دولياترئيسي

جهاديون يهاجمون مركزاً إغاثياً للأمم المتحدة في نيجيريا ويحاصرون 25 موظفاً

إطلاق سراح 279 تلميذة خطفن من مدرستهن الداخلية

شنّ مسلّحون جهاديون الإثنين هجوماً على مركز إغاثي تابع للأمم المتحدة في مدينة ديكوا في شمال شرق نيجيريا وحاصروا ملجأ احتمى فيه 25 موظفاً إغاثياً، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وإغاثية.
وقال مصدر عسكري لوكالة فرانس برس طالباً عدم نشر اسمه إنّ عشرات المسلّحين من تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا اجتاحوا مدينة ديكوا واقتحموا قاعدة عسكرية بعد أن فرّ العسكريون منها وأضرموا النار في مركز إغاثي تابع للأمم المتّحدة مما أدّى لاحتراقه بالكامل.
وأضاف أنّ «إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا شنّوا هجومين متزامنين على كلّ من المعسكر الكبير (قاعدة عسكرية) والمركز الإنساني التابع للأمم المتحدة».
من جهته قال مصدر إغاثي طالباً بدوره عدم نشر اسمه إنّ «المسلّحين أحرقوا المركز الإنساني بالكامل لكن لم يُصب أيّ موظف حتى الآن».
وأضاف «لدينا 25 موظفاً يحتمون في الملجأ المحاصر من قبل المسلّحين».

إسناد جوي

ووفقاً للمصدر العسكري فإنّ الجيش أرسل تعزيزات من بلدة مارتي الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً للمساعدة في فكّ الحصار عن موظفي الإغاثة.
وقال إنّ «طائرتين مقاتلتين وطائرة هليكوبتر حربية تقدّم إسناداً جوياً لإبعاد الإرهابيين عن المركز الإنساني المحترق».
ويأتي هذا الهجوم بعد ثلاث سنوات بالضبط من هجوم شنّه في 1 آذار (مارس) 2018 مسلّحون من تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا على مركز إنساني تابع للأمم المتحدة في مدينة ران (شمال شرق)، مما أسفر عن مقتل ثلاثة موظفين إغاثيين واختطاف رابع فضلاً عن مقتل ثمانية عسكريين نيجيريين.
ويعاني شمال شرق نيجيريا من أعمال عنف جهادية منذ أن شنّت جماعة بوكو حرام الإسلامية المتطرفة تمرّداً مسلّحاً في 2009.
وفي 2016 انشقّ تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا عن بوكو حرام وأصبح يمثّل أكبر تهديد جهادي في نيجيريا.
وأسفر الصراع منذ اندلاعه في 2009 عن مقتل أكثر من 36 ألف شخص وتهجير مليونين آخرين.
والجمعة هاجم مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا على متن شاحنات مزوّدة بمدافع رشاشة مدينة ديكوا مما أدّى إلى فرار سكّانها.
وتقع المدينة على بُعد 90 كيلومتراً من مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، ويقيم فيها أكثر من 130 ألف شخص، من بينهم 75 ألف نازح فرّوا من أنحاء أخرى من المنطقة ويعيشون في مخيّمات ويعتمدون على مساعدات غذائية تقدّمها منظّمات إنسانية.

كرّ وفرّ

وفي 15 شباط (فبراير)، استولى مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا على مارتي، المدينة الاستراتيجية التي انطلقت منها مساء الإثنين التعزيزات العسكرية التي أرسلت إلى ديكوا. واستعاد الجيش السيطرة على المدينة بعد أسبوع.
وفي الأسبوع نفسه، شنّ التنظيم الجهادي الآخر «بوكو حرام» هجوماً بقذائف الهاون على مايدوغوري مما أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 16 شخصاً وإصابة العشرات بجروح.
ومنذ نهاية 2020 كثّف التنظيمان الجهاديان هجماتهما في المنطقة، مما دفع بالرئيس محمد بخاري الذي يواجه انتقادات حادّة بسبب طريقة إدارته للوضع الأمني في البلاد إلى إقالة قادة الجيش الرئيسيين الأربعة وتعيين بدلاء عنهم في نهاية كانون الثاني (يناير).
وبخاري، الجنرال السابق، تعهّد عند انتخابه رئيساً في 2015 سحق التمرّد الجهادي في شمال شرق البلاد، لكنّ قواته المسلحة تعاني في حربها ضدّ الجهاديين.
وبعد ستّ سنوات من وصول بخاري إلى السلطة، لا يزال التنظيمان الجهاديان يسيطران على مناطق ريفية شاسعة، فضلاً عن طرق استراتيجية كثيرة يستخدمونها لتنفيذ هجمات ولنصب نقاط تفتيش وهمية بهدف اختطاف عسكريين ومدنيين وموظفين في منظمات غير حكومية.

إطلاق سراح 279 تلميذة

في السياق أُطلق سراح جميع التلميذات الـ279 اللواتي خطفن من مدرستهن الداخلية الجمعة في ولاية زمفرا في شمال نيجيريا ووصلن إلى مقر الحكومة، وفق ما أفاد حاكم الولاية لوكالة فرانس برس الثلاثاء.
وشهدت نيجيريا أربع عمليات خطف طلبة واسعة النطاق في غضون أقل من ثلاثة أشهر، ما أشعل الغضب حيال الحكومة وأعاد إلى الأذهان عملية خطف مئات التلميذات عام 2014 في شيبوك (شرق) والتي أثارت صدمة في العالم.
وقال المحافظ بيلو ماتاوالي لصحافي في فرانس برس «يسعدني أن أعلن أن الفتيات يتمتعن بالحرية الآن. وصلن للتو إلى مقر الحكومة وصحتهن جيّدة».
وشاهد مراسل وكالة فرانس برس مئات الفتيات المحجبات داخل مقر الحكومة.
وأعلنت السلطات في البداية أن 317 تلميذة خطفن خلال هجوم نفّذه مئات المسلحين على «مدرسة البنات الثانوية الحكومية» في قرية جنغيبي النائية الجمعة.
لكن ماتاوالي أوضح الثلاثاء أن «العدد الكامل للفتيات اللواتي خُطفن في المدرسة» هو 279، مضيفاً «جميعهن معنا هنا الآن، نشكر الله».
وأظهرت تسجيلات مصوّرة التقطتها فرانس برس حافلات صغيرة لدى وصولها خلال الليل وفيها تلميذات توافدن إلى المقر.
وكان مسؤولون حكوميون يجرون محادثات مع الخاطفين الذين يشار إليهم محلياً بـ «قطاع الطرق».
وأفاد مصدر بأنه تم التواصل مع «قطاع طرق تائبين» ليقنعوا رفاقهم بالإفراج عن التلميذات.

عصابات مسلحة

كثّفت عصابات إجرامية مسلّحة في شمال غرب نيجيريا ووسطها هجماتها في السنوات الأخيرة، إذ نفّذت عمليات خطف مقابل فديات وعمليات اغتصاب ونهب.
وتم نشر الجيش النيجيري في المنطقة عام 2016 فيما تم توقيع اتفاق سلام مع «قطاع الطرق» عام 2019، لكن الهجمات تواصلت.
وفي كانون الأول (ديسمبر)، خطف أكثر من 300 تلميذ من مدرسة في كنكرا الواقعة في ولاية كاتسينا التي يتحدر منها الرئيس محمد بخاري بينما كان في زيارة للمنطقة.
وتم لاحقاً إطلاق سراح الطلبة لكن الحادثة أعادت إلى الأذهان عملية خطف 276 تلميذة على أيدي جهاديين في شيبوك. ولا تزال العديد من هؤلاء الفتيات في عداد المفقودين.
يذكر أن هذه العصابات تنفّذ عملياتها عادة بدوافع مالية ولا تعرف عنها أي ميول إيديولوجية.
لكن تسري مخاوف من أنها قد تكون مخترقة من قبل جماعات إسلامية مسلحة. وأدى نزاع أشعله الجهاديون قبل عقد إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص واتسعت رقعته ليشمل النيجر وتشاد والكاميرون.
وبينما نفت السلطات دفع أي فديات مقابل إطلاق سراح المخطوفين أخيراً، فإن محللين يستبعدون ذلك بينما يخشى خبراء أمنيون من أن يؤدي ذلك إلى ازدياد عمليات الخطف في هذه المناطق التي تعاني من الفقر الشديد.
وأصر الرئيس بخاري الذي يواجه انتقادات لفشله في التعامل مع الاضطرابات، على أنه «لن يستسلم لابتزازات قطاع الطرق».
وتمثّل عمليات الخطف مقابل الفديات في البلد الأكثر اكتظاظاً في إفريقيا مشكلة وطنية واسعة الانتشار، إذ كثيراً ما يتعرّض رجال أعمال ومسؤولون ومواطنون عاديون إلى الخطف.
ودُفعت مبالغ يصل مجموعها إلى 11 مليون دولار على الأقل لخاطفين بين كانون الثاني (يناير) 2016 وآذار (مارس) 2020، بحسب معهد «إس بي مورغن» للأبحاث الجيوسياسية في لاغوس.
ورفعت عمليات خطف التلاميذ أعداد الأطفال، خصوصاً الفتيات، الذين لا يمكنهم ارتياد المدارس.
وبحسب مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل، فإن المناطق المرتبطة بعمليات الخطف تضم أكبر عدد من الأطفال غير القادرين على ارتياد المدارس في العالم.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق