الاقتصادمفكرة الأسبوع

الاحتياطات الاجنبية درع الاستقرار والازدهار

تشكل الاحتياطات الاجنبية في اي دولة من دول العالم الدرع الواقية من الصدمات وغدرات الزمان، كما تشكل الحماية الفعلية للعملة الوطنية، فضلاً عن انها الجاذبة للاستثمار وعصب النمو والازدهار الاقتصادي، فكيف تتوزع خريطة هذه الاحتياطات في العالم العربي وفي الخارج؟

اوردت التقارير الدولية المستندة الى الارقام الرسمية في الدول المعنية حول الاحتياطات الاجنبية اسم دولة عربية واحدة بين الدول العشر التي تملك اكبر احتياطات اجنبية، والدولة العربية الوحيدة هي المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة الثالثة بين الدول العشر بعد الصين واليابان.

مجموعة الدول العشر
واشارت ورقة قدمها مدير قسم تمويل الاسواق في وزارة المال اليابانية ساتوشي دوتشي الى مؤتمر مالي عقد في لندن اخيراً الى ان الصين احتلت المرتبة الاولى في امتلاك احتياطات اجنبية بلغت بحسب احصاءات صندوق النقد الدولي 3،35 تريليونات دولار. واحتلت اليابان المرتبة الثانية بحجم احتياطات اجنبية بلغت 1،192 تريليون دولار في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي. واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة باحتياطات اجنبية بلغت بحسب احصاءات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، 683،2 مليار دولار. واحتلت روسيا المرتبة الرابعة باحتياطات قدرها 471،904 مليون دولار، تلتها سويسرا في المرتبة الخامسة باحتياطات بلغت 460،49 مليار دولار، فتايوان باحتياطات بلغت 383 مليار دولار، ثم البرازيل باحتياطات بلغت 462،403 مليار دولار، فهونغ كونغ والهند.

احتياطات الخليج
وبالانتقال الى الاحتياطات الخليجية، يحدد تقرير صادر عن شركة الكويت والشرق الاوسط (كيمنيك) الاحتياطات الاجنبية لدول مجلس التعاون في نهاية العام 2012 بنحو 794،1 مليار دولار، شكلت الاحتياطات السعودية القسم الاكبر منها (638،2 مليار دولار كما اسلفنا بحسب الارقام الصادرة في نهاية كانون الاول (ديسمبر) من العام 2012، بينما بلغت احتياطات الكويت 49،5 مليار دولار في التاريخ نفسه، وبلغت احتياطات الامارات العربية المتحدة 34،7 مليار دولار بحسب المتوسط السنوي في التقرير ويلاحظ في هذا المضمار ان البنك المركزي الاماراتي لم ينشر احتياطاته الاجنبية في كانون الاول (ديسمبر) من العام 2012، عاى حد ما جاء في التقرير نفسه. وبعد الامارات جاءت سلطنة عمان التي بلغت احتياطاتها الاجنبية نحو 16 مليار دولار، فقطر التي بلغت احتياطاتها الاجنبية 12،2 مليار دولار في المتوسط خلال العام المنصرم، ثم البحرين التي بلغت احتياطاتها نحو 4،4 مليارات دولار.
والحقيقة ان هذه الاحتياطات الاجنبية لا تمثل الحجم الحقيقي لموجودات بعض دول الخليج التي تملك صناديق استثمارية ضخمة كالامارات وقطر والكويت، تستثمر فيها اصولاً كبيرة.
واستناداً الى احدث احصاءات صدرت خلال الشهر الماضي، فان موجودات الصناديق السيادية في دول التعاون تقدر بنحو 1،7 تريليون دولار، واضخم هذه الصناديق جهاز ابو ظبي للاستثمار الذي ناهزت موجوداته 800 مليار دولار، وجهاز قطر للاستثمار الذي تفوق اصوله 100 مليار دولار، ومكتب الاستثمار الكويتي، والصندوق السيادي في سلطنة عمان.

الترتيب الذهبي
ويختلف ترتيب الدول في مجال الاحتياطات الذهبية عن ترتيب الاحتياطات الاجنبية. فاستناداً الى الاحصاءات الاخيرة الصادرة عن مجلس الذهب العالمي الذي يتخذ من لندن مقراً له، فان الولايات المتحدة الاميركية ما زالت تحتل المرتبة الاولى بين الدول التي تملك احتياطات من الذهب بلغت 8133 طناً تقدر قيمتها بنحو 361،8 مليار دولار، تليها المانيا باحتياطات ذهبية تبلغ 3402 طن تقدر قيمتها بنحو 151،7 مليار دولار. ويحتل صندوق النقد الدولي المرتبة الثالثة في هذا المجال، اذ يملك 2827،2 طناً تقدر قيمتها بنحو 125،7 مليار دولار. واحتلت ايطاليا المرتبة الرابعة باحتياطات ذهبية بلغت 2451،8 طناً تقدر قيمتها بنحو 109 مليارات دولار، تليها فرنسا باحتياطات ذهبية حجمها 2435،4 طناً تقدر قيمتها بنحو 108،3 مليارات دولار، ثم الصين باحتياطات تبلغ 1054،1 طناً تقدر قيمتها بنحو 46،9 مليار دولار، وتجدر الاشارة هنا الى ان روسيا كانت اكبر المشترين للاصفر الرنان خلال الاعوام الماضية، ما زاد من رصيدها اكثر من 700 طن.

وظائف الاحتياطات
تشكل كل هذه الاحتياطات الاجنبية والذهبية عنصر قوة ومنعة للدول التي تملكها. وفي هذا المجال يقول اقتصادي ياباني بارز شارك في احد المؤتمرات المالية التي عقدت في العاصمة البريطانية، ان الاحتياطات الاجنبية ذات اهمية قصوى للدول، وهي مقياس رئيسي لقدرة الدولة على تغطية الواردات. ويضيف: «ومن فوائد الاحتفاظ بحجم احتياطات اجنبية كبيرة تعزيز الثقة في السياسة النقدية للدولة مالكة هذه الاحتياطات. كما يعزز الثقة بسعر صرف العملة الوطنية. ومن شأن هذه الاحتياطات الضخمة ان تدعم موقف البنوك المركزية في الدول التي تملك تلك الاحتياطات على صعيد التدخل بكفاءة في سوق الصرف ومقاومة اي ضغوط خارجية على عملة البلد المحلية، وهو الامر الذي يؤمن  ثبات هذه العملة واستقرار قوتها الشرائية، وهو ما يخلق مناخاً اقتصادياً مستقراً وجاذباً للاستثمارات الاجنبية وانعاش الحركة الاقتصادية في البلد المعني.
وفي حال حدوث اي ازمة مالية، يستطع البنك المركزي الذي يملك الاحتياطات الاجنبية ان يتدخل بشكل بناء لاحداث الاستقرار في النظام المالي، والاستقرار المطلوب في سعر الصرف، كما حدث مع البنوك المركزية مالكة الاحتياطات الاجنبية الكبيرة خلال الازمة المالية في العام 2007.
ولا شك في ان قوة الاحتياطات الاجنبية تتخطى كل هذه الوظائف والاهداف لتدعم في الوقت نفسه انتعاش سوق الاسهم، وهذا ما يؤكد حتمية الربط بين ازدهار هذه السوق وقوة تلك الاحتياطات.

انخفاض الاحتياطات المصرية خفض تصنيفها
تواصل وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني خفض التصنيفات المصرية. فبعد شهر نيف من خفض التصنيف الائتماني للبلاد الى “B2“ ها هي تخفض الآن تصنيف السندات المصرية الى مستوى “B3“.
وعزت الوكالة اسباب التخفيض الى عدم الاستقرار السياسي في البلاد وما تبعه من اعلان حالة طوارىء، الى جانب ضعف مصر حيال المدفوعات الخارجية، وهو ضعف نجم بصورة رئيسية عن تراجع الاحتياطات النقدية الاجنبية في كانون الثاني (يناير) الماضي الى 13،6 مليار دولار، الى جانب استمرار حالة الارتباك المحيطة بقدرة الحكومة على الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي، وهذا من شأنه ان يفاقم الازمة الاقتصادية، ويزيد من حراجة الظروف الاجتماعية التي تشجع على الاضطرابات والاحتجاجات وحتى على الاضطراب الامني الذي يتجلى باوضح صوره في الاشتباكات التي تدور، اجمالاً بين مجموعات المتظاهرين وقوى الامن، وربما كان احد ابرز الاسباب لاعلان حالة الطوارىء التي شملت ثلاث مدن مصرية على طول قناة السويس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق