سياسة لبنانيةلبنانيات

ما جدية الكلام عن حكومة يدخلها المجتمع المدني… والفوضى الى اين؟

لأن اللبناني بات يتمسك باي خبر او شائعة تحمل له اشارة ولو صغيرة عن احتمال انقاذه من هذه الهوة التي رماه فيها السياسيون، انشغل في اليومين الماضيين بالانباء التي تحدثت عن احتمال تشكيل حكومة من اربع ستات يكون للمجتمع المدني حصة فيها من ستة وزراء. العرض مغر ويبعث على الامل ولكن هل نصدق ان الخبر صحيح، وان الحكومة التي تحولت الى حلم مستحيل التحقيق، هي حقاً واقع وستبصر النور؟
كلا لم تكن سوى بالون اختبار. وان الحريري سيعود بحكومة 3 ثمانيات ولكن باسماء جدد. هل صحيح ان المسؤولين تخلوا عن محاصصاتهم وانهم سيقبلون بمثل هكذا حكومة؟ نحن من جهتنا لا نصدق، ولا نزال نعتبر ان التسريبات هي من نسج الخيال. صحيح ان الحريري سيقدم حكومة جديدة، ولكننا نعلم ايضاً انها سترفض فوراً وسنبقى نراوح مكاننا.
المواطنون بالطبع لم يحملوا القضية على محمل الجد، فقد اعتادوا على الطبقة السياسية تتحفهم بابر مخدرة من باب امتصاص النقمة وتهدئة النفوس الثائرة. لذلك واصلوا تحركهم في جميع المناطق اللبنانية واقدموا على قطع عدد من الطرقات في نهار طويل شهد الكر والفر بين القوى الامنية التي تعمل على فتح السير امام المواطنين والمحتجين الذين اكدوا انهم مستمرون في احتجاجاتهم، لان الجوع طرق ابوابهم وهدد اطفالهم، والمسؤولون يعيشون في عالم اخر لا تصدر عنهم خطوة واحدة جدية تنبىء بالحل.
وساعد على زيادة الوضع الاسود اسوداداً قرار وزارة الطاقة باقفال الشركات المستوردة للمحروقات ووقف التوزيع حتى يوم الاربعاء، فقطعت السيارات في الطرقات، بعد ان فرغت خزاناتها وتصاعدت النقمة حتى بلغت حداً يوحي بالفوضى والعنف. ويخشى ان تفلت الامور ويصعب على القوى الامنية ضبطها.
هذا الانهيار الحاصل وبوادر الفوضى التي بدأت تلوح في الافق حركت المعنيين بالشؤون العمالية والنقابية كما تحرك الاتحاد العمالي العام الذي قال رئيسه بشاره الاسمر الذي زار رئيس حكومة تصريف الاعمال وابدى تخوفه من نتائج زيادة اسعار السلع الغذائية والحياتية، فضلاً عن انقطاع الدواء وارتفاع اسعار ما لا يزال موجوداً منها، وطالب باجماع لجنة المؤشر لتصحيح الاجور. ولكن عن اي اجور يتكلمون، هل الدولة التي افرغ السياسيون خزينتها بالكامل قادرة على زيادة اجور الموظفين والعمال في الادارات الرسمية، خصوصاً في ظل حشر المحاسيب والازلام في هذه الادارات وهناك خمسة الاف وظفوا خلافاً للقوانين ولم يحرك المسؤولون ساكناً لاعادتهم الى منازلهم، وهم يكلفون الدولة ملايين الدولارات. ثم ان الشركات والمصالح الخاصة التي تعاني من الركود القاتل في ظل اقتصاد جامد لا بل يتراجع الى الوراء، قادرة على زيادة اجور موظفيها، ونرى في كل يوم شركات ومؤسسات تصرف العاملين لديها حتى المصارف صرفت موظفيها بالمئات لا بل بالالاف. فهل ان المطالبة برفع الاجور مباح في مثل هذه الاوضاع؟
مهما قيل، ومهما كثرت المطالبات يبقى الحل في ايدي المنظومة السياسية فان شكلت حكومة قادرة تنتهي المأساة ويعود الاقتصاد الى الانتعاش، وان حققت الحكومة الاصلاحات المطلوبة، تنقذ الوطن والشعب معاً. فهل يتخلى المسؤولون عن تصلبهم ويلتفتوا الى الشعب وما الت اليه سياستهم المدمرة ام ان الوضع سيبقى على حاله ويستمر في الانحدار الى قعر الهاوية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق