السلطة تزرع الانشقاق بين القوى الامنية والشعب وتشيح بنظرها عن الحلول
تمنعون التعدي على حقوق الغير وانتم تتعدون على الناس بحرمانهم من حكومة هي حق لهم
من يتابع تصرف السلطة في لبنان لا يمكنه ان يصدق ان ما يجري من صنع رجال مسؤولين، اختارهم الشعب لحمايته وحماية حقوقه. فما ان اعلنت وزارة الطاقة عن جدول الاسعار الجديد للمحروقات، حتى طارت الاسعار صعوداً فشملت كل السلع وخصوصاً المواد الغذائية، بارقام غير معقولة ولا تتناسب مع دخل اللبنانيين الذين اصبح نصفهم على الاقل بلا دخل وبلا عمل وفقدوا القدرة على تحصيل ما يساعدهم على البقاء على قيد الحياة هم وعيالهم. وجاءت الضربة التي لا تقل ايلاماً عن الضربة الاولى فاعلن ان الزيادة التي طرأت على اسعار المحروقات غير كافية، وقد اتخذت على عجل، وانه يجب ان يضاف على كل بند من التسعيرة مبلغ لا يقل عن عشرة الاف ليرة وفوق، فعاد عمال السوبرماركات يرفعون الاسعار مجدداً حتى فاقت كل خيال ووقف المواطنون عاجزين عن ان يصدقوا.
حيال هذا الوضع الكارثي ماذا فعلت السلطة؟ انها بدل ان تسارع الى تشكيل حكومة انقاذ بعيداً عن السياسيين وعن الصلاحيات والمحاصصات والمعايير وغيرها من التعابير التي مجها اللبناني، عمدت الى اتخاذ اجراءات لقمع المحتجين والمنتفضين وكأنها تقول لهم موتوا جوعاً وذلاً وقهراً دون ان يسمع لكم صوت.
وامعاناً في قهر الناس وضربهم عمدت السلطة الى وضع مشروع قانون يعطي الجهاز الامني بكل فروعه من جيش وقوى امن وامن عام وامن دولة وجمارك زيادة غلاء معيشة واستثنت المدنيين من الزيادة. نحن نرحب باي زيادة للقوى الامنية لتبقى صامدة وهي الفئة المهدورة حقوقها اكثر من غيرها ولكن السلطة تتصرف وكأنها تزرع الفتنة والشقاق بين القوى الامنية والمواطنين، وكأنها تكافىء القوى الامنية على قمع الاحتجاجات وتحرضهم على اهلهم من المدنيين. وانعقد مجلس الدفاع الاعلى لبحث الوضع الامني واتخذ قرارات تصب كلها في كم افواه الناس ومنعهم من الاحتجاج والشكوى، وهذا عمل اقل ما يقال فيه انه ينطبق على ما جاء في بيان كتلة التنمية والتحرير النيابية التي انعقدت برئاسة الرئيس بري وجاء فيه ان تصرف السلطة جريمة ضد الانسانية لانها تقتل شعباً ووطناً.
نعم ان المسؤولين يرتكبون الجرائم بحق الناس الذين بات يتوجب عليهم اللجوء الى المحاكم الدولية والى الامم المتحدة لحفظ حقوقهم. حتى كم الافواه في لبنان بلد الحريات اصبح جريمة ويجب المعاقبة عليها. فنحن دولة ديمقراطية منذ ان نشأ لبنان الكبير فلماذا يريدون تغيير هويته؟ ولماذا يحولونه الى دولة ديكتاتورية قمعية؟
ان الوضع الكارثي الذي وصلنا اليه بات اكثر من اي يوم مضى يحتم اللجوء بجدية الى الامم المتحدة التي هي في الاساس وجدت لحماية حقوق الشعوب، والطلب اليها التدخل فوراً لوضع المسؤولين عند حدهم ومنعهم من قتل شعب باسره تنفيذاً لغاياتهم وحماية لمصالحهم ومكاسبهم فهل من يتحرك سريعاً من اصحاب الكلمة المسموعة في هذا المسار؟
يقول رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ان الاعتراض مسموح والاعتداء على حقوق الغير ممنوع. كلام جيد لا غبار عليه ولكن الا يعتقد ان السلطة في لبنان تعترض وتعتدي في الوقت عينه. فهي تعترض على تشكيل حكومة، وتعتدي على حقوق الناس بعدم تشكيل حكومة لهم ترعى شؤونهم وتعالج قضاياهم. فلماذا يجيز دولته لنفسه وللسلطة ما يحرّمه على الغير؟
كفوا عن الاعتداء على حقوق المواطنين وشكلوا حكومة تتولى امورهم، فلا يعود هناك لا اعتراض ولا اعتداء. حاسبوا انفسكم فتصطلح الامور كلها. ولا تحملوا الناس ما انتم مسؤولون عنه.