سياسة لبنانيةلبنانيات

تأجيل اضراب الاتحاد العمالي، وقرار جمعية المصارف بالاقفال يلتقيان على تعطيل حقوق المواطنين

سقطت كل الحلول الداخلية والاعتماد على الخارج الذي لا مطامع له بلبنان

لا يزال الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وامتدت ارتجاجاته الى عدد من دول المنطقة، يحتل واجهة الاحداث ويطغى على ما عداها، خصوصاً بعدما اعلنت منظمات دولية ان عدد القتلى سيتخطى 23 الفاً. الى جانب متابعة اخبار وتطورات هذه الكارثة، يترقب اللبنانيون نتائج الاجتماع الخماسي الذي عقد في باريس وضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر، وتناول البحث الشأن اللبناني وكيفية اخراج هذا البلد من ازماته التي حولت حياة اللبنانيين الى جحيم قاتل. والانباء الواردة من العاصمة الفرنسية اجمعت كلها على ان المباحثات كانت ايجابية، وان التوافق كان ظاهراً بين المجتمعين، فيما قالت انباء اخرى ان وجهات النظر لم تكن متطابقة حول بعض النقاط، الا ان الاراء كانت تصب جميعها لمصلحة لبنان واهله، بعدما تخلت المنظومة الحاكمة والمتحكمة عن مصالحه ومصالح المواطنين، وعملت منذ اكثر من عقدين ولا تزال تعمل على تثبيت مواقعها وتسلطها، وما عدا ذلك لا قيمة له في نظرها.
رئيس مجلس النواب نبيه بري قال ان اللبنانيين ليسوا قاصرين وهم يستطيعون تدبر امورهم بانفسهم، ولا يحتاجون الى الخارج ليقول لهم ما يجب ان يفعلوه. وهذا الكلام فيه الكثير من مجافاة الحقيقة. فلو كان اللبنانيون واعني بهم المنظومة تعرف ما يجب ان تفعله هل كنا وصلنا الى ما نحن فيه اليوم؟ ثم لو كان الامر كذلك لماذا توقف الرئيس بري منذ اكثر من اسبوعين عن توجيه الدعوة الى جلسة نيابية لانتخاب رئيس؟ ولماذا لا يزال هو وكتلته ينتخبان بورقة بيضاء في محاولة لتعطيل العملية الانتخابية؟ ان الواقع المؤلم الذي نتخبط فيه سببه السياسات الخاطئة التي اتبعتها المنظومة اياها منذ سنوات طويلة، ولا تزال ماضية فيها دون اي التفاتة الى الشعب. حيث اصبح كل قطاع في الدولة تخرقه السياسة. فالاتحاد العمالي الذي يراعي بعض المصالح السياسية على حساب مصلحة العمال، الغى اضراباً كان قد دعا اليه اليوم احتجاجاً على تدهور الحياة المعيشية، حيث اصبح اكثر من 80 بالمئة تحت خط الفقر، وقد وصل بعضهم الى الجوع. ولم يكن تحرك الاتحاد العمالي بحجم الويلات التي تحل بالعمال. فلماذا ارجأ الاضراب؟ وهل بات ممنوعاً التعبير عن هذا الواقع الاليم والمطالبة باصلاحه؟ الا يرى الاتحاد العمالي ان العمال بلا كهرباء رغم كل التصريحات الفارغة من اي مضمون، وبلا مياه فيما الثلوج تغمر المدن والقرى وتقطع الطرقات والامطار حولت الشوارع الى انهار، ومع ذلك مياه بيروت وجبل لبنان غائبة عن السمع والبصر، لا اهتمام لها سوى برفع قيمة الاشتراكات، لتأمين البحبوحة لها وحدها. الا يرى الاتحاد العمالي ماذا حل بالاسعار في السوبرماركت، والتي فاقت كل التوقعات، ومعظم اللبنانيين اصبحوا غير قادرين على تأمين حاجاتهم الضرورية للبقاء على قيد الحياة؟ ولن نسترسل في تعداد المآسي ولكننا نسأل الاتحاد العمالي باي ذريعة او عذر الغى الاضراب، وهل هو مرتاح الى الوضع الذي يعيشه اللبنانيون؟
وتلاقي الاتحاد العمالي والمنظومة السياسية في اذلالهما للمواطنين جمعية المصارف، هذا القطاع الذي يتحمل الجزء الاكبر ان لم يكن كل ما وصلنا اليه من فقر وجوع. فهي لا تكتفي بخيانتها الامانة وتبديد اموال المودعين بل ترفض ان يصدر حكم عليها ولذلك كلما حاول مودع الحصول على وديعته بالقانون، تقفل ابوابها، وتعلن الاضراب وتعطل مصالح البلد. فمصالحها هي الاهم ومن بعدها الطوفان. انها تتصرف بهذه الطريقة لانها تعرف انها محمية من شريكتها المنظومة في تبديد اموال المواطنين، التي تكفلت بتعطيل القضاء ومنعه من مساعدة المودعين على استرجاع جنى عمرهم. واذا صدر حكم بهذا الخصوص تلجأ جمعية المصارف الى اعلان الاضراب والاقفال غير عابئة بنتائج وتداعيات قراراتها. فبعدما اخذت اموال المودعين وتصرفت بها دون استشارتهم، هل يهمها ما يحل بالبلد؟
ان الشعب اللبناني اصيب باليأس والخمول. وبدل ان يواجه هذا الواقع القاتل، انه يغرق في سبات عميق، بات من الصعب ان يستفيق منه. حتى التعبير عن وجعه لم يعد مسموحاً به. ولذلك نقول لا الاعتماد على هذا الشعب يجدي نفعاً، ولا انتظار المنظومة لكي يصحو ضميرها يفيد، لانها فقدت الضمير ولم يعد موجوداً لديها. والحل بات في الاعتماد على الخارج، سواء اتى من الامم المتحدة ام من الدول الصديقة للبنان التي لا مطامع لديها فيه. فهي الوحيدة القادرة على انتشالنا من جهنم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق