سياسة لبنانيةلبنانيات

بوريل: حذر وهدد بعقوبات وكما حط طار

«ازمة لبنان سببها التناحر على السلطة»

كما حط طار… بهذه الكلمات يمكن وصف الزيارة التي قام بها الى لبنان، مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزف بوريل. جاء بمهمة محددة نقل خلالها رسائل الى المسؤولين منبهاً اياهم الى الوضع الخطير الذي وصل اليه لبنان وشعبه، وهم لا يبالون، يقفون متفرجين على الانهيار. لم يكن مستمعاً في جولته، بل صارح الكل بما جاء من اجله محذراً ومتوعداً بعقوبات تطاول الطبقة السياسية المتحكمة وان بنسب مختلفة كما قال. والدليل على عدم اخذه بكلام المسؤولين انه في تصريحاته قال عكس ما قالوا هم مؤكداً ان الازمة سببها ليس خارجياً كما يحاول السياسيون نبرئة انفسهم، بل انها من صنع وطني وهي نتيجة سوء ادارة ليس الا.
ربما كان بوريل يعلم ان زيارته لن تؤدي الى اي نتيجة. لقد سبق للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان زار لبنان وحصل على تعهد من الجميع بالسير بالمبادرة الفرنسية التي طرحها ولكنه لما عاد الى بلاده، عاد السياسيون الى سيرتهم الاولى، وعادوا يختلفون على المكاسب والمصالح الشخصية وبرزت المحاصصة بكل وجوهها، فتعطل تشكيل الحكومة وهي الحل الوحيد للخروج من الازمة. ماذا سيحدث اليوم وقد عاد بوريل الى الاتحاد بنتائج مخيبة؟ لننتظر ونر ونأمل ان يكون الاتحاد جدياً في معاقبة المعطلين اياً كانوا عسى ذلك ينقذ الشعب والبلاد.
وما ان غادر بوريل حتى قبل ذلك انبرت الاطراف المعنية تدافع عن نفسها وكل طرف يلقي اللوم على الاخر ويتهمه بالتعطيل. وقد غاب عن بالهم ان الداخل والخارج باتا يعرفان الحقائق كلها، ويدلون بالاصابع على المعطلين. الذين لم يعد بامكانهم الاستخفاف بعقول الناس وتحوير الحقائق والوقائع. فالجميع يعلمون من المسؤول عن الحالة التي وصلنا اليها، ولكنهم عاجزون عن القيام باي خطوة تؤدي الى الحل، لذلك فانهم يتمسكون بنداء البطريرك بشارة الراعي المطالب بالحياد وبمؤتمر دولي ينقذ البلاد. فالامم المتحدة هي المسؤولة عن حياة الشعوب ولا يمكنها التنكر للبنان العضو المؤسس في المنظمة الدولية.
لم يتأخر البطريرك الراعي في الرد على الجميع فكشف في عظة الاحد عن البعد الشاسع بين الجماعة السياسية والمواطنين. «الشعب يبحث عن مصيره والجماعة تبحث عن مصالحها. الشعب يطالبها بالخبز والدواء وهي تختلق بدعة الصلاحيات. الشباب يبحثون عن مستقبلهم في وطنهم والجماعة تبحث عن مستقبل مغانمها وبقائها في السلطة. يعطل المسؤولون تشكيل الحكومة بسبب الصلاحيات على ما يقولون. ونسأل عن اي صلاحيات يتكلمون، هل تريدون اطعام الشعب بالصلاحيات؟ وتوفير الدواء بالصلاحيات؟ ورد اموال المودعين بالصلاحيات؟ ووقف الهجرة بالصلاحيات؟ وتأمين المحروقات بالصلاحيات؟ وايجاد فرص عمل بالصلاحيات؟ تتحدثون عن صلاحيات وحقوق وجميعكم تتصرفون خارج الدستور وخارج الصلاحيات. تتصرفون كأنكم في حفل تسليم البلاد الى الفوضى. والدولة الى اللا دولة والسلطة الى اللا سلطة. نحن لا نشكو من قلة الصلاحيات بل من قلة المسؤولية».
ودعا البطريرك الراعي المقيمين والمغتربين الى حشد كل الطاقات لدعم الجيش وهو الضامن الوحيد للوحدة الوطنية والسلم الاهلي.
اسبوع حافل بالسياسة غاب عنه السياسيون لانهم ليسوا سياسيين ولا مؤهلين لحمل المسؤولية. فلننتظر الفرج يأتينا من الخارج الاحرص على مصلحتنا من الذين يسمون انفسهم مسؤولين عنا. فعسى نصل يوماً الى بر الامان.

التناحر على السلطة

وقال بوريل يوم الأحد إن جوهر الأزمة الحكومية في لبنان ينبع من تناحر الزعماء اللبنانيين على السلطة، وحثهم على تنحية خلافاتهم جانبا وتشكيل حكومة أو المخاطرة بانهيار مالي كامل والتعرض لعقوبات.
وأضاف بوريل في تصريحات بعد محادثات مع الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري إنه وجه رسالة صريحة مفادها أن بعض الزعماء قد يواجهون عقوبات إذا استمروا في عرقلة الخطوات الرامية لتشكيل حكومة جديدة وتنفيذ إصلاحات تمس الحاجة إليها.
وقال «البلد يواجه مشكلات مالية كبيرة ومن أجل حل الأزمة الاقتصادية يحتاجون إلى حكومة.. أي سفينة في خضم العاصفة بحاجة إلى قبطان وإلى طاقم حتى يعمل النظام وإلا سيكون مصيرها الغرق».
وقال لمجموعة من الصحفيين قبل مغادرة بيروت «من الواضح أنه تشاحن من أجل توزيع السلطة. لا بد أن أقول إن هناك أيضاً حالة كبيرة من انعدام الثقة».
وأوضح بوريل أن لبنان بحاجة إلى حكومة تتمتع بقدرات فنية وسلطة حقيقية لتجنب ما حدث من إخفاق لحكومة حسان دياب المنتهية ولايتها والتي قال إنها قدمت خطة إصلاح مالي سليمة لكن الساسة وضعوا العراقيل أمامها.
وفقدت العملة اللبنانية، الليرة، 90 في المئة من قيمتها. ويعاني أكثر من نصف السكان تقريباً من الفقر في ظل التضخم الهائل وانقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود والغذاء.
وتفاقمت الأزمة بسبب الجمود السياسي حيث يدور خلاف بين الحريري وعون منذ أشهر حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال بوريل إن المساعدات الخارجية لن تتدفق بدون حكومة تعمل مع صندوق النقد الدولي وتنفذ إصلاحات لمعالجة الفساد وسوء إدارة الأموال. لكنه أضاف أن القادة الذين التقى بهم كانوا متشائمين بشأن إحراز تقدم.
وقال إن عدم اتخاذ إجراء سيؤدي إلى انخفاض الاحتياطيات الأجنبية وجعل البلاد بدون عملات أجنبية لدفع ثمن السلع الأساسية أو مواجهة نقص الإمدادات بالمستشفيات.
وأضاف أن محادثاته سلطت الضوء على الانقسامات العميقة بين الطوائف اللبنانية سواء مسيحية أو سنية أو شيعية أو درزية، والطريقة التي يتم بها تقاسم السلطة. وقال «هذا البلد لديه مشكلة واضحة في نظام الحكم الخاص به».
وهددت بعض دول الاتحاد الأوروبي، بقيادة فرنسا، بفرض عقوبات في محاولة منها لدفع الساسة إلى إنهاء الجمود.
وأظهرت مذكرة دبلوماسية للاتحاد الأوروبي اطلعت عليها رويترز أن معايير فرض العقوبات ستكون على الأرجح الفساد وعرقلة جهود تشكيل الحكومة وسوء الإدارة المالية وانتهاكات حقوق الإنسان.
ولم يقرر التكتل بعد النهج الذي سيتخذه. وتقول باريس إنها فرضت قيوداً على دخول بعض المسؤولين اللبنانيين الذين ترى أنهم يعرقلون جهود معالجة الأزمة، دون أن تذكرهم بالاسم.
وقال بوريل الذي يقدم تقاريره لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين «العقوبات هي احتمالية سيتم النظر فيها ونود بشدة عدم استخدامها. لكن لا يمكننا البقاء على هذا النحو».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق