسطية لوجدنا ان الشعوب دفعت اثماناً باهظة في سبيل الخروج من الظلم، وسقط قتلى وجرحى. فطريق التغيير صعبة ومعقدة ومليئة بالمطبات ولكن يجب المكافحة من اجل تجاوزها والوصول الى الهدف.
في هذا الاسبوع وابتداء من اليوم يبدأ العمل الجدي لتشكيل حكومة جديدة. لقد انتهى اسبوع العسل الذي ساد بعد التكليف، واليوم يبدأ التأليف فيعرض توزيع الحقائب على الطوائف، وتطرح الاسماء التي تتمتع بالخبرات اللازمة لتولي هذه الحقائب، وهنا تظهر الخلافات التي رافقت تكليف مصطفى اديب وسعد الحريري، وهي لا زالت هي عينها، فهل نحن سائرون الى الاعتذار الثالث، ام ان بعد كل ما جرى سيعمل المعنيون على تجاوز خلافاتهم والاتفاق على حكومة تنقذ الوضع وتلبي رغبات اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي؟ لقد ابعد لبنان كثيراً عن عمقه العربي ويجب ان يعود الى لعب دوره في المجموعة العربية والدولية. ثم ان ما جرى في خلده امس، وقد اطلت الفتنة بكل شرورها، يدفع المسؤولين الى تحمل مسؤولياتهم والعمل اليوم قبل الغد على تشكيل الحكومة. فالوضع الامني بدأ يتدهور وهذا خطير جداً.
ورغم التفاؤل الذي يبديه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والذي قد يكون من باب التهدئة ليس اكثر، فان تشكيل الحكومة يبدو انه حلم بعيد المنال لان العقد التي اعترضت تكليف الحريري وقبله اديب لا تزال هي عينها، ولا يبدو ان احداً من المسؤولين يريد التنازل والتراجع عن موقفه من اجل لبنان واللبنانيين، الذين كفروا بكل شيء بعد هذا الجحيم الذي يعيشونه. فالدولار لعبة اقتصادية سياسية تتراقص اسعاره وفق اهواء البعض ومصالحهم، وتنعكس على اسعار السلع الغذائية، فتصعّب الحياة على اكثرية الشعب اللبناني الساحقة.
ان من يتخذ قراراً بالعمل في الشؤون العامة، عليه ان يدرك ان من اول واجباته التضحية من اجل المواطنين الذين ارتضى ان يتولى المسؤولية باسمهم، وان يرسم لهم طريق الحلول للازمات التي تعترضهم. فهل يعمد احد من المسؤولين الى تحمل هذه المسؤولية، ويلقي بمصالحه الخاصة جانباً، ويلتفت الى مصلحة الشعب؟ الامر فيه كثير من التضحيات ولكن هذه هي مهمة المسؤول؟ فهل من يستجيب؟
ان محاولة تشكيل الحكومة وهي الثالثة في اقل من سنة، في حال فشل المعنيون في انجازها، فان ذلك يعني اننا سنبقى بلا حكومة الى اخر العهد، لان احداً لا يريد التراجع عن شروطه لتسهيل طريق التأليف فهل يحتمل البلد ان يبقى بلا حكومة تدير شؤونه وشؤون المواطنين كل هذه المدة؟ وفي ظل هذه الظروف القاتلة؟
ان العالم كله مهتم بنا من المجتمع العربي الى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وحدهم المسؤولون اللبنانيون لا يبالون ويتصرفون وكأن الامور لا تعنيهم فالى متى هذا الانهيار؟
باسم اللبنانيين نوجه النداء الاخير الى الحراك الشعبي واهالي ضحايا انفجار المرفأ والى كل المواطنين دون استثناء: انزلوا الى الشارع ولا تخرجوا منه حتى يتحقق التغيير وتشكل حكومة ترعى شؤونكم. فالتحرك لفترة ساعات والعودة الى المنازل اثبت عقمه ولا يمكن ان يؤدي الى نتيجة. فاختاروا الطريق الطويل طريق التضحية طالما ان السياسيين لا يضحون. العيون شاخصة الى الحراك المدني الذي يعلق عليه الداخل والخارج الآمال، فهل يكون فاعلاً هذه المرة ويكمل تحركه، ام انها همروجة وسرعان ما تنطفىء. اننا منتظرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق