سياسة لبنانيةلبنانيات

التفاؤل والتشاؤم جنباً الى جنب في تشكيل الحكومة فلمن تكون الغلبة؟

العمل على تشكيل حكومة جديدة يسير بسرعة قياسية. ويبدو ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ادرك ان الوقت داهم ولا يحتمل المماطلة والمماحكة، فاسرع الى اجراء استشارات غير ملزمة، استمزج خلالها رأي الكتل النيابية في شكل الحكومة الجديدة. ثم قصد بعد ذلك بعبدا واجتمع الى رئيس الجمهورية الذي ايد الاسراع في التشكيل.
وحمل الرئيس ميقاتي معه افكاراً وتصورات حول شكل الحكومة التي اصبح واضحاً انها ستكون من 24 وزيراً. الامر الذي جعل الرئيسين يتابعان اجتماعاتهما اليوم وغداً وبعده للوصول الى صيغة مقبولة من الجميع، وخصوصاً من المجتمع الدولي الذي على اساسها سيمد يد العون الى لبنان.
النواب طالبوا كلهم بالسرعة في التأليف وصرحوا بأنهم لا يطلبون شيئاً، وطبعاً هذا من باب الظهور بمظهر يجافي الحقيقة الا انهم في الواقع يطالبون كلهم بحصص وبما يخدم مصالحهم. ويبدو ان الرئيسين عون وميقاتي يؤيدان السرعة في الوصول الى صيغة ترضي الجميع. وعلم ان هناك قراراً بتوزير اشخاص من المجتمع المدني، يتمتعون بالكفاءة والخبرة، بهدف تهدئة الاجواء وتخفيف النقمة الشعبية. وقد وصلت انباء مقلقة للمسؤولين عما يمكن ان يحدث في 4 آب الذكرى الاولى لانفجار المرفأ. وحده تأليف الحكومة يمكن ان يخفف هذه النقمة العارمة والا فان المؤشرات توحي بالانفجار الكبير.
الاعلام اشاع جواً من التفاؤل، حتى ظن الناس ان الحكومة ستولد اليوم، وان العراقيل التي كانت تعترض الرئيس سعد الحريري، زالت مع الرئيس ميقاتي. الا ان الحقيقة ربما ليست بهذه السهولة. فمواقف بعبدا لا تزال قائمة. وكذلك فان الرئيس ميقاتي مزود بمطالب وشروط نادي رؤساء الحكومات السابقين، وهي عينها الشروط التي طلبها الرئيس الحريري. فهل ان ما كان ممنوعاً على الحريري اصبح مسموحاً مع ميقاتي؟ الجواب صعب بانتظار ان تتبلور الصورة اكثر. بالطبع ان الضغوط الداخلية المتمثلة خصوصاً في ما يمكن ان يحدث في 4 اب، وحياة جهنم التي يعيشها المواطنون وكلها تنبىء بالانفجار، وكذلك ضغوط الخارج وقد طالبت وزارة الخارجية الاميركية امس المسؤولين اللبنانيين بالاسراع في تشكيل الحكومة. واصدار مراسيمها. ان كل هذه الضغوط لا بد ان تطوق العرقلة التي يمكن ان تظهر من هنا وهناك. وقد بات المجتمعان الداخلي والخارجي يعرفان جيداً المعرقلين. ولكن هل ان من اعتاد على التدخل في كل امر، ومحاربة ما لا يخدم مصالحه، يمكن ان ينأى بنفسه عن هذا الحدث؟ الايام ستـظهر الحقيقة وتعطي الجواب.
من هنا يجب عدم الاستعجال في التفاؤل، بل ان العجلة مطلوبة في التشكيل، فان سارت الامور بصورة طبيعية وتجاوزت المطبات يكون لنا حكومة قبل 4 اب، والا فان الاعتذار، والانفجار على الابواب ويسابقان المراسيم. مع العلم ان ميقاتي اقدم على هذه المغامرة بموجب تسوية شارك فيها الداخل والخارج، وضرب هذه التسوية ستعود بالضرر الكبير على من ينسفها. لذلك فان التفاؤل والتشاؤم بقرب ولادة الحكومة يسيران جنباً الى جنب وبالتساوي. فلمن تكون الغلبة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق